كتاب 11
عشر سنوات على فقاعة ليمان!
مرت عشر سنوات على انهيار فقاعة شركة «ليمان براذرز»، من قمة الشركات المالية العالمية، لتبدأ حراكاً متتالياً وعنيفاً أدى إلى الأزمة المالية الكبرى في عام 2008. واليوم هناك عدد غير بسيط من العلامات والمؤشرات الجادة التي تستحق التمعن فيها لأنها قد تكون الشرارة التي تنطلق منها الكارثة المالية الجديدة، وأين تكمن «الفقاعة» الجديدة التي يجب الحذر منها؟
الحافز المغري الأعظم في عوالم المال والاقتصاد، هو وجود قناعة بأن المتعاملين في الأسواق قد وجدوا آفاقاً جديدة، فمثلاً في حقبة القرن الثامن عشر كانت الفقاعة بحر الجنوب للقناعة بأنهم «اكتشفوا بلاداً جديدة»، وفي فترة عام 1840 كان جنون السكك الحديدية، وفي بداية 1990 كانت حقبة الإنترنت والتقنية التي تولدت معها، وفي عام 2005 كانت الفقاعة هي «التمويل» نفسه بقروض الإسكان والمنتجات المالية الجريئة والمثيرة للجدل الكبير.
اليوم هناك قلق لا يمكن إخفاؤه ولا تجاهله؛ حرب تجارية علنية وليست مخفية بين الولايات المتحدة وكل من الصين والاتحاد الأوروبي، فيها فرض عنيف للتعريفة الجمركية والضرائب الحمائية. الدولار الأميركي يتم ضخه بكميات هائلة حول العالم لإبطال أي محاولة لفرض اليوان الصيني في الساحة المالية الدولية، وبالتالي أيضاً إضعاف العملات الأخرى مثل اليورو والروبل الروسي والجنيه الإسترليني والين الياباني.
الأسواق الناشئة مصابة بآلام شديدة جداً، فالمتابع لتداعيات أزمة الليرة التركية والانهيار السريع في قيمتها، وكذلك الأمر بالنسبة للعملة الأرجنتينية التي أصيبت بتدهور حاد أجبرت البنك المركزي في بلادها على رفع الفائدة إلى 65 في المائة لحمايتها من المزيد من السقوط، وطبعاً لا يمكن إغفال الوضع الكارثي لفنزويلا إحدى الدول الرئيسية المنتجة للبترول والتي بلغت معدلات التضخم فيها مستويات غير مسبوقة، وتتوقع صحيفة «نيويورك تايمز» أن تصل معدلات التضخم فيها إلى مليون في المائة مع نهاية هذه السنة (نعم قرأتم الرقم صحيحاً مليون في المائة).
سبب القلق والتوتر هو إدراك أن النار الكبرى تنطلق من مستصغر الشرر وأن كرة الثلج لو تدحرجت تأخذ الجميع في طريقها خصوصاً في ظل ترابط الأسواق المالية بعضها ببعض وتأثيرها المباشر نفسياً عبر شبكة الإنترنت الفعالة. وشاهد العالم ذلك قريباً عندما سقطت اليونان بسبب ديونها المتراكمة فسحبت القارة الأوروبية كلها معها في ركود عظيم، والشيء نفسه حصل عندما سقطت شركات مثل «وورلد كوم» و«إنرون» و«ليمان» فسحبت أسواق مالية عالمية خلفها.
هناك اعتقاد عظيم وقناعة عريضة بأن الأسواق ضعيفة وعرضة لهزة عنيفة جداً جراء «فقاعة» قيل إن الفقاعة ستكون العملات الافتراضية مثل «البيتكوين» وغيرها، ولكن هناك قناعة جديدة بأن الفقاعة ستأتي بشكل مغاير جراء حرب العملات والصراع التجاري الكبير بين الدول المؤثرة.
هناك مثل هندي قديم ومهم يقول: «حينما تتصارع الفيلة يموت العشب». وهذا ما يحصل الآن ولكن بالسرعة البطيئة.
معالم الحرب التجارية ظهرت ولا تزال مستمرة وسيكون لها آثار مدمرة على الأسواق المالية حول العالم؛ لأنها تبقى دوماً هي الحلقة الأضعف والأكثر تفاعلاً بشكل فوري مع المتغيرات.