عرب وعالم

10:29 صباحًا EET

الشيخ محمد بن زايد في اليوم الوطني: الإمارات ماضية بقوة نحو المستقبل بسواعد أبنائها‎

أكد ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، أن دولة الإمارات، في يومها الوطني السابع والأربعين، ماضية بقوة نحو المستقبل، معتمدة على سواعد أبنائها وثقتها بنفسها وقدراتها، وروح الوحدة التي تربط بين أهلها برباط وثيق لا تنفك عُراه، وطموحها الذي لا تحده حدود، ووعيها العميق بالتطورات والتحولات في البيئتين الإقليمية والدولية.

وقال الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، إنه “في كل عام نحتفل فيه باليوم الوطني نفتخر بما حققناه من إنجازات تنموية وحضارية في عام مضى، ونراجع كل الخطوات والبرامج، كما نتطلع بكل أمل وتفاؤل وثقة إلى ما نحققه خلال الأعوام المقبلة.

وفيما يلي نص كلمة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، التي وجهها عبر مجلة درع الوطن بمناسبة اليوم الوطني الـ47 للدولة:

“إن احتفاءنا باليوم الوطني هو رسالة وفاء وتجديد العهد والولاء للوطن ومؤسسيه لما قدموه من جهد وفكر وعمل لتحقيق حلم الاتحاد، وتأكيد العزم على مواصلة العمل من أجل الحفاظ على مكتسبات دولة الوحدة وتعزيز أركانها وجعل رايتها دائما عالية خفاقة في المحافل الدولية”.

إن 47 عاماً من عمر دولتنا الغالية تجسد مسيرة حافلة فريدة في التطور والنجاح والرقي والإنجاز والتغلب على التحديات بروح الإتحاد والعزيمة والإرادة والتصميم، وتؤكد قوة الإنسان الإماراتي وقدرته على الإسهام بالإيجابية في مسيرة التقدم الإنساني.

في هذه الذكرى الوطنية التي تثير في نفوسنا مشاعر الفخر والاعتزاز، نتذكر بكل تقدير ووفاء المؤسسين الأوائل لصرح دولتنا الفتية بقيادة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ” طيب الله ثراه ” الذين وضعوا الأسس القوية لنهوض الإمارات وقيام الإمارات، وتحقيق حلم الوحدة وما تبعها من نجاحات مجددين العزم والعهد على مواصلة المسيرة بكل قوة وإيمان؛ حتى يظل الوطن كما أراده الشيخ زايد والمؤسسين، رحمهم الله جميعاً، عزيزاً قوياً وفي مقدمة الصفوف بحكمة قيادته، ووعي شعبه، وحبه لوطنه، واستعداده للتضحية من أجله بالغالي والنفيس، ونؤكد أن سعادة الإنسان الإماراتي ونهضته وتقدمه ورفاهيته وعزته كانت، ولا تزال، الأولوية القصوى لكل الخطط والاستراتيجيات والسياسات الوطنية؛ لأننا نؤمن بأن ثروة الوطن الحقيقية هي الثروة البشرية، وأن
الإمارات تدخل عصر الثورة الصناعية الرابعة والذكاء الاصطناعي ليس بالمال والنفط، وإنما بالإنسان المتعلم والمؤهل، الذي يملك مهارات العصر والقدرة على الابتكار والإبداع، وخلق الثروة المعرفية من خلال العلوم والتكنولوجيا والبحث العلمي، في ظل عصر سريع التحول على المستويات العلمية والتكنولوجية، وغدت فيه المعرفة أساس الثروة ومصدرها، وأصبحت التكنولوجيا هي معيار التفوق والتميز على الساحة العالمية.

الإخوة والأخوات.. إن الشعوب والمجتمعات المتحضرة لا تنسى زعماءها الذين صنعوا تاريخها، ووضعوا أسس مجدها وعزتها وتقدمها، وإنما تخلدهم، وتسجل ذكراهم في أنصع صفحات المجد والفخار؛ ليظلوا على الدوام مصدر إلهام للأجيال بعد الأجيال، ولقد كان “عام زايد” 2018 تعبيراً عن قيمة الوفاء المترسِّخة في المجتمع الإماراتي، والضاربة بجذورها في أعماق قيمه وأخلاقه؛ فقد مثّل هذا العام مناسبة لتسليط الضوء على ما قدمه هذا القائد الاستثنائي في تاريخ الوطن والمنطقة، بل والعالم من جهد وفكر وتضحية ورؤى ثاقبة سبقت عصرها؛ من أجل بناء تجربة الاتحاد، وتمتين أركانها؛ ومن أجل أن نقف اليوم بكل فخر مرفوعي الهامات تغمرنا السعادة والفرح والاعتزاز والأمل، ونحن نحتفل بمرور 47 عاماً على مسيرتنا الاتحادية المباركة، ولدينا ثقة مطلقة بأن الإمارات ستظل تمضي بقوة إلى الأمام، وأن احتفالها بيوبيلها الذهبي بعد سنوات قليلة سيكون احتفالاً بإنجازها مشروعاتها الحضارية الكبرى التي تهدف إلى جعلها من أفضل دول العالم؛ لأن البنيان كان أساسه قوياً وراسخاً؛ ولأن النهج الذي سرنا عليه على مدى السنوات الماضية كان محوره الأساسي هو الإنسان الذي راهن عليه الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، وآمن بأنه الثروة الحقيقية للوطن، وهي الفلسفة نفسها التي توجه رؤيتنا التنموية، وتحدد أولوياتها وأهدافها في عهد رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان.

