كتاب 11
سوريا: الخروج عن النص!
ما الذي يحصل في سوريا؟ هذا السؤال الذي يحاول الإجابة عنه مرتزقة تنظيمات وميليشيات الإرهاب التابعة لإيران الموجودون بكثافة على الأراضي السورية. وهذا السؤال يتكرر بكثافة بعد «ضربات» مركزة لأهداف تابعة لوجود قوات الحرس الثوري الإيراني وتنظيم ميليشيات «حزب الله» الإرهابي من دون أي اعتراض من منظومة الدفاع ضد الصواريخ الروسية العتيدة، وكأن الأمر يبدو واضحاً بأن هناك اتفاقاً روسياً إسرائيلياً للخلاص من الوجود الإيراني الذي بحسب روسيا لم يعد له داع ولا مبرر، وأن الأمر السياسي والأمني برمته يجب أن يعود للروس وللروس فقط، فهم الذين أمنوا وضمنوا الحفاظ على نظام الأسد وليس إيران ولا مرتزقتها.
اعتداءات متكررة على العتاد والأفراد وعمليات اغتيال «مجهولة» ضد قادة للحرس الوطني وإرهابيي تنظيم «حزب الله». الأسد يبدو أنه أوضح للروس أنه لا يستطيع «الخلاص» من إيران وسلطتها في سوريا، خصوصاً أن تنظيمات المخابرات السورية في تركيبتها المعقدة ولاؤها بالأساس لأجهزة إيران، بينما ولاء الجيش والمؤسسة العسكرية تابع للروس بشكل أساسي وأكيد.
كانت هذه المسألة واضحة وجلية جداً على وجه زعيم تنظيم «حزب الله» الإرهابي حسن نصر الله في خطابه الأخير، الذي بدا عليه التوتر الشديد والقلق الواضح والخوف العظيم، وبدأ في الوعيد الأجوف والتهديد الفارغ، ومقولة إن كل ما كان قبل قصف موقع الحرس الثوري في المطار العسكري بسوريا شيء وما بعده شيء آخر. وهو دليل على إحساسه بأن قواعد اللعبة قد تغيرت، بل إنه سياسيا بدأ في تحسس رقبته بقلق وذعر ورعب لا يمكن إغفاله ولا تجاهله أبداً.
روسيا هي صاحبة قرار سوريا، والرئيس بوتين لن يقبل بأدوار لا لمرشد الثورة ولا لكبير الإرهابيين اللذين ينافسان على الوجود على الأرض التي واجه العالم لأجلها.
هناك حيرة بالغة الدلالة في الوسط السياسي بإيران في كيفية التعامل مع التطورات الأخيرة، فهم يكادون يلفظون التهمة بأن «الشريك» الروسي قد خان العهد و«باع» صاحبه في وسط الطريق لأجل نفسه، ولكنهم يتمنعون في اللحظات الأخيرة عن تسمية الأمور بأسمائها الصريحة ويفضلون التلميح، ولكن القراءة بين السطور ليست بحاجة لكثير من الوعي والفهم والإدراك لفك شفراتها وقراءة طلاسمها، فحتى الشعب الإيراني بدأ يدرك ذلك فتفاعل مع القصة مما أدى إلى طلب متعاظم على العملة الصعبة بسبب تهاوي قيمة العملة الإيرانية إلى مستويات دنيا غير مسبوقة منذ فترة طويلة من الزمن.
المشهد الروسي يتغير، وروسيا اتخذت قرارها بإخراج إيران، وتبقى متابعة الأسلوب والكيفية التي ستتم بها.