عرب وعالم

04:27 مساءً EET

السفير الليبي مفتاح عبدالله ميسوري يكشف أسرار خطيرة عن أموال قدمها القذافي لشخصيات عربية

بعد 7 سنوات من مقتل الرئيس الليبي معمر القذافي، ما زال قادرا على إثارة الجدل. فبينما يستعد القضاء الفرنسي للحكم على الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي، بتهمة الفساد على خلفية تلقيه أموالا من القذافي، كشف المترجم الرسمي للقذافي، السفير مفتاح ميسوري في حوار مع “سبوتنيك”، أن ساركوزي سبقه رؤساء آخرين منهم حسني مبارك وزين العابدين بن علي. وإليكم نص الحوار:

سبوتنيك: نريد أن نتعرف عليك في البداية؟

السفير مفتاح عبد الله ميسوري، سفير بالسلك السياسي بالخارجية الليبية، عملت كدبلوماسي محترف وتقلدت كل الوظائف الدبلوماسية في الداخل والخارج. وأول وظيفة لي في الخارج كانت جامبيا عام 1976، ثم عملت سكرتير ثالث ثم ثاني بالبعثة الليبية الدائمة لدى الأمم المتحدة بجنيف، ثم آخر وظيفة عملت بها مستشار السفارة الليبية في باريس من عام 1990 حتى 1993، وعندما عدت بعدها إلى البلاد تم تكليفي بملف فرنسا، كمسؤول عن العلاقات الليبية الفرنسية، أو كما يعرف بـ مسؤول المكتب الفرنسي بإدارة الشؤون الأوروبية في الخارجية الليبية. وفي عام 1996 انتدبت للعمل في قسم الاتصال باللجنة الشعبية العامة “مكتب القذافي”، وعملت معهم من وقتها وحتى عام 2011، بصفة مستشار، ومترجم رسمي وليس خاص.

كما أنني كنت موجود كل الاجتماعات التي حضرها القذافي فيما يخص الخارج، سواء كنت أترجم أو لا، حتى ولو كان هناك مترجما آخر، لأن القذافي يثق في والدليل إنه كان يحضرني معه في زياراته الخارجية إلى مصر والسعودية، ولأي دولة عربية، وكذلك دول مثل فنزويلا والبرتغال، وإسبانيا، رغم أني لا أجيد اللغة الإسبانية.

فأنا أجيد 6 لغات، وسبق وترجمت كلمة كونداليزا رايس عند زياراتها للقذافي. وكنت أكتب خطاباته بالعربي وأعرضها عليه ليقوم بتعديلها بالإضافة أو الحذف وبعدها أترجمها، وترفق الترجمة بالنسخة العربية.

سبوتنيك: ماذا تعرف عن قضية تمويل القذافي لحملة ترشح الرئيس الفرنسي ساركوزي؟

ليس لدي أي عداوة ضد أي شخص سئلت سؤالا وشهدت بما سمعت وعلمت. في مارس 2011سألت صحفية فرنسية معمر القذافي، هل مولت الحملة الانتخابية لمرشح الرئاسة نيكولا ساركوزي، فقال لها نعم، فقالت له كم دفعت، قال لها لا أدري أخبرك غدا، فقالت له غدا أسافر، فطلب منها أن تترك لي رقمها وبريدها الإلكتروني، وقال لها “معالي البروفيسور سيخبرك”.

وبعدها بيوم كان عنده حوار مع صحفي برتغالي، وعندما سأله عن الأموال التي مول بها حملة ساركوزي، أجابه بأنه دفع 20 مليون دولار، وطلب مني أبلغ الصحفية الفرنسية بالرقم وقال لي إنه استفسر من الشؤون المالية، والأكثر من ذلك أن معمر القذافي بنفسه صرح أكثر من مرة قبل موته في التلفزيون، وابنه سيف الإسلام صرح بذلك، وكذلك زياد تقي الدين الذي حمل بنفسه حقائق الأموال إلى ساركوزي.

سبوتنيك: هل طالبت بمحاكمة ساركوزي؟

شهدت بما رأيته وسمعته، وقد اتصلت بي النيابة الفرنسية هاتفيا عام 2013 و طرحوا علي أسئلة خاصة بحقيقة تلقي ساركوزي للأموال، وشهدت بالحقيقة.

وكا ذكرته في تونس مؤخرا هو نفسه ما ذكرته بالحرف للنيابة الفرنسية ولم أزد عليه حرفا واحدا. ولكن إذا كان القضاء الفرنسي سجن ساركوزي بسبب حصوله على أموال من القذافي، فهذا شأن فرنسي، ولكن ما يهم الليبيين أن يحاسب القضاء الفرنسي ساركوزي، على اعتدائه على دولة ذات سيادة، وقيامه بقصف الجيش الليبي والمدنيين قبل قرار مجلس الأمن وتجاوزه وخرقه لنص وروح قرار مجلس الأمن الخاص، بفرض حظر على السلاح الجوي الليبي، عام 2011.

سبوتنيك: هل اعتاد القذافي على تمويل مرشحي الرئاسة في الدول الأجنبية؟

في كل دول العالم هناك بند المساعدات، وهذه المساعدات تنقسم إلى مساعدات عينية، واستثمارات، ومساعدات سياسية تتمثل في تقديم أموال لتغطية حملات انتخابية سواء كانت تشريعية أو رئاسية وأحيانا حتى بلدية.

وبطبيعة الحال رئيس الدولة المعنية يتصل بالرئيس الآخر ويخبره عن حاجته للتمويل، والرئيس القذافي لم يبخل على أي رئيس عربي، طلب منه مساعدة، وخاصة مبارك وبن علي، كما أنه ساعد جميع الدول في العالم الثالث، ومن آسيا ومن أمريكا اللاتينية.

وزارة الخارجية الفرنسية ميزانيتها حوالي مليار و700، منهم 780 مليون للتعاون والمساعدات، ونحن في ليبيا لم نكن نحدد مبلغا، كنا نساعد الدول التي تتعرض لكوارث طبيعية، أو مجاعات، أو الدول التي هجم عليها جراد.

وحتى لو كان رئيس يريد حملة انتخابية أو أي شيء، فالمساعدات كانت تتراوح من نصف مليون حتى 5 مليون دينار.

سبوتنيك: ومن هي أبرز الدول الأجنبية الأخرى التي دعمها القذافي ماليا؟

لا أعلم أنا شهدت على الأموال التي دفعتها ليبيا إلى فرنسا فقط، باعتبار أنني كنت أترجم وحضرت كل الاجتماعات الخاصة بفرنسا، وأتذكر أنه فيما يتعلق بدعم الحملة الانتخابية لساركوزي اقترحت السلطات الليبية على القذافي وقتها تمويله بـ50 مليون يورو، ولكنه اكتفى بـ20 مليون يورو فقط.

سبوتنيك: هل عرضت أيا من الدول التي تلقت دعما ماليا من القذافي مساعدته قبل قتله؟

الرئيسان المصري والتونسي مبارك وبن علي سقطا قبل القذافي، ولم يتمكنا من تقديم العون له، ولكن دول الاتحاد الأفريقي، حاولت تقديم مبادرة كبيرة لتسوية الخلاف في 17 فبراير 2011 ولكن لم يستجب لها، ولم تعرض أيا من الدول استضافة القذافي سوى فنزويلا و جنوب أفريقيا وروسيا البيضاء، ولكنه لم يريد الخروج من وطنه.

سبوتنيك: أين ذهبت أموال القذافي؟

عندما توفي القذافي لم يجد أحد أي أملاك باسم القذافي، كل البيوت وكل المقرات باسم وزارة الأوقاف، لأنه لا يمتلك أموالا كنقد وإنما منازل له ولأولاده. وعقب وفاته ذهبت تلك المنازل للأوقاف والشؤون الدينية، والحديث عن تجميد أموال القذافي يقصد به أموال الدولة الليبية.

وحسب علمي لا توجد أموال باسم القذافي في بنوك خارجية، ولكن قد يكون هناك أموالا باسم أولاده وهذا بعيد عن علمي، فأنا عملت مترجم رسمي للقذافي بمعنى أنني لا أترجم لأي وزير، ولا لزوجة القذافي ولا أيا من أبنائه.

سبوتنيك: ما أسباب سقوط القذافي؟

العرب عندما يجهلون الشيء يتحدثون عن المؤامرة، وهي ليست مؤامرة وإنما مخطط واضح من سنة 1989، عندما وقعت السلطة الفلسطينية اتفاقية مع إسرائيل.

وأمريكا ضغطت على إسرائيل لكي توافق على حل الدولتين، وإسرائيل أفادت أمريكا بأنها ستوافق على حل الدولتين، ولكن تخشى من قيام الدول العربية القوية بمساعدة الدولة الفلسطينية وتسليحها وتمكينها من محاربة إسرائيل، فتم الاتفاق بين أمريكا وإسرائيل على ضرورة فرض الهيمنة الإسرائيلية على الشرق الأوسط.

وبدأت إسرائيل وأمريكا تتحدثان عن الشرق الأوسط الموسع أو الشرق الأوسط الجديد في أعقاب توقيع اتفاقية أوسلو، ويتضمن المخطط الذي اطلعت عليه في باريس في مكان ممنوع فيه التصوير في أرشيف مركز الدراسات الاستراتيجية في وزارة الدفاع الفرنسية، إعادة تقسيم الدول العربية إلى 32 دولة بدلا من 21، يتم تقسيم مصر إلى دولتين مسيحية وعربية.

وتقسيم ليبيا إلى دولتين أيضا مع ضياع جزء من الجنوب الغربي للدولة الليبية مع جزء من جنوب الجزائر وشريط من النيجر ونصف مالي، وتصبح دولة أفريقية جديدة تسمى “أزواد الطوارق”، مع تقسيم السعودية إلى 4 دول، واليمن إلى دولتين، والسودان 4 دول منهم الدولة القائمة الآن، ودولة البجا وتضم شرق السودان مع شريط من أوغندا وكينيا، ودولة دارفور التي تضم غرب السودان مع شريط من تشاد، كما تفقد العراق كردستان بالكامل مع شريط من سوريا، يبدأ من تل أبيض إلى المنطقة التي تتواجد فيها القوات تركيا الآن، لأنه ربما تعي تركيا هذا المخطط وجزء كبير من تركيا وشريط إيران، وتخرج لدينا دولة جديدة غير عربية هي كردستان، وإلى جانب ذلك تنقسم العراق إلى دولتين سنية وشيعية.

سبوتنيك : ما علاقة القذافي بهذا المخطط؟

القذافي كان شوكة في خصر هذا المخطط، وإعلانه عن إطلاق قمر صناعي أفريقي للاستقلال عن العالم، وتبنيه لفكرة الجيش الأفريقي الموحد، والدينار الذهبي الأفريقي، وتفعيل دور الاتحاد الأفريقي، كلها عوامل تسببت في قلق أمريكا وإسرائيل منه، وخاصة الدينار الذهبي، لأن الجميع يعرف أن الحرب على صدام حسين أساسها ليس أسلحة القتل الجماعي، وإنما رفض صدام حسين بيع النفط بالدولار وبيعه باليورو.

وأمريكا خشيت أن ينجح صدام حسين في بيع البترول باليورو، وتحذو حذوه باقي الدول المنتجة مما يساهم في نكسة كبيرة للدولار، و الجميع يعرف أن أمريكا تخضع لسيطرة لوبيات ورجال الأموال، فهناك 500 شركة عالمية تسيطر على أمريكا.

ما أسقط القذافي ليس ثورة داخلية وإنما هجوم سافر قامت به 43 دولة على ليبيا لمدة 8 أشهر، فرنسا مثلا تجاوزت قرار مجلس الأمن، القاضي بفرض حظر جوي على ليبيا، وهذا يعني أنه إذا طار السلاح الجوي الليبي يمكن لدول تحالف الناتو إسقاط الطائرات، ولكن فرنسا تجاوزت ذلك إلى تدمير الطائرات الموجودة على الأرض، وفي المخازن، وتدمير الأسطول البحري، وقصف المعسكرات في الصحراء، ومخازن الذخيرة.

سبوتنيك: ما رأيك في ثورة الشعب الليبي على القذافي؟

أحداث مؤسفة وما كنا نتمنى أن يحدث في ليبيا هذا الشيء، الذريعة أن الشعب يريد أن يقضي على النظام الديكتاتوري، ويقيم دولة ديمقراطية مدنية تهتم بالحريات وحقوق الإنسان، والشخص الملام هو الحاكم. ولكن عندما أسقط الحاكم وقتل لم تسير ليبيا على ما يرام، وهو ما يعني أن المشكلة في شيء آخر غير الحاكم والحكومة.

سبوتنيك: هل تعرضت للتنكيل بسبب قربك من القذافي؟

في البداية ألقى الثوار القبض علي بعد دخولهم طرابلس لمدة 4 أيام، وبعدها أطلقوا سراحي عندما تأكدوا أني لست محسوبا على النظام، و لست مسؤولا، أنا مجرد دبلوماسي أقدم المشورة، وقدمت للقذافي خدمة فنية تتمثل في الترجمة.

سبوتنيك: أين عائلة القذافي الآن؟

عائلة القذافي في سلطنة عمان، زوجته وعائشة وأبنائها وهانيبال وأبنائه وزوجته وأولاده ومحمد وعائلته.

فعائلة القذافي لم تكن موجودة في ليبيا وقت دخول قوات التحالف، باستثناء الساعدي وسيف الإسلام القذافي، وأعرف أن سيف الإسلام في الزنتان جنوب ليبيا، وأنه حوكم في الزنتان.

ولكن بعد أن خرجت قبائل الزنتان وأعلنت إطلاق سراح سيف لا يعرف أحد مكانه، وأنا ليس لدي أي اتصالات بأسرة القذافي منذ عملي معه، لا أعمل معهم وعندما كانوا يطلبونني للترجمة كنت أرفض وأطلب منهم أن يطلبوا من والدهم أن يكلفني بالأمر.

سبوتنيك: ما تقييمك لأداء المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة؟

لا أعرف هذا الرجل، ولكن يفترض أنه جاء إلى تسهيل الوصول إلى تسوية بين الليبيين، وينبغي أن يكون محايدا، ويسمع الجميع ويحاول أن يجد حلا وسطيا يرضي جميع الأطراف، ويحذو حذو المبعوث الأممي السابق أدريان بلت، في التوفيق بين جميع الأطراف، بدلا من أن يتدخل في الشأن الداخلي، بفرض حلول على الشعب الليبي، وشخصيات جدلية.

سبوتنيك: ما رأيك في اتفاق الصخيرات وما نتج عنه من خارطة الطريق؟

أنا غير راض عنه، لأنه ليس اتفاق بين الليبيين، وإنما اتفاق بين دول أجنبية عن طريق استقدام ليبيين. والاتفاق لابد من تعديله وحذف ملحق الإجراءات الإضافية، فالأمم المتحدة يجب أن ترعى وتقترح وتقدم المشورة الفنية وصناديق اقتراع، ومراقبين وحراسة.

سبوتنيك: هل المؤتمر الليبي الجامع يعتبر بديلا عن اتفاق الصخيرات؟

تم تكليفي مؤخرا بالعمل كمنسق للعلاقات الخارجية والدولية للمؤتمر الوطني العام والجامع الليبي الليبي، ودعوت المبعوث الأممي إلى الانفتاح على جميع الأطراف والقوى الليبية، لأن إشراف غسان سلامة على ما يدور بالمؤتمر في صالح جميع الليبيين.

سبوتنيك: هل تتوقع إجراء انتخابات رئاسية في نهاية العام الجاري؟

لا يمكن تنظيم انتخابات رئاسية دون وجود قوات تحمي هذه الانتخابات، ففي ظل وجود ميليشيات مسلحة هنا وهناك، ينبغي أولا، توحيد الجيش الليبي، والتفاهم مع الجماعات المسلحة، لتتحول إلى أحزاب سياسية.

وينخرط من يريد الجيش في الجيش، ومن يريد الشرطة في الشرطة، ومن يريد عملا مدني، ومن يريد أن يتعلم في الخارج، ومن يريد الرجوع إلى سابق عمله، وفي المقابل يجب على المجتمع الليبي أن يقدم ضمانات لهذه المجموعات المسلحة بعدم ملاحقتها بعد ذلك، وهذا يطمئنها ويجعلها تنخرط في العمل السياسي.

سبوتنيك: هل يتبنى المؤتمر الليبي الجامع مهمة توحيد الجيش بهذه الطريقة؟

المؤتمر الليبي الجامع يستهدف الوصول إلى اتفاقات جزئية مع كافة الشرائح الجيش وضباط الشرطة، والقبائل، ومنظمات المجتمع المدني، والميليشيات المسلحة، وعندما يستلم الجيش والشرطة زمام الأمور وتتم حماية المدن، وقتها يكون من الملائم الحديث عن الانتخابات.

سبوتنيك: هل هناك من يدعم المؤتمر الجامع الليبي دوليا؟

نسعى إلى وجود ممثلين عن دول الجوار، وعن بعض الدول الكبرى كشهود على الاتفاق، ووجهنا دعوات إلى مصر، والسودان وتشاد والنيجر، وتونس والجزائر كما وجهنا دعوات إلى روسيا والصين.

أجرت الحوار رنا ممدوح

 

التعليقات