كتاب 11
(( مشاورات جنيف وفشل غريفث ))
عندما تُفشل مليشيات الحوثي وتعرقل مشاورات جنيف بداية بالتأخر عن وصول الوفد بالموعد المحدد ومن ثم عدم الحضور نهائيا ، فقد اعتدنا من الحوثي المراوغة حين يشعر بالضغط السياسي والعسكري، وأزمة الوصول إلى جنيف واشتراط إرسال مئات الجرحى إلى الخارج عشية بدء المشاورات، لا يمكن قراءته إلا من زاوية التعطيل وعدم الجدية .
الكل كان يعلم حتى وإن حضر الوفد لن يقوم الحوثي بتنفيذ أي التزام ، فمجرد حضوره أصبح مشكلة فماذا عن الصعاب التي تنتظر المشاورات نفسها؟
لا أريد أن أبدو لكم متشائماً لكن المقدمات كانت تدل على النتائج فالواقع كان يقول أن “ليالي العيد تبان من عصاريها” .
الحوثيون كانوا يأملون من هذه المشاورات حدوث وقف إطلاق النار شرطا للمحادثات وحدوث هدنة تنقذ فيها قيادتهم المحاصرة في جبال مران ، وعندما فشلت في تحقيق ذلك وضعوا العراقيل لعدم الحضور ، فتخلف الانقلابيون عن الحضور دليل صريح على نيتهم المبيتة في إفشال أي خطوات يقوم بها المبعوث الأممي من أجل إحلال السلام ورفع المعاناة عن الشعب اليمني .
رفض الحوثيون مغادرة العاصمة التي يسيطرون عليها إلا بعد أن تلبي الأمم المتحدة مطالبهم، ومن بينها السفر على متن طائرة عُمانية ونقل جرحى غير معروفين إلى العاصمة مسقط، وضمان عودتهم الآمنة من جنيف إلى صنعاء ، هي أعذار واهية وغير مقبولة لمن يريد السلام ، لكن ميليشيات الحوثي الإيرانية لا تعرف السلام ولن تعبر في يوم ما عن السلام .
الحقيقة إذا كانت الأمم المتحدة سوف تتعامل مع الحوثي بمثل التقارير التي صدرت عنها مؤخراً، والتي انحازت فيها مع المتمردين وغضت النظر عن جرائمهم، وأيضاً تجاهلت الدور الإرهابي الإيراني في اليمن، فسيكون محكوما عليها بالفشل حتماً ولايمكن أن تكون طرفا ووسيطا لحدوث السلام .
عندما يقول المبعوث الأممي الخاص لليمن أن وفد صنعاء كان حريصاً على الوصول إلى جنيف ، فهو يغالط الحقائق ، فما حدث في جنيف يبرهن ليس فقط على أن المبعوث الدولي لم يجد ضوءاً في آخر النفق بل أيضاً على أنه لم يجد النفق أصلاً ، والغريب العجيب أن مارتن غريفيث يرفض وبشكل مقزز أن ينسب فشل المحادثات إلى الحوثيين .
ما حدث في جنيف يعتبر صفعة قوية يوجهها الحوثي للمبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث بعدما رفض وفدهم الحضور فهل يصحو من غفوته ليعرف حقيقتهم ؟
لذا سيكون على مارتن غريفيث أول مبعوث دولي في تاريخ الأمم المتحدة يعلن فشل محادثات قبل بدأها أصلاً.
أن يغادر مربع الحياد مع الحوثيين ويتحدث عن كونهم من أفشل المفاوضات ، وأفشلوا مهمته التي انتدب لها ، أو أن يكون هو ذاته جزءًا من فشل المهمة .