مصر الكبرى

09:35 صباحًا EET

رئيس مدنى أم رئيس إسلامى

نحمد الله كثيرا أن نتيجة الأنتخابات قد أعلنت ولم تحدث أى حوادث عنف أو صدامات أو أعمال تخريب، وهذا يحسب للمرشح الخاسر الفريق احمد شفيق،فكان عند مستوى المسئولية ومستوى الوطنية، ولا نعلم ماذا كان سيحدث لو اعلنت اللجنة فوز الفريق احمد شفيق؟….عموما كما يقول المتنيح قداسة البابا شنودة كله للخير.

الأن وقد أصبح الدكتور محمد مرسى رسميا رئيسا لمصر، على الجميع أن يعملوا من آجل أخراج مصر من وضعها الأقتصادى الحرج ووضعها الأمنى القلق ووضعها السياسى غير المستقر ووضعها الوطنى المنقسم ووضعا الاجتماعى المتشرذم.
أعتقد أنه لا يوجد شخص وطنى عاقل لا يتمنى النجاح للدكتور محمد مرسى بصفته السياسية لا الايدولوجية، فالخصومة السياسية والفكرية شئ والتمنيات بالنجاح من آجل الوطن شئ آخر، فاحوال الناس صعبة جدا ولا تحتمل المزيد من المعانأة.
وعلى الدكتور مرسى أن يكون صادقا فى عهوده التى قطعها أمام المصريين والتى قدمها للمجتمع الدولى،وأن يبعد عن الشعارات الدينية التى لا تغنى ولا تسمن وكان دورها فى التعبئة الأنتخابية وقد انتهى هذا الدور،وعليه أن يحترم قواعد ومبادئ الدولة الحديثة فى المواطنة والمشاركة والمساواة وفى سيادة القانون وفى اعتماد الكفاءة معيارا للتعيين والترقى،وأن يتعظ مما حدث لسلفه وياخذ عبرة من دروس التاريخ المتعددة.
نأتى إلى نقطة منهجية  وهى التروييج بأن الدكتور محمد مرسى هو أول رئيس مدنى منذ ثورة يوليو 1952، وهذا التروييج يعتمد على منهج الإسلاميين فى أن الدولة المدنية هى المضاد للدولة العسكرية، ومن ثم فأن الدولة المدنية هى الدولة غير العسكرية، وعلى هذا الأساس يقول الإسلاميون أن الدولة الإسلامية هى دولة مدنية بالضرورة. الحقيقة أن تعريف الدولة بأنها مدنية Civil state لكى ينفى عنها كونها دولة دينية هو تعريف غير دقيق، فكلمة مدنى توصف بها أشياء أخرى مثل المجتمع المدنى،والزواج المدنى، والقانون المدنى، والحقوق المدنية، والمهندس المدنى، والحروب الأهلية… الخ، ولكن عندما تأتى إلى الدولة وتقول دولة مدنية نكون إزاء تعريف مشوش ومضطرب وغير محدد وغير منضبط، فعندما نتحدث عن علاقة الدين بالدولة لا نقول دولة مدنية وأنما نقول دولة علمانيةSecular state ، وهى دولة واضحة التعريف حيث تكون مؤسسات الدولة محايدة تجاه الأديان، وتعامل جميع الأديان واصحاب الاديان بالتساوى، وتسمح بالحريات الدينية والحريات العامة.
وفقا لهذا التعريف تكون الدولة الإسلامية ليست دولة علمانية وليست دولة مدنية بالمصطلح المشوش المتداول، ويكون الرئيس محمد مرسى أول رئيس إسلامى منذ عام 1952، وهذا ليس عيبا فهو يؤمن بايدولوجية محددة تقول أنه إسلامى ،أى يؤمن بالخلط بين الدين والدولة، ويؤمن بأستخدام الدين للوصول إلى أهداف سياسية، ويؤمن أن السياسة عليها أن تخدم الدين وعلى الدين أن يخدم السياسة، ويؤمن بعدم الفصل بين السلطتين الزمنية والألهية، ويؤمن بأنه موكل فى الأرض ليخدم مهمة دينية، ويؤمن أن اغراضه هى تحقيق مقاصد الله فى الأرض والتى يمكن أن تختلف عن مقاصد الشعب.
والحقيقة أن الرئيس محمد مرسى يجسد حقبة جديدة فى مصر والمنطقة، وهى إحلال حكم الإسلاميين محل حكم العسكر والقوميين العرب، وهذا الاحلال يأخذ عدة سنوات لاتمامه، فيكون فى البداية خليط من الحكمين حتى يتم احلال الاسلاميين بالكامل محل العسكريين والقوميين، ومن ثم يمثل محمد مرسى لحظة تاريخية هامة فى تاريخ مصر، وهى عودة الحكم الدينى بعد 200 سنة من تأسيس الدولة الحديثة فى مصر على يد محمد على باشا عام 1805.
لقد قدم المصريون مصطلح الدولة المدنية لتفادى الحساسيات حول لفظ العلمانية، ولكن اللفظ ليس له مدلول فى علم السياسة،إلا إذا كان تعريف الدولة المدنية فى فكر الإسلاميين هى الدولة الدينية غير العسكرية،فالاسلاميون يسعون بوضوح لتأسيس دولة دينية قائمة على التشريع الالهى والحاكمية لله، ومن ثم فأن دولتهم دينية بامتياز.
ولهذا يكون التعريف الصحيح للرئيس محمد مرسى هو اول رئيس إسلامى منذ مائتى عام، طبعا كل رؤساء مصر منذ  عام 642 ميلادية هم مسلمون، ولكن لم يكونوا كلهم إسلاميون، والفرق بين المسلم والإسلامى معروف وواضح.
نحن إذن نختبر ونقيم الدكتور مرسى بصفته رئيسا إسلاميا وليس مدنيا.

التعليقات