لقد كان “عام زايد” 2018.. مناسبة لاستحضار فكر زايد الخير ومدرسته وفلسفته وعبقريته في الحكم والقيادة، وبعد نظره الذي أثبتته وتثبته، كل يوم، مسارات الأحداث في منطقتنا والعالم، ونحن في حاجة مستمرة إلى إبقاء هذا التراث الثري حاضراً في عقول الأجيال، وخاصة الشباب حتى يكون مصدر إلهام لهم؛ لأن مدرسة زايد معين لا ينضب من الدروس والعبر، ليس للحاضر فقط، وإنما للمستقبل أيضاً، وأهم دروسها أن الوحدة وحب الوطن والعمل المخلص والتخطيط السليم والرؤية الواضحة للحاضر والمستقبل هي وصفة التقدم والنهضة في أي زمان ومكان.
الإخوة والأخوات.

في هذا اليوم المجيد من أيام الإمارات نوجه تحية إجلال وإكبار إلى قواتنا المسلحة الباسلة، عماد الوطن، وركنه الركين، وحصنه الحصين، ومصنع الرجال الأقوياء الذين يضربون المثل والقدوة في التضحية والفداء، ويبثون روح الوطنية والانتماء لدى أبناء الوطن جيلاً بعد جيل، ونحيي أبناءنا الأبطال المرابطين في ساحات العز والفخر والشرف على أرض اليمن دفاعاً عن الحق والعدل والشرعية، ودعماً للأشقاء اليمنيين وحقهم في العيش بكرامة واطمئنان وأمن وأمان، إن التضحيات والبطولات التي قدمها أبناء قواتنا المسلحة في اليمن وغيرها من ميادين الواجب سيسجلها التاريخ الإماراتي والعربي والإنساني؛ لتكون شاهدة على نبل الجندي الإماراتي وأخلاقه وشجاعته، والسياسة الإماراتية الثابتة في دعم الأشقاء والوقوف ضد الظلم والطغيان.

في هذا اليوم العظيم نتذكر بكل إجلال وإكبار شهداءنا الأبرار الذين جادوا بأرواحهم الطاهرة حتى تظل راية الإمارات عالية خفاقة، ونحيّي أمهاتهم وآباءهم وذويهم الذين زرعوا فيهم حب الوطن والتضحية من أجله، وقدموا دروساً عميقة في الصبر والوطنية والانتماء.

الإخوة والأخوات.. إن الإمارات، في يومها الوطني السابع والأربعين، ماضية بقوة نحو المستقبل؛ معتمدة على سواعد أبنائها وثقتها بنفسها وقدراتها، وروح الوحدة التي تربط بين أهلها برباط وثيق لا تنفك عُراه، وطموحها الذي لا تحده حدود، ووعيها العميق بالتطورات والتحولات في البيئتين الإقليمية والدولية، وفي كل عام نحتفل فيه باليوم الوطني نفتخر بما حققناه من إنجازات تنموية وحضارية في عام مضى، ونراجع كل الخطوات والبرامج، كما نتطلع بكل أمل وتفاؤل وثقة إلى ما نحققه خلال الأعوام المقبلة.

واليوم فإن كل إماراتي وإماراتية، بل كل عربي، له أن يفتخر بالإنجاز التاريخي غير المسبوق الذي حققته الإمارات خلال عام 2018 متمثلاً في إطلاق القمر الاصطناعي الإماراتي “خليفة سات” الذي صنع بالكامل داخل الدولة، وبأيدٍ إماراتية خالصة، والاستعداد لإرسال أول رائد فضاء إماراتي إلى الفضاء خلال عام 2019، والمضي قدماً في خطة إرسال مسبار إماراتي إلى المريخ بحلول عام 2021، فضلاً عن المراكز المتقدمة التي حققناها في الكثير من المؤشرات التنموية التي تصدرها المؤسسات الدولية المتخصصة، وذلك لأننا نؤمن بأن التفوق لا تصنعه الأماني، وإنما العمل والجهد والإرادة، وأن التقدم متاح للجميع، ولكن شريطة الأخذ بأسبابه ومقوماته، وفي مقدمتها التعليم الذي يُعَدُّ بوابة العبور الآمن والواثق نحو المستقبل المشرق بإذن الله تعالى، والضمانة للحفاظ على استدامة التنمية، ووضع الإمارات في المكانة التي تستحقها بين الأمم، ولأننا نؤمن بأن الاستثمار في الإنسان هو الاستثمار الأمثل، وأننا قادرون على المنافسة في ميادين التطور والتقدم، وبناء اقتصاد متنوع استعداداً لمرحلة ما بعد النفط، من خلال التعليم المتطور والعصري الذي يبني الكوادر البشرية المؤهلة التي تقود قاطرة التنمية الإماراتية إلى القمة على الدوام.

الإخوة والأخوات.. إن دولة الإمارات، بإنجازاتها الحضارية الكبرى، تبث الأمل في قلب كل مواطن عربي، وخاصة الشباب، وتوجه رسالة مهمة مفادها أن العرب قادرون على النجاح والتفوق والمنافسة الحقيقية في مضمار التطور العالمي بقوة الإرادة والطموح والثقة بالذات والتخطيط الجدِّي للحاضر والمستقبل؛ ولذلك فإن ما يتحقق على الأرض الإماراتية يمثل مصدر إلهام للمنطقة كلها، ومصدر فخر واعتزاز لكل عربي؛ لأن إنجازات الدولة تضاف إلى الرصيد الحضاري للعرب، في ظل محاولات تشويه صورتهم والنيل منهم وبث اليأس والإحباط في نفوسهم، إن ما حققته وتحققه، وسوف تحققه بإذن الله تعالى، الإمارات من نجاحات على المستويات كافة، يؤكد للعالم أن العالم العربي ليس تلك الصورة المشوَّهة التي يحاول المتطرفون والإرهابيون تصديرها إلى الخارج، والتي تجد من يتلقفها ويروِّج لها لأغراض خبيثة؛ وإنما له وجه آخر مهم عنوانه الأمل والإنجاز والانفتاح والتسامح والعمل بكل قوة من أجل المشاركة الحقيقية في مسيرة الحضارة البشرية.

الإخوة والأخوات.. منذ إطلاق الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، برنامج التمكين في عام 2005، قطعت الإمارات خطوات مهمة ونوعية على طريق دعم مشاركة المواطنين في الشأن العام، وفي هذا السياق فإن الشعب الإماراتي على موعد مع استحقاق وطني مهم هو الانتخابات البرلمانية 2019، التي تؤكد إيمان القيادة العميق بدور المجلس الوطني الاتحادي في مسيرة التنمية وإعلاء المصلحة العليا للوطن، سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي، لقد كان التعاون الإيجابي الخلاق بين المجلس الوطني الاتحادي والحكومة على مدى السنوات الماضية تعبيراً عن روح المسؤولية الوطنية التي تحكم عمل المجلس، وتأكيد لما يميز الإمارات من وفاق داخلي يمثل صمام الأمان لأمنها واستقرارها وتنميتها.

الإخوة والأخوات.. تمثل الإمارات عنصر استقرار وتنمية وسلام في منطقتها والعالم؛ بفضل سياساتها الخارجية الحضارية والمتزنة التي تقوم على أسس ثابتة جلبت لها الاحترام والتقدير والتأثير في الساحتين الإقليمية والدولية؛ حيث تحرص الدولة على تعزيز علاقاتها مع الأشقاء، والوقوف إلى جانبهم في مواجهة التحديات المشتركة؛ بما يحفظ المصالح العربية العليا، ويضمن حق الأجيال العربية الحالية والقادمة في العيش بأمن وسلام واستقرار، وتبني شراكات فاعلة وقائمة على الاحترام والثقة والمصالح المشتركة مع القوى الإقليمية والدولية؛ بما يخدم المصالح الوطنية، ويصب في خدمة الأمن والسلم العالميَّين، وتنخرط بإيجابية في كل جهد إقليمي أو دولي يهدف إلى مواجهة المخاطر التي تهدد البشرية، وفي مقدمتها التطرف والإرهاب والفقر والجهل والمرض والتغير المناخي وغيرها؛ وذلك من منطلق إيمانها بوحدة المصير الإنساني، وبأن التحديات التي تواجه العالم لا يمكن مواجهتها والتصدي لها إلا من خلال جهد جماعي يقوم على التعاضد والتضامن بين دول العالم وشعوبه، وإضافةً إلى ما سبق تسعى الدولة إلى تشجيع الحوار بين الثقافات والحضارات المختلفة في العالم؛ بما يدعم السلام والتعايش فيه، وأصبحت نموذجاً يشار إليه بالبنان في التسامح والاعتدال والانفتاح بفضل منظومة القيم الحضارية التي تتبناها وتعمل على نشرها على المستويين الداخلي والخارجي؛ ما عزَّز صورتها أمام العالم، بصفتها دولة عصرية ومسؤولة تتصدى لنوازع التعصب والعنصرية والتطرف في ظل عالم يعاني بقوة من مخاطر الطائفية والعنصرية التي تهدد التعايش والسلام بين شعوبه.

الإخوة والأخوات.. ولا يسعني في الختام إلا أن أنتهز الفرصة في هذه المناسبة الوطنية العزيزة لأرفع أسمى آيات التهاني إلى الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، ونائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وأعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات، وإلى الشعب الإماراتي العزيز، باليوم الوطني السابع والأربعين، متمنياً لدولتنا الغالية دوام التنمية والاستقرار والمنعة والرقي وأن تظل على الدوام نجماً ساطعاً في سماء الإنجازات والطموحات.

التعليقات