كتاب 11
أهلاً بالسينما!
احتفلت السعودية بدخول السينما رسمياً لأول مرة في تاريخها بشكل علني ومقنن ومصرح به من الجهات الرسمية. قبل ذلك كانت السينما موجودة بشكل متغاضى عنه ومن دون تقنين رسمي بالتصريح بها وبمنشآتها.
اليوم السينما تعود للسعودية عبر مشغلين عالميين سيقدمون الفن السابع بأحدث التقنيات الحديثة، وأهم أساليب الضيافة والتجهيزات المريحة وبأعداد أكبر من كافية للشاشات وصالات العرض التي من المتوقع أن تنتشر في مناطق السعودية كافة.
ومع وجود دور العرض الكافية، سيكون للمنتجين الشجاعة المطلوبة للقيام بإطلاق صناعة سينما محلية تقدم المضمون المحلي المطلوب واللائق. وهذا المضمون المطلوب واللائق يأتي من الذاكرة الجمعية لأجيال السعودية عبر أحداث مفصلية حدثت لهم من الممكن أن تقدم بشكل «ملحمي» سينمائي، فهناك قصة توحيد السعودية على أيدي المؤسس الراحل الملك عبد العزيز ورجاله والبطولات والتحديات التي حدثت خلال تلك الحقبة المهمة. وطبعاً هناك أحداث مفصلية أخرى في التاريخ السعودي الحديث تصلح وبامتياز لتكون مادة سينمائية استثنائية، مثل احتلال جماعة جهيمان الإرهابية للحرم المكي الشريف، وتداعيات هذا الحدث الجلل على الواقع الاجتماعي السعودي، وحادثة قيادة الخمسين امرأة للسيارات في العاصمة السعودية الرياض، وما تعرضن له جراء ذلك، وواقعة «التطليق» لعدم كفاءة النسب التي تمزق أسراً بكاملها نتيجة تعصب وجهل مقيت، وغير ذلك من الأحداث المفصلية التي أثرت بشكل أو بآخر في المجتمع السعودي وكونت واقعه الذي يعيشه اليوم.
بالإضافة إلى كل ذلك، هناك كم مهم جداً من الإنتاج الروائي الأدبي الذي من الممكن أن يتحول إلى أعمال سينمائية مبهرة ولافتة ومؤثرة. رواية عبد الرحمن منيف «مدن الملح»، ورواية غازي القصيبي «شقة الحرية»، و«ثلاثية» تركي الحمد، ورواية رجاء عالم «خاتم»، وروايات رجاء الصانع وأميمة الخميس وبدرية البشر ومحمود تراوري وعبده خال وغيرهم كثيرون… كل هذه الأعمال قدمت فحصاً مخبرياً لمقاطع من المشاهد الاجتماعية والاقتصادية والثقافية في ظروف وتحديات مختلفة شكلت وكونت الحالة السعودية التي عليها اليوم.
بقدر الفرحة المقبلة بإنجاز فتح الدور السينمائية لأول مرة في تاريخ السعودية بشكل رسمي ومقنن… هذه الفرحة يجب أن تكتمل بإنشاء صناعة سينمائية حية ومتكاملة تقدم مواضيع ومضامين من الداخل السعودي لتكون أرشفة بصرية ترفيهية لحقب التحديات اللافتة والمهمة التي ناقشت وواجهت فيها قضايا الجهل والتعصب والإرهاب والعنصرية والتمييز والتطرف بشكل درامي وسينمائي يليق بسعودية جديدة واثقة… سعودية خلعت رداء الماضي بكل إشكالياته بلا عودة.
أهلاً بالسينما في السعودية بانتظار ألف أهلاً بها عندما نرحب بمضمون سينمائي سعودي يليق بذلك.