منتدى وتكريم!

شاركتُ بالأمس في الاحتفالية الإعلامية السنوية الكبرى، المعروفة باسم «منتدى الإعلام العربي»، التي ينظمها نادي دبي للصحافة، وكانت بعنوان «تحولات إعلامية مؤثرة».
المنتدى شهد حضوراً مميزاً، يزيد عدد المشاركين في فعالياته الثرية والمتنوعة على ثلاثة آلاف من دول العالم العربي المختلفة. وكان التنظيم مبهراً كعادة الفعاليات التي تعقد وتقام في مدينة دبي.
كانت هناك فرصة طيبة للتواصل مع رموز إعلامية من مختلف المجالات، وحضور ندوات مميزة، استمعت فيها إلى طرح «الجيران» الصديق مأمون فندي، وهو يقوم بتحليل الشرق الأوسط الجديد برؤية إعلامية، والأستاذة سوسن الشاعر وهي تتحدث عن أبعاد إعلامية جديدة. وكانت مشاركة مهمة تلك التي قام بها وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد آل خليفة، والتي استعرض فيها الوضع السياسي في المنطقة بشكل سلس ومباشر.
كذلك كانت هناك مشاركات لافتة ومميزة لكل من نايلة تويني، رئيسة تحرير صحيفة «النهار» اللبنانية، والدكتورة ابتسام الكتبي، ونديم قطيش، ونبيل الحمر، وفواز جرجس، وغيرهم من الأسماء الكبرى في الإعلام العربي.
هل يوجد حقاً شيء باسم هذا المسمى؟ من ينطق باسم الإعلام العربي؟ هل هو الإعلام الحكومي الرسمي، أم الخاص؟ أم الشعبوي الجديد؟ علماً بأن هناك إعلاماً ناطقاً باللغة العربية يصدر من دول «غير عربية»، مثلما يحصل الآن مع القنوات الفضائية الناطقة باللغة العربية، من الصين وتركيا وإيران وألمانيا وفرنسا وروسيا وأميركا، وما هو آت من كوريا واليابان، مع عدم إغفال المواقع الإخبارية الناطقة باللغة العربية من مصادر «غير عربية».
الإعلام العربي صُوّر وعُمم بقوة كمصطلح في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، وأساساً جاء عن طريق شركات الدعاية والإعلان، لتوجيه المعلنين من الشركات العالمية المتعددة الجنسيات لترويج مطبوعات «لبنانية» بعينها، وتصنيفها هي وحدها على أنها إعلام عربي؛ رغم أن إجمالي توزيعها لم يكن يتجاوز صحيفة «الأهرام» مثلاً التي لم تصنف قط من قبلهم.
الإعلام العربي كان نخبوياً، له علاقة بالقدرة الثقافية والاقتصادية، واليوم تحول إلى إعلام شعبوي. مشكلة الإعلام العربي هي في هويته، فهو «يعتقد» أنه سلطة رابعة، ولكن بغياب فعال للسلطات الثلاث الأولى، لن يكون هناك وجود فعال للسلطة الرابعة على أي حال.
الإعلام العربي يعاني من ضجيج وضوضاء وعبث في المرحلة الانتقالية التي يمر بها، بسبب التقنية الحديثة التي تقضي بالتدريج على الإعلام التقليدي القديم. والإعلام الجديد من جهة أخرى يحاول تثبيت أقدامه وتكوين هويته الجديدة بشكل قابل للاستدامة. كل هذه التحديات طرحت بصراحة وشفافية بين المختصين، والآراء كانت متباينة، ولكنها محترمة.
منتدى الإعلام العربي نجح في طرح قضايا حيوية ومصيرية بالنسبة لقطاع الإعلام بطريقة مهنية واحترافية، مثبتاً التميز والإبهار في آن واحد. وكم كان لافتاً تكريم الأستاذ خالد المعينا، رائد الصحافة الإنجليزية في العالم العربي، عن طريقة صحيفة «عرب نيوز»، وهو تكريم مستحق لعملاق في مجاله، أبلى بلاء عظيماً، ونجح بجدارة عبر مسيرة مشرقة.