كتاب 11
السعودية… مواقف في نصرة الأشقاء
الموقف السعودي الأخير من الأردن ليس بغريب. مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز للقاء عاجل مع قادة الكويت والإمارات العربية المتحدة والأردن لتقديم دعم عاجل للأردن لمواجهة الأزمة الاقتصادية الحادة التي يعاني منها وباتت معروفة للجميع، هي حلقة جديدة من المواقف السعودية «الحازمة» لنصرة الأشقاء ونجدتهم بالشكل الواقعي العملي لا بالشعارات الفارغة كما يحصل مع نظام الانقلاب في قطر الذي لا يقوم بأي شيء سوى تأجيج نار الفتنة، وإشعال الاضطرابات، وقلب الأنظمة، ودعم الإرهاب والتطرف، كما بات معروفاً.
مواقف السعودية في دعم ونصرة إخوانها ليست بجديدة. السعودية كانت رأس الحربة في حرب تحرير الكويت، وفي دعم العراق مراراً وتكراراً سواء في حربه ضد نظام الخميني أو في مساعدته الآن للعودة إلى أحضان الأمة العربية.
السعودية كانت أيضاً وراء إنهاء الحرب الأهلية المدمرة في لبنان وإرساء أرضية سياسية جديدة تحت مسمى اتفاق الطائف. السعودية كانت خلف البحرين وأمنها من السقوط في قبضة النظام الإرهابي الخميني. السعودية هي خط الحماية الأول للشرعية في اليمن وتحريره المتواصل من عصابات الشر الانقلابية الطائفية. السعودية هي رأس الحربة في مواجهة مشروع إيران الانقلابي الطائفي في العالم العربي. والسعودية كانت السند الأكبر للشقيقة مصر في تدخلها لإنقاذها من فتنة تنظيم الإخوان المسلمين ونصرة الشعب المصري.
وها هي السعودية اليوم تتصدر المهمة بتلبية النداء لحل عملي وفوري مع الأشقاء لتقديم حل فوري وسريع لعلاج مشكلة الأردن الاقتصادية الدقيقة.
هذا السرد السريع لبعض مواقف السعودية في نصرة الأشقاء مقارنةً مع ما يروج له نظام الانقلاب في قطر من تأجيج للشارع في الأردن ودعوة صريحة لتغيير نظام الحكم في الأردن (وهو تماماً ما يسعى إليه اليمين الصهيوني) يؤكد لنا مجدداً الفارق الأخلاقي بين السعودية وقطر. المسألة لا علاقة لها بنهج سياسي ومبادئ اقتصادية ووجود خلافات في وجهات النظر… أبداً. لا يجب النظر إلى المقارنة بهذا الشكل، الموضوع ببساطة هو الفجوة الأخلاقية. السعودية تنجد الأشقاء وتقف معهم بشكل نخوة وأصالة، وقطر لا تستطيع أن تقف مع أشقائها بنخوة لأن فاقد الشيء لا يعطيه.
المبادرة السعودية للوقوف مع الأردن هي الخطوة الأخلاقية السليمة والسوية لأن أردن مستقراً هو لصالح المنطقة ككل. من المهم جداً التعاطي مع المشكلة الأردنية بشكل جدي للغاية، وأن هناك مشكلات بحاجة إلى علاج جذري من الداخل لتحسين الأداء الإداري وفتح المجال الاستثماري في مجالات السياحة والصناعة والتعليم والطب بمغريات حقيقية بعيداً عن العصا الضريبية الغليظة، فثقافة الجباية ليست بالضرورة الحل الناجع الوحيد، وهناك مسؤولية جماعية على العرب لمد يد العون، وهذا ما يحدث، ولتكن هذه مكالمة إيقاظ لوضع خريطة طريق لدعم الأردن من الداخل والخارج.