علوم وتكنولوجيا
الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية:”كل أسرار مستخدمي الإنترنت مراقبة”
نشر الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية، مقالاً لأحد المتخصصين يحذر فيه بشدة من “السيطرة الاجتماعية” المخيفة التي باتت تتمتع بها وسائل التواصل الاجتماعي، وتؤثر على مختلف مناحي الحياة، عبر معرفتها للبيانات الضخمة، عن ملايين البشر وفي مختلف دول العالم.
وفجر دانيال جيلمور، المتخصص بالتقنيات مفاجأة في مقال نشره الموقع الإلكتروني للاتحاد الأميركي للحريات المدنية، عندما تناول قضية اختراق وتسريب ومراقبة البيانات “حتى لو لم يملك الشخص حساباً على مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر”، مؤكدا أن هذه البيانات يجري أخذها وتسريبها وبيعها وتحليلها والاستفادة منها والتأثير بها على المجتمعات من دون رقيب أو حسيب من التشريعات أو القوانين، ومن دون عرضة للعقاب أيضاً.
فضيحة كامبريدج أنالاتيكا
وتقفز التحذيرات من حماية الخصوصية، للواجهة بقوة بعد فضيحة شركة الاستشارات السياسية البريطانية، “كامبريدج أنالاتيكا”، المتورطة بتسريب بيانات 87 مليون شخص من مستخدمي شبكة #فيسبوك، والرقم مرشح للزيادة وربما يصل إلى أعداد أكبر حول العالم.
وتظل الفضائح تتوالى في هذه القضية الشائكة، بعد أن اعترف مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة “فيسبوك”، أن بياناته الشخصية كانت ضمن بيانات 87 مليون مستخدم، جمعتها شركة “كامبريدج أنالاتيكا” من دون حق، وهي الشركة التي قدمت خدمات لحملات انتخابات رئاسية واستطلاعات عالمية، مثل حملة ترشح الرئيس الأميركي دونالد ترمب، واستطلاع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وخضع زوكربيرغ لـ 10 ساعات من الاستجواب أمام الكونغرس الأميركي بشقيه النواب والشيوخ، على مدى يومين متتالين وخرج من التجربة في موقف جيد، وفي 40 مرة لم يجب مؤسس فيسبوك على أسئلة أعضاء الكونغرس وطلب العودة إليهم بإجابات مكتوبة.
بيانات ضخمة للسيطرة والظلم
لكن فيسبوك وغيرها من شركات الويب الضخمة، بحسب المقال المنشور على موقع الاتحاد الأميركي للحريات المدنية، “تمثل دفعة قوية نحو السيطرة الاجتماعية المركزية غير الخاضعة للمساءلة، والتي يعتقد أنها ستجعل مجتمعاتنا تمعن أكثر في عدم المساواة والظلم”.
ويعتبر المقال أن “فضيحة كامبريدج أنالاتيكا هي مثال واحد لهذه المشكلة التي طال أمدها فيما نسميه اقتصاد المراقبة والذي يجعل كل شخص متواجداً على الإنترنت أو عبر الإيميل أو عبر تصفح المواقع عرضة للمراقبة” وقياس توجهاته وسرقة بياناته وبيعها إلى جهات استشارية تستخدمها في دراسات علم النفس السلوكي أو دراسات توجهات المستهلكين أو توجهات الناخبين، من دون إذن من أصحاب تلك البيانات.
ويقسم المقال مخاطر تسريب البيانات، وكشفها في حالتين الأولى لمن يمتلكون حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، وهم عرضة لمعرفة أسرارهم وتوجهاتهم وتوجهات أصدقائهم وأقاربهم وذوي الصلة بهم، من مختلف النواحي بالعمل أو بالمنزل، وبالتالي معرفة ميولهم السياسي، ومعرفة تحركاتهم، وقدراتهم ورغباتهم، ومن يتابعونهم على المواقع التفاعلية.
أنت مخترق بدون حساب فيسبوك!
وفي الشق الثاني الأكثر خطورة يعرض المقال، لمراقبة البيانات بشكل تجاري أو سياسي أو اجتماعي، حتى لأولئك الذين لا يملكون حسابات في “فيسبوك” أو “تويتر” طارحا عدة أمثلة من بينها عند إرسال إيميل أو تصفح مواقع عدة، يواجه المستخدمون للإنترنت إعلانات واستبيانات تكشف أنهم مراقبون لحظة بلحظة، وترسل لهم إشارات توحي بأن توجهاتهم باتت معروفة، وهذه الظاهرة تتطور حتى تأخذ شكل “السيطرة المركزية” من جهات تملك سلسلة من البيانات الضخمة عن عدد هائل وربما غير محدود من مستخدمي التقنية.
ويطلق المقال المنشور من قبل الاتحاد الأميركي للحريات المدنية، تحذيرات أشد خطورة، تتعلق بأن كل شخص مخترق من الـ 87 مليون مستخدم في فيسبوك، وغيره الملايين من حسابات أخرى، يمكن من خلاله للشركات القيام باختراق أشخاص آخرين عبر الإيميل الذي يستخدمه، أو الرسائل المتبادلة مع الآخرين، أو حتى المواقع الإلكترونية التي يزورها، وبالتالي فإن التعامل مع شخص مخترق عبر الإنترنت، يضيف مخاطرة جديدة من نوع مركب ومتطور لهذه الاختراقات المخيفة، والتي تزيد من مخاوف السيطرة على المجتمع عبر الإنترنت، او ما يسميه المقال بـ “اقتصاد المراقبة”.