عرب وعالم
الكويت تسلم إيران «ورقة خليجية» لحوار مشروط بمنع التدخلات
نقل وزير الخارجية الكويتي صباح الخالد الحمد الصباح، أمس، رسالة إلى الرئيس الإيراني تتضمن رؤية خليجية لقيام حوار سياسي بين دول الخليج وإيران مشروطًا بوقف تدخلها في الشؤون الداخلية. كما اجتمع وزير الخارجية الكويتي أمس في طهران مع محمد جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني.
وبحسب تقرير الخارجية الإيرانية، فإن صباح الأحمد تطرق في مشاورات أجراها على دفعتين مع وزير الخارجية محمد جواد ظريف إلى تاريخ العلاقات بين الجانبين، مشيرا إلى المشتركات التاريخية والثقافية والدينية بين إيران ودول المنطقة، مطالبا الجانب الإيراني بأن «تكون المشتركات محور العلاقات والمفاوضات والنظر إلى المستقبل بين الجانبين».
كذلك تطرق صباح الخالد الحمد إلى المخاطر المشتركة التي