مصر الكبرى

02:10 مساءً EET

هل لازالت الثورة..مستمرة؟؟

عندما أطلق الشباب على مواقع التواصل الاجتماعى دعوتهم للتظاهر يوم 25 يناير 2011 لم يدر بذهن أحد أن تلك الدعوة ستكون الشرارة التى تشعل ثورة شعبية غير مسبوقة في أرجاء المحروسة رغم كل الإرهاصات التى سبقتها ورغم ما حركته ثورة الشعب التونسى وما آلت إليه من هروب بن على في مشهد دراماتيكى، واكتفى سدنة نظام مبارك وحواريه ومنظريه بالحديث عن خصوصية مصر وتماسك وقوة النظام وشموخه في محاولات مستميتة لتثبيط همم الشعب المصرى وبث روح اليأس والإنهزامية.. ولكن طاقة الغضب والرفض الكامنة في النفوس كانت أقوى من تلك المحاولات.. وتداعت الأمور بسرعة وسرت شرارة الثورة في كل ربوع مصر وتصاعد الغضب على مدى 18 يوما لن ينساها تاريخ هذه الأمة حتى وصلت إلى لحظة حاسمة في مساء الحادى عشر من فبراير 2011 وأعلن رأس النظام على لسان نائبه الذي كان قد فوضه في مسئوليات الحكم قبلها بيوم واحد.. أنه تخلى عن منصبه، ولم يشأ أن يترك الأمور تسير في سياقها طبقا للدستور الذي كان قائما ولكن أضاف أنه كلف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد بغير سند من الدستور أو القانون وكأنه يعلن سقوط نظامه بكل مقوماته قبل أن يترك سدة الحكم.. إستقبلت الجماهير الخبر بفرحة غامرة وقبلت ضمنيًا بتولى المجلس العسكرى للأمر وهو ما أكسبه شرعية الأمر الواقع والقبول الشعبى.. ومنذ تلك اللحظات المشهودة في تاريخ مصر.. وعلى مدى ما يقرب من 15 شهرًا جرت في النهر مياه كثيرة إختلطت في أحيان كثيرة بدماء المصريين من شهداء ومصابين توارى الثوار الحقيقيون عن المشهد وأفسحوا المجال لتيارات عديدة كان أبرزها تيار الإسلام السياسى الأكثر تنظيما والأوضح أهدافا والذي وجد في الثورة فرصة تاريخية لتحقيق مشروعه والإستحاوز على "الجائزة الكبرى" وهى حكم مصر.. فسعى إلى تحويل المسار من الثورة إلى السياسة وتمكن من تحويل الساحة إلى سيرك سياسى هو اللاعب الأكثر مهارة فيه خاصة مع ضعف وتهاون باقى اللاعبين… حتى وصلت مصر إلى اللحظة الراهنة لحظة البين.. بين فلا الثورة إستمرت، ولا السياسة أفلحت، ولا المجلس العسكرى احكم قبضته على السلطة… ووقف الجميع حائرون أمام مشهد لم يكن في مقدور أحد إبداعه سوى المصريون المحدثون.. مشهد تضارب الشرعيات.. بين اللاعبين الرئيسين عل الساحة.. المجلس العسكرى القابض على السلطة التنفيذية وشرعيته منقوصة بكونها غير مستندة على إرادة شعبية واضحة والبرلمان بأغلبية من تيار الإسلام السياسى وشرعيته منقوصة أيضا بحكم سلطاته التى لا تتجاوز قاعات إجتماعاته والقوى الثورية وشرعيتها مجروحة بواقع إنقساماتها وتفرقها وتركها لساحتها الرئيسية… وفى وسط هذا المشهد تداهمنا الإنتخابات الرئاسية بقوانينها العجيبة ومرشحيها الأعجب.. وتطرح من جديد الإشكالية الأزلية البيضة.. والفرخة.. التى حولناها إلى الدستور.. والإنتخابات.. وهى الإشكالية التى نجحت في تحقيق الانقسام والفرقة.. لتعود بنا إلى المربع صفر من جديد.. ولينتصر مبدأ.. فرق تسد.. وكأنك يا أبو زيد ماغزيت.. ونعود لأصل السؤال هل لازالت الثورة مستمرة؟؟ لعله يكون لنا عودة لمحاولة الإجابة على السؤال.
كاتب المقال
    د. عادل سليمان
        مدير المركز الدولى للدراسات المستقبلية والاستراتيجية
        "باحث في الشئؤن السياسية والاستراتيجية والنظم العسكرية"  

التعليقات