كتاب 11

11:09 مساءً EET

روح القانون والعدالة الانسانية

نتابع فى الصحف بشكل شبه يومى مايتم نشره من حوادث وقضايا وجرائم جنائية وإجتماعية وملفات تفضح الفاسدين والمرتشين ورغم أن الإعلان عن تلك الجرائم قد ينشر حالة من الإحباط والياس لدى بعض الناس ويرسم لوحة سوداء لمجتمع يتنشر فيه الفساد ويتوغل فى أحشائه بشكل مخيف نجد ان البعض الآخر يرى أنه فى الإعلان عن تلك الجرائم وفضح كل فاسد بارقة أمل فى غد أفضل وبداية موفقة لاصلاح ماتم إفساده على مر سنوات كثيرة وفى الحالتين يتفق الجميع على أن كل من يرتكب جرماً أى أن كان نوعه لابد أن يعاقب بالقانون وهو أمر لاجدال فيه .

ولكن هناك قضايا تطفو على السطح وينشغل بها الرأى العام وربما يتعاطف معها لغرابتها أو لكونها وقعت فى ظروف معينة جعلتها مصدر متابعة للكثيرين فتتعدد التكهنات حول ماذا سيكون حكم القضاء فيها ؟؟ وهو ماحدث بالفعل فى قضية “حرامى الشيكولاتة” وهو الشاب الذى إعتاد على سرقة الشيكولاتة من سوبر ماركت كبير وحينما تم القاء القبض عليه والتحقيق معه أكد أنه يسرق الشيكولاتة ليعطيها لإبنه الذى طلبها منه كثيرا ولم يستطيع شرائها لفقره وظروفه المادية الصعبة … ومثل تلك الحالة الكثير فهناك من تم القبض عليه لسرقة قرط ذهبى لشراء علاج لوالدته .. ومن سرق خمسة أرغفة من المخبز ليطعم أسرته الجائعة وحينما شاهدوه الناس قاموا بضربه وسبه حتى أكد لهم أنه شاب متعلم لكنه عاطل ولايجد عمل ليعول به اسرته وأنهم جياع …

نعلم أنه سارق .. وأنه إرتكب جرماً يحاسب عليه قانونياً ولكن.. هل يتساوى هذا بآخر فاسد سرق الملايين من بنك ليتمتع برغد العيش ؟؟ أو بمرتشى تقاضى رشوة ليمرر صفقة ما قد تضر المجتمع بأسره؟؟ لقد دفعت الحالة الاقتصادية المتدنيه هؤلاء للسرقة فهم يسرقون من اجل البقاء احياء .

جميعنا يعلم أنه لا يوجد أبيض أو أسود في المسائل القانونية وليس هناك من يستحق العقاب ومن لايستحق طالما ارتكبوا نفس الجرم فالقانون يسرى على الجميع دون إستثناء ولكن علينا ان نعلم أن المشرع عندما سن القانون أورد كلمات تحمل معاني مختلفة ومواقف كثيرة ومهما حاول المشرع فستكون هناك فجوات في التشريع أو كلمات تحمل أكثر من معنى، لذا فإن روح القانون تتضح وقت تفسير النص القانوني ودراسة القضية والقانون يعطى القاضي حدودا أدنى وأقصى عند توقيع العقوبة.

إذن المطبق عادة هو القانون ولكن القانون وحده لا يكفي كنصوص جامدة أن يحقق العدالة المنشودة فلكل حالة ظرفها لذا من المفترض أن يُنظر الى العوامل المحيطة بالحالة للتأكد من أننا فعلا نطبق القوانين بعدالة فالقانون وحده كالآلة الصماء الخالية من الروح لكن روح القانون هي ما تعطي القوانين الحياة …… نعلم ان أي قانون قد تم وضعه ليطبق ونحن جميعآ نحترم هذا الشيء ولا نستطيع ان نعارضه ولكن كما انه يوجد قانون فأنه يوجد ما يسمي روح القانون فما هو المقصود بروح القانون ؟؟؟؟؟؟؟

روح القانون هي الانسانية والرحمة التي تكون بداخل القاضي عندما يصدر حكمة على أنسان ما وهو يعلم ان القانون لابد ان يطبق ولكن في حالات خاصة يكون تطبيقه مجحف.. كما تعنى روح القانون الا تجعل من القانون اداه للانتقام وتوقيع العقوبه المقرره علي الواقعه دون ان تراعي ظروف المتهم او الاسباب التي جعلته يرتكب الجريمه او دوافع ذلك اوالظروف المحيطه بالجريمة وما إذا كانت هناك دوافع نفسية أو عقلية أو مرضية أو حتى ظروف خاصة أدت إلى حدوث الفعل الإجرامي وهنا تظهر عند القاضي عندما يبحث في النصوص القانونية روح القانون وما أتاح النص القانوني له بتخفيف العقوبة أو وقفها … تلك هى روح القانون وتلك هى العدالة الانسانية.

التعليقات