تحقيقات
نظرة على تاريخ ونشأة المطبخ “القطري الإيراني” المشترك…!!
يُمكن بعد استقراء دقيق لطبيعة الاحداث التي تجتاح المنطقة إضافة الى الزيارة التي يقوم بها الناطق الرسمي لجماعة الحوثيين /محمد عبد السلام الي لبنان ولقائه بالأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله أن نجد ماهية مدلولات تقودنا إلى صفقة ما تمت في الماضي ولازلت سارية المفعول بين النظام الإيراني ونظام الحمدين تقضي بإنشاء محور شرق اوسطي إيراني قطري ” في مواجة المحور الأخر المتمثل بـ المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة “.
هذا بعد ان اختارت قطر لنفسها العزلة.. وفضلت الارتماء بأحضان الملالى منذُ وقت مبكر. تاركة خلفها جل القيم والمبادئ العربية، والقوانين والتشريعات المنبثقة عن مجلس التعاون الخليجي المحدد لسياسة الدول المنضوية في إطار مجلس التعاون لدول الخليج العربي.
العلاقات الإيرانية القطرية ليست وليدة اللحظة، تاريخيا.. ورغم أن إيران بعد الثورة رفعت شعار تصدير الثورة بغية إسقاط أنظمة دول الجوار بسبب علاقاتها بالغرب و”الشيطان الأكبر كما تقول” ظلت العلاقات بين طهران والدوحة تتوسع، وكانت إيران تقف مع قطر في خلافاتها الحدودية مع المملكة العربية السعودية، ولهذا السبب بعث الأمير الأسبق برسالة شكر في مايو 1992 إلى الرئيس الإيراني الأسبق هاشمي رفسنجاني ليشكره على دعم بلاده لقطر في خلافاتها مع السعودية…!! ويبدو أن طهران ترى في تعميق العلاقات والتعاون مع قطر على المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية فرصة لإيجاد موطئ قدم لها في مجلس التعاون لمواجهة السعودية والإمارات.؟
شهدت العلاقات بين البلدين المزيد من التطور خلال زيارة الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي لقطر في مايو 1999، ودعمت إيران قطر لاستضافة مؤتمر القمة الإسلامي حينها، وتطورت العلاقات بعد انتخاب محمود أحمدي نجاد، وبلغ التعاون مع إيران ذروته عندما دعت قطر الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد في عام 2007 لحضور مؤتمر قمة الخليج في الدوحة كضيف شرف.
وفي الوقت الذي كانت الدول العربية بشكل عام والخليجية بشكل خاص قلقة من الأنشطة النووية الإيرانية وتدعو المجتمع الدولي إلى اتخاذ مواقف صارمة منها، كانت قطر في عام 2006 العضو الوحيد بين 15 عضوا في مجلس الأمن الذي صوت ضد قرار مجلس الأمن رقم 1696 حول الملف النووي الإيراني والذي دعا طهران إلى إبداء المزيد من الشفافية على هذا الصعيد….
وقع البلدان في أكتوبر 2015 اتفاقا أمنيا عسكريا تحت مسمى “مكافحة الإرهاب والتصدي للعناصر المخلة بالأمن في المنطقة “،وذلك بعد عقد 12 اجتماعا سبق آخر اجتماع لمسؤولين أمنيين للبلدين في 2015، وشمل الاتفاق الأمني العسكري “إجراء تدريبات عسكرية مشتركة” أيضاً، مما جعل المراقبين يصفون تلك الاتفاقية خطوة على طريق انسحاب الدوحة من مجلس التعاون الخليجي، حيث رغم عضوية الدوحة في مجلس التعاون كانت رحبت باقتراح إيراني لإنشاء “منظمة دفاعية أمنية إقليمية”، وذلك خلال حكم محمود أحمدي نجاد وحضوره في اجتماع قمة مجلس التعاون.
وكان البلدان وقعا الاتفاقية الأمنية العسكرية في أكتوبر 2015 إلا أن المداميك الأولى لها وضعت قبل ذلك بسنين قبل انطلاق الربيع العبري القطري الإيراني أي” في 23 ديسمبر 2010 أثناء زيارة أمير قطر السابق إلى طهران والتقائه بالمرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، ليشمل الاتفاق التعاون الأمني بين الحرس الثوري والجيش القطري أيضا، وإيران تعلم جيدا أن قطر لها نفوذ بين المجموعات المسلحة المنتشرة في المنطقة، الأمر الذي دفع طهران التي تقود هي الأخرى ميليشيات طائفية مسلحة في مناطق الصراع إلى المزيد من التنسيق بين البلدين للحيلولة دون اصطدام غير متوقع يضر مصلحتيهما.
فعلى سبيل المثال لا الحصر نشير إلى سيطرة النصرة على منطقة عرسال اللبنانية 2013، حيث أسرت عددا من القوات اللبنانية ومن أعضاء حزب الله، وهنا جاء الدور القطري من خلال الاتصال بإيران وحزب الله اللبناني، حيث أدى التوسط القطري إلى إطلاق سراح الأسرى اللبنانيين الشيعة من الجيش وحزب الله.وهنا يتضح بعض من ملامح المطبخ المشترك” القطري الايراني “وتاريخ نشأته والاذرع المتصلة به..!!
وحاولت قطر دائما الاستفادة من الخلافات بين طهران وأغلبية الدول الأعضاء في مجلس التعاون خدمة لمصالحها الضيقة، لتدفع بسمومها باتجاه كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة واليمن والمنطقة، وهذا يفسر إصرار الدوحة على “اعتبار إيران جزءاً من الحل الأمني في المنطقة” ورفضها اعتبار طهران جزءاً من المشكلة.
مصالح اقتصادية مشتركة أهم ما يربط البلدين اقتصاديا هو حقل الغاز المشترك بينهما في مياه الخليج العربي. حيث تبلغ مساحة هذا الحقل 9700 كيلومتر مربع، وتمتلك قطر 6000 كيلومتر مربع منه، وإيران تمتلك 3700 كيلومتر مربع منه.
من ناحية أخرى، فإن قطر تحاول تطوير العلاقات الاقتصادية مع إيران على مختلف الصعد، خاصة لجلب الاستثمارات الإيرانية وتغيير وجهة مستثمرين إيرانيين من أماكن أخرى في الخليج إلى الدوحة، كما أنها تبحث عن فرص للمستثمرين القطريين في إيران، وعلى هذا الصعيد وقع البلدان منذ 1991 اتفاقيات عدة في مجال النقل الجوي والتعاون التقني والعلمي والثقافي والتعليمي.
أخذت إيران في وضع استراتيجية تهدف إلى التمدد عبر دول الشام والعراق، وجدت في شيعة لبنان نقطة ارتكاز فدعمت (حزب الله) اللبناني، وبدأ التقارب بين قطر وإيران عام 1992م، في تطبيع العلاقات الثنائية بين طهران والدوحة، بدعم من الرئيس الإيراني الأسبق هاشمي رفسنجاني، ما حدا بالأمير القطري خليفة بن حمد آل ثاني إلى إرسال رسالة شكر له لموقفه الداعم لقطر.
وفي 1999م قام الرئيس الإيراني خاتمي بزيارة إلى الدوحة شهدت توقيع مذكرة تفاهم حول عدد من القضايا السياسية الإقليمية والدولية،ودعا البيان المشترك الي ضرورة التمييز بين العمليات الإرهابية والمقاومة المشروعة (إشارة لدعم حزب الله)، وكان أحد الآثار المهمة لتلك الزيارة التنسيق بين الطرفين لدعم حزب الله وحركة حماس الفلسطينية، وهو الأمر الذي صار من أقوى نقاط التقارب بين الدولتين في الفترة اللاحقة.
2000م قام أمير قطر السابق حمد بن خليفة آل ثاني بزيارة إلى طهران، وكانت تلك الزيارة هي الأولى التي يقوم بها حاكم دولة خليجية إلى الجمهورية الإيرانية منذ اندلاع الثورة الإسلامية والإطاحة بحكم الشاه، كان لافتاً الدور القطري المُشجع للتقارب الخليجي مع إيران، ووصل التقارب إلى اعتراض قطر التي كانت عضواً في مجلس الأمن على قرار حظر السلاح النووي وقال مندوبها (إن من حق إيران امتلاك برنامج نووي سلمي).
بلغ التعاون بين الدولتين ذروته في ديسمبر 2007، عندما قامت قطر بتوجيه دعوة رسمية للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، لحضور مؤتمر قمة الخليج الثامنة والعشرين في الدوحة كضيف شرف، وكان نجاد أول رئيس دولة أجنبية يحضر تلك القمة، ما أثار دهشة بعض الدول الخليجية واستهجانها، وفي 2010م تم توقيع وثيقة التعاون الدفاعي بين البلدين، لتربط قطر للمرة الأولى في 2015م عسكرياً باتفاق تدريب مع الحرس الثوري الإيراني لحماية السواحل القطرية من خطر الإرهاب، وحاولت الدوحة الترويج لطهران لإنشاء «منظومة دفاعية أمنية إقليمية» لكنها فشلت عندما رفضت الرياض وأبوظبي ذلك المشروع العسكري.
تكفلت قطر بدعم وكلاء إيران في المنطقة العربية، فلقد كان للدور القطري الذي لعبته الدوحة في الإفراج عن المخطوفين اللبنانيين الذين احتجزتهم قوات المعارضة السورية عام 2012م في محافظة حلب، وكذلك دورها في صفقة راهبات صيدنايا مقابل معتقلات سوريات من ضمنهم كانت زوجة البغدادي زعيم تنظيم «داعش»، وكذلك دور قطر في صفقة جبهة النصرة الإرهابية مع حزب الله الإرهابي في عرسال اللبنانية عام 2013م، ولعبت الدوحة دورها حتى تمت الصفقة وأفرجت النصرة عن الأسرى من عناصر الجيش اللبناني والحزب الإرهابي.
واتضح التنسيق بين النظامين وبلغ ذروة قبحه منذ انطلاق الشرارة الاولي لأحداث الربيع العبري ..تلك الاحداث المأساوية المدمرة التي مثل النظام القطري والإيراني رأس الحربة في ما حدث ولازال منذُ 2011م وحتي الان ،وما خلفته تلك الاحداث المبيته من دمار وخراب وانهيار للأنظمة والبلدان وقتل وتشريد وتجويع لمواطنيها وانتهاك سيادة وتشرذم وتمزق لأراضيها ، في اليمن ظهرت قطر بدعمها للحوثيين وشرعنه وجودهم السياسي منذ حربهم مع الجيش اليمني في 2008م عندما رعت اتفاق بين المليشيات الحوثية والحكومة اليمنية آنذاك مما فتح الباب للدوحة وطهران لتمويل الحوثيين بالسلاح والأموال عبر تغطية ذلك التمويل باتفاقيات تنمية صحية وتعليمية مختلفة.
أعقب ذلك شرعنه قطريه للمليشيات الحوثييه كطرف في المعادلة السياسية اليمنية تماماً بعد اتفاق وقف إطلاق النار. ووصل الدهم القطري الي مرحلة تسريب معلومات عسكرية واحداثيات عن مواقع لقوات التحالف العربي للحوثيين لقصفها. ولازال الدعم حتى هذه اللحظة.
في المقابل كان حزب الله اللبناني أكثر الرابحين من التقارب القطري الإيراني فقد استُقبل أمير قطر في 2006م بترحاب كبير في البلدات التي مر فيها، وامتلأت الشوارع اللبنانية المختلفة بإعلانات تحمل عبارة «شكراً قطر»، كما نظّم له «حزب الله» استقبالاً شعبياً مشهوداً في «بنت جبيل» معقل الحزب، وأعطت زيارة أمير قطر للجنوب اللبناني – في ذلك الوقت- دفعاً كبيراً للدعاية الإعلامية التي يتبناها «حزب الله» وحلفاؤه، والقائمة على أساس أن سوريا وإيران، مضافاً إليهما قطر? باتت تشكل محوراً إقليمياً في مواجهة محور «الاعتدال» العربي، ما من شأنه تغيير وجه الشرق الأوسط.
تعتمد قطر بشكل كبير على أدواتها الإعلامية المنضوية في اطار المطبخ المشترك “القطري الإيراني” كقناة الجزيرة ومؤسساتهما الثقافية كنقاط للتأثير في محيطها العربي والإقليمي، والنظر إلى الطريقة التي غطت بها قناة الجزيرة القطرية الانتخابات الإيرانية الأخيرة مثلاً، يوضح التوجه القطري نحو إظهار إيران كدولة ديمقراطية تتجاوز ديمقراطية الغرب.
ويبدو أيضا أن «قناة الجزيرة» القطرية لم تجد سبيلاً لمواجهة ما تبثه وسائل الإعلام المختلفة حول علاقة النظام القطري الإيراني بالإرهاب وتمويله غير أن تمارس وصايتها على الكذب والبهتان وتزييف الحقائق، فمجدداً عادت «قناة الجزيرة» لتقدم فيلماً انتجته بعنوان (الوصاية) تدعي فيه أن التحالف العربي في اليمن تحول إلى قوة غزو واحتلال، فيلم نسج خيوطه النظام الايراني و تقرير مولته الحكومة القطرية في شهر يونيو 2017م عبر منظمة وهمية اسمها (منظمة سام) تابعة لتنظيم الإخوان المسلمين الفرع اليمني، ومسجلة في شرق آسيا بعنوان لمطعم غير معروف.
هذا التقارب الذي لا يُمكن أن يكون عابراً بل إن هناك منّ مرر وسعى بقصد إلى صناعة هذا المسار من العلاقات السياسية والاقتصادية والعسكرية والإعلامية بين الدوحة وطهران، وهذا يؤكد أن قطر لن تتراجع سريعاً عن خطها لدعم وتمويل الإرهاب المتمثل بالمليشيات الشيعية والسنية التابعة لهافي المنطقة فهي تنفذ مهامها المطلوبة منها كواجب على القيادة القطرية التي يمثلها (الحمدين) في إطار “المطبخ المشترك “يمتلك فيها المرشد الأعلى الإيراني العصمة…والقرار.
أخيرا تستطيع القول هنا بان المطبخ المشترك هو صاحب الحق في اتخاذ القرار السياسي والعسكري في اليمن بحسب التفويض المقدم من المليشيات الحوثييه “التفويض الذي حول الأرض والعرض والدم اليمني الي ورقة يتحكم بها مراهقي السياسة وارجوحة ترمي من طهران الي الدوحة ثم الى طهران مجددا..”