مصر الكبرى

10:07 صباحًا EET

إخوان ٢٠١٢….وناصر٥٢

 
 فى ١١ مايو الماضى كتبت مقالا فى مصر١١ بعنوان الاخوان ونظام يوليو وعودة الفرصة طرحت فيه رؤيتى للمشهد السياسى وخلصت الى ان الاخوان وحركة الضباط الاحرار بزعامة ناصر كانا متفقان على الهدف فى ٥٢ وهو تغيير النظام الذى كان قائما وبناء نظام جديد نجحت الحركة فى خلع النظام بملكه وأحزابه وبنيانه السياسى والاقتصادى

وعندما جاءت لحظة وضع أسس النظام الجديد حدث الفراق الذى تحول الى صدام انتهى لصالح ناصر الذى اصبح رمزا للثورة وزعيما لها بينما اصبح الاخوان اعداء للثورة وتنظيما محظورا على امتداد نظام يوليو الذى استمر ٦٠ عاما انتصار ناصر لم يكن فقط لكون السلطة والقوة العسكرية بيده ولكن الأهم والأخطر لكونه استحوز على تأييد اغلبية الشعب – فى مجتمع النصف فى المائة –  التى كانت تعانى من الثالوث اللعين الجهل.. والفقر ..والمرض ..حيث اتجه ناصر مباشرة الى هذه الأغلبية بمشروعه الاجتماعى الاقتصادى الواسع من الاصلاح الزراعة وتمليك الارض الى التعليم والصحة والتوظيف وغير ذلك كثير وتحول الى نصير الفقراء وراعيهم ولأنهم الأغلبية اصبحوا هم ظهيره الاساسى فى صراعه مع الاخوان وغيرهم من المعارضون حيث قدم لهم ما ليس للإخوان قدرة عليه واستمرت تلك الأغلبية خلف ناصر حتى فى أحلك الظروف عندما تعرضت مصر بزعامته لأكبر هزيمة عسكرية فى تاريخها الحديث فى يونيو٦٧ وحتى وفاته فى سبتمبر٧٠ ،واستمر صدام الاخوان مع النظام بعد ناصر وفشلت كل محاولات الاحتواء سواء من جانب النظام او من جانب الاخوان حتى انفجرت ثورة الشعب فى ٢٥ يناير ٢٠١١ ووجد فيها الاخوان فرصتهم التاريخية فالتحقوا بها ثم تصدروا صفوفها بفضل قوة وتماسك التنظيم الذى حافظوا عليه بمهارة وكفاءة نادرة وشاء القدر ان يكون حال الشعب المصرى فى ٢٠١١  اقرب ما يكون الى حاله فى٥٢ حيث كان مجتمع النصف فى المائة وقتها واصبح فى احسن التقديرات مجتمع ال خمسة فى المائة اليوم نسبة الفقر والجهل والمرض لم تتغير فى ظل ورثة ناصر وحيث الآية كانت قد انعكست واصبح الاخوان يقدمون للأغلبية الفقيرة ما لم يقدمه النظام حتى لو كان بسيطا ولكنه شيئ افضل من لا شيئ بالمرة وتوالت الاحداث والمشاهد على مدى العام ونصف المنصرمة وجاءت لحظة الحقيقة فى جولة الحسم فى الانتخابات الرئاسية دفع رجال النظام بشفيق وحشدوا خلفه كل إمكانياتهم المادية الهائلة من حصيلة نهبهم للوطن وكل إمكانياتهم  التنظيمية والآلة الإعلامية التى دعموها فى وقت مبكر واستخدموا كل اساليب الحرب النفسية الممنهجة بهدف استبقاء النظام ودخل الاخوان المعركة معتمدين ليس فقط على قوة التنظيم وإمكانياته المادية فهى غير كافية واقعيا لحسم المعركة الشرسة ولكن كان رهانهم على أولئك الذين راهن عليهم ناصر فى ٥٢ ابناء الشعب المصرى الذين أهدر النظام آدميتهم وسقطوا فى بئر الفقر والجهل والمرض ولكن دون ان يفقدوا وعيهم شأن الشعب المصرى دائما وقد كان ،  وحسم هؤلاء المطحونين المعركة فى ظل استقطاب بالغ المحللون كثيرا بوصفه استقطاب دينى ولكنه كان فى حقيقته استقطاب طبقى بامتياز – وان كان ذو مسحة دينية والفقراء دائماً هم الاقرب الى الدين لانه ملازهم الوحيد – وجاء مشهد ٢٩ يونيو السادسة مساء فى ميدان التحرير والرئيس الاخوانى المنتخب محمد مرسى يخاطب جماهير الميدان والأمة من خلالهم ولو أمعنا النظر فى تلك الجماهير لوجدنا أغلبيتها من قلب تلك الطبقة المصرية التى طحنها النظام بلا رحمة او هوادة مهما قيل عن قدرة الاخوان على الحشد الم  تذكرنا وقفة مرسى فى الميدان بوقفات ناصر فى نفس الميدان وغيره من ميادين مصر يخاطب الجماهير المحرومة التى هى الأغلبية !؟ التاريخ لا يعيد نفسه ولكن يعطى الدروس فهل يستوعبها الاخوان ؟ ارجو هذا وارجوا أيضاً ان  تستوعبها جميعا فلا نكرر اخطاء التجربة الناصرية المروعة ولا كوارث نظم ورثته على مدى ٦٠ عاما ، قد يكون الاخوان ٢٠١٢ يبدأون نفس بداية ناصر ٥٢ ولكن عليهم ان لا يسيروا نفس مسيرته ومسيرة نظام يوليو الذى اسسه وانهاه الشعب وليس الاخوان ….. أفيقوا يرحمكم الله

التعليقات