مصر الكبرى
شاطر ومشطور وبينهما وطن
في مقالة لي بتاريخ 8 نوفمبر 2011 بعنوان ” عود على البدء ” قلت بالحرف الواحد ” إن الدستور هو عملية توافق مجتمعي تحفظ للفرد والأقليات حقوق المواطنة الكاملة بلا أي نقصان , وبلا تفرقة بين الجماعات الأثنية التي تشكل نسيج المجتمع , ولا يخضع لأهواء فئة بذاتها …………. أما غير ذلك يدخلنا في نفق لن نستطيع الخروج منه إلا بعد سنوات طويلة من الصراع , ذلك لأننا. تركنا الثورة تتسرب من بين أصابعنا .”وها قد اصبحنا في عمق النفق الذي ادخلنا فيه المجلس العسكري والذي لم يفرق بين فكر انابته عن الثورة وفكر الانقلاب العسكري وجرنا إلى استفتاء على تعديلات لبعض مواد دستور 71 والذي تم تضليل الشارع المصري بواسطة التيارات السياسية الدينية تحت زعم أن من يقول لا فإنه يوافق على تعديل المادة الثانية لدستور 71 بينما في حقيقة الأمر ان من قال لا كان يطالب بدستور جديد . والمضحك أنه تم تعطيل دستور 71 بإعلان دستور , ودخلنا قمة الكوميديا السوداء حين اصبح حديث العسكري أن الاعلان الدستوري هو ما تم الاستفتاء عليه وأن زواج العسكر بالحكم زواج رسمي .وتمت صياغة المادة 60 منه لتضع العربة أمام الحمار , ليتم انتخاب البرلمان قبل وضع الدستور , وصيغت بأسلوب هلامي لتفتح الطريق لكل من يشاء أن يفسرها بطريقته الخاصة الأمر الذي ادخلنا في متاهة أوقعت البلاد في أزمة لم يشهد التاريخ مثلها في بلاد العالم حين تصورت الأغلبية أنها الأحق بوضع الدستور , بينما البرلمان هو إحدى ثلاث مؤسسات يصنعها الدستور ولا يعقل بأي حال من الأحوال أن يصنع المصنوع صانعه .إن سطو الأغلبية على عملية وضع الدستور تحوله من عقد اجتماعي توافقي بين كافة قوى المجتمع بكل طوائفه وجماعاته الأثنية إلى عقد إذعان للأقليات وتصبح دكتاتورية الأغلبية هي الحاكمة للبلاد وهو ما يعد تفريغا للديمقراطية من محتواها , وتفريقا بين أبناء الوطن الواحد .تلك القوي التي تحاول اسقاط الحكومة لتحل محلها ولو لمدة شهر واحد لأنها قررت أن يكون الحكم في الدستور القادم برلمانيا ولكنها حين اصطدمت بالعسكر رأت أنه لا حل امامها سوى الاستيلاء على كرسي الرئاسة ذلك لأن اللجنة التأسيسية أمامها ستة أشهر لوضع الدستور والانتخابات الرئاسية على الأبواب الأمر الذي سيأتي برئيس يحكم طبقا للمادة 57 من الإعلان الدستوري بكل اختصاصاتها عدا التشريع والرقابة وبذا يكون تشكيلها للحكومة بعد وجود رئيس أمر مفروغ منه حتى في ظل الحكم بالإعلان الدستوري , والواقع أن هذا الأسلوب هو اسلوب الجمعيات السرية وليس فكر قوى سياسية تعي قواعد الديمقراطية , الأسلوب الذي أدى برئيس حزب الأغلبية في اجتماع العسكري مع الأحزاب لحل مشكلة اللجنة التأسيسية ليقول ” أن القطار أنطلق ولن يتوقف ” , ويبدو أن الغباء السياسي أعماه عن القطار القادم من الاتجاه الآخر .- ولهذا حديث آخر –