الحراك السياسي
رأى الفقهاء في معاقبة المثليين
أثار رفع علم يرمز إلى المثلية بإحدى الحفلات بمنطقة التجمع الخامس، حالة من الاستياء فى أوسط المجتمع المصرى، والذى تعتبر تلك الممارسات مرفوضة شرعًا وأخلاقيًا، وسط مجتمع يتمتع بقدر كبير من التدين سواء الإسلامى أو المسيحى، الباحث فى الفقه الإسلامى يجد أنه ليس هناك هيئة محددة لعقوبة من يقوم بفعل قوم لوط، ولم تذكر كتب التراث أو فقهاء المذاهب حدًا معينًا يطبق على ممارس ذلك الفعل، ولكن الجميع بلا خلاف أجمع على حرمة جريمة اللواط.
وقبل إيضاح آراء الفقهاء نستعرض آراء الصحابة، فقد أجمعوا على قتل من يقوم بفعل قوم لوط، لكنهم اختلفوا فى طريقة قتله، فمنهم من ذهب إلى أن يحرق بالنار، وهذا قول على رضى الله عنه، وبه أخذ أبو بكر رضى الله عنه ومنهم قال: يرمى به من أعلى شاهق، ويتبع بالحجارة، وهذا قول ابن عباس رضى الله عنه،ومنهم من قال: يرجم بالحجارة حتى يموت، وهذا مروى عن على وابن عباس أيضاً، ثم اختلف الفقهاء بعد الصحابة، فمنهم من قال يقتل على أى حال كان، محصنا أو غير محصن، منهم من قال: بل يعاقب عقوبة الزانى، فيرجم إن كان محصنا، ويجلد إن كان غير محصن، ومنهم من قال: يعزر التعزير البليغ الذى يراه الحاكم.
فذهب أبو بكر الصديق وعلى بن أبى طالب وخالد بن الوليد وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عباس ومالك وإسحق بن راهويه والإمام أحمد فى أصح الروايتين عنه والشافعى فى أحد قوليه إلى أن عقوبته أغلظ من عقوبة الزنا، وعقوبته القتل على كل حال، محصنا كان أو غير محصن، وذهب الشافعى فى ظاهر مذهبه والإمام أحمد فى الرواية الثانية عنه إلى أن عقوبته وعقوبة الزانى سواء،وذهب الإمام أبو حنيفة إلى أن عقوبته دون عقوبة الزانى وهى التعزير.
يقول الدكتور مختار مرزوق، عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر السابق: أجمع العلماء على حرمة جريمة اللواط بلا خلاف بينهم فى ذلك، إلا أنهم قد اختلفوا فى تقدير العقوبة المقررة لهذه الجريمة إلى مذاهب ثلاثة:
– أولاً: ذهب بعضهم إلى القتل مطلقا سواء أكان بالرجم أو الضرب بالسيف ويدخل فيه الإعدام شنقا فهو المعمول به فى العصر الحالى.
– ثانيًا: ذهب بعضهم إلى أن حده حد الزنا فيجلد البكر الذى لم يتزوج ويرجم المحصن الذى تزوج.
– ثالثًا: القائلون بالتعزير سواء أكان بحبس أو بغيره وعقوبة التعزير متروكة للحاكم أو ما يقوم مقامه الآن من مجالس التشريعية.
واستدل الأولون بقول النبى صلى الله عليه وسلم، من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به، وهو حديث صحيح، واستدل الفريق الثانى إذا أتى الرجل الرجل فهما زانيان وهو حديث ضعيف، واستدل أصحاب المذهب الثالث وهو مذهب أبى حنيفة والشافعى إلى تعزير مرتكب هذه الفاحشة لأن الفعل ليس بزنا فلا يأخذ حكمه.
إلى ذلك قال الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، من جرائم العرض الموجبة للحد الشرعى العلاقات الجنسية المحرمة ومنها جريمة الزنا وجريمة فعل قوم لوط وجريمة المساحقة، وفيما يتعلق بالشذوذ وهو فعل قوم لوط إتيان الذكران دون الإناث والمساحقة إتيان الإناث للإناث، واتفق الفقهاء على تجريم هذه الممارسات وأنها من الكبائر وقررت الشريعة الإسلامية عقوبات دنيوية مقدرة فجمهور الفقهاء قالوا إيقاع عقوبة الإعدام مع الاختلاف فى صفة الإعدام والراجح والمعتمد بأخف الوسائل لقول الرسول الله عليه وسلم “إذا قتلتم فأحسنوا القتلى”، ونهى الرسول عن الْمُثْلَةِ وهو التشويه.
وتابع: ويرى الحنفية إقامة عقوبة تعزيرية تتراوح ما بين الجلد والحبس والنفى وقد تصل إلى الإعدام، لكن الحنفية لم يجعلوها كالزنا لأن المحل ليس محل اشتهاء عند العقلاء وعلى ضوء ذلك يمكن ترجيح قول الفقهاء فى عقوبة الإعدام إذا ثبت يقينا لدى القضاء ارتكاب الفاحشة، لكن يفرق بين فعل الفاحشة يقينا وما بين الدعوة إليها، قال الله تعالى “إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيع الْفَاحِشَة فِى الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَاب أَلِيم فِى الدُّنْيَا وَالْآخِرَة”،وقال جل شأنه “لا يحب الله الجهر بالسوء”، فالمجاهرة الجنسية المسببة للفتن القاضى له أن يوقع عقوبات رادعة وهو مخير فيها بالحبس أو بالجلد أو النفى بالإبعاد على حسب ما يتراء للقاضى، فالمتسبب كالمباشر وارى تشديد العقوبة على هؤلاء المجاهرين.