تحقيقات
إيران: الباسيج تخنق الشوارع خوفاً من “ثورة مضادة” للخميني
بدأ نظام ولاية الفقيه احتفالاته بالذكرى الـ39 لثورة الخميني التي تحل في فبراير (شباط) الجاري، فيما لم تغب الأجهزة الأمنية الإيرانية من قوات شرطة وقوات التعبئة “الباسيج”، عن معظم الشوارع والميادين الرئيسية في طهران ومدن شرق وغرب إيران، بحسب صحيفة “الوطن” اليوم الخميس.
وسط قلق وحذر بالغين مقارنة بالسنوات السابقة، خلفتهما موجة الاحتجاجات الواسعة التي شهدتها المدن الإيرانية نهاية العام الماضي ومطلع يناير (كانون الثاني)، وفقاً لما قال إيرانيين، تخشى السلطات الإيرانية من تتجدد الانتفاضة يإيعاز من الأجيال الجديدة والشباب الغاضب، الذين يرفضون الأفكار الخمينية التي قامت على أساسها الثورة وأطاحت بنظام الشاه قبل نحو 4 عقود.
العراق
أما في مدينة كربلاء، جنوب العراق، حيث يتوافد آلاف الإيرانيين لزيارة مرقد الحسين، تراجعت مظاهر الاحتفالات بذكرى الثورة هذا العام، وقال العراقي سعد الشيباني الذي يدير أحد الفنادق في كربلاء، إن “الإيرانيين اعتادوا أن يعلقوا صور الخميني والمرشد علي خامنئي في مثل هذه الأيام على حافلاتهم وداخل مرقد الحسين، غير أن هذا العام تبدل كل شيء وتراجعت هذه المظاهر بشكل واضح”.
وعزا نائب في لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي، أسباب تراجع حماسة فئات واسعة من الإيرانيين للاحتفال بذكرى الثورة الخمينية هذا العام، إلى المشاكل المتفاقمة للنظام الإيراني مع المجتمع الدولي، رغم إبرامه الاتفاق النووي عام 2015.
وقال النائب العراقي، إن العقوبات الأمريكية المتواصلة ضد النظام الإيراني وحلفائه كحزب الله اللبناني، والجدل الدائر حول ملف النشاط الصاروخي الباليستي لإيران، ومساعي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتعديل الاتفاق النووي، هي عبارة عن مقدمات لدخول إيران في مشاكل دولية في المرحلة المقبلة، ربما تكون أكثر قسوة من الناحية السياسية وتداعياتها الاقتصادية، وهذا ما يخشاه معظم الإيرانيين.
وأضاف النائب العراقي أن “الاحتجاجات الشعبية الأخيرة في المدن الإيرانية أظهرت مشكلتين قد تهددان قوة العقيدة التي تبنتها ثورة الخميني، تتعلق المشكلة الأولى بوعي الإيرانيين بأن الإنجازات الاقتصادية أهم لبلادهم من التدخل في شؤون المنطقة، لا سيما أن الثورة الخمينية بددت مئات المليارات من الدولارات لأجل تصدير الثورة، أما المشكلة الثانية فهي ظهور أجيال إيرانية جديدة ولدت بعد الثورة وترفض هذه العقيدة الثورية”.
ورأى النائب العراقي أن جزءاً من مشاكل الحكم في العراق هي تبني عقيدة الثورة الخمينية، لافتاً إلى أن أطرافاً عراقية في تركيبة السلطة تؤمن كما يؤمن نظام الملالي بأن السياسة أهم من الاقتصاد للشعوب، وهذا لا ينبئ بتقسيم العراق فحسب، بل بالتسبب باحتجاجات واسعة في المدن الجنوبية كما حصل في المدن الإيرانية إذا استمرت إدارة الدولة بالأسلوب الإيراني.
ثورة مضادة
وقال المواطن الإيراني برويز كارماشاني، الذي شهد العديد من احتفالات إحياء ذكرى ثورة الخميني في السنوات السابقة، رغم أنه لم يكن مولوداً بعد عندما اشتعلت ثورة الخميني عام 1979، إن “الاحتجاجات في إيران لم تتوقف، وهناك احتكاك متواصل بين أجهزة النظام والشباب في مواقع متعددة، وبالتالي فإن نظام ولاية الفقيه يعلم جيداً أن الكراهية تتسع بين الطرفين”، مضيفاً “ثورة الخميني على شاه إيران استمرت عاماً وشهراً، وقد نحتاج لأكثر من هذا الوقت لتحقيق ثورة مضادة”.
واعتبر عضو بارز في الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني المعارض، أن الثورة المضادة المعاكسة على ثورة الخميني أصبحت حقيقة على الأرض منذ أن اندلعت الاحتجاجات الأخيرة ضد النظام الإيراني، كاشفاً عن تقرير صدر قبل نحو عشرة أيام عن رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بمجلس الشورى علاء الدين بروجردي، يصف بلغة واضحة ومحددة، الاحتجاجات الأخيرة بأنها “كانت ثورة على الثورة الخمينية”.
وفق القيادي الكردي الإيراني، فإن تقرير بروجردي حذر من أن المؤيدين التقليديين لثورة الخميني قد مضى عليهم 4 عقود، وجزء منهم توفي والبقية بات في عمر الستين أو السبعين، كما لا يمكن الرهان على شريحة من الشباب لأنهم أقلية، وربما يختار بعضهم الانضمام إلى بقية جيله من الشباب الذي يتحرك للقيام بثورة مضادة.
واقترح التقرير اهتمام النظام بمتطلبات الشباب والأغلبية الساحقة للإيرانيين، وإلا تعود الثورة المعاكسة للتحرك مجدداً وبوتيرة أشد، يصعب معها السيطرة على الوضع الداخلي للجمهورية الإيرانية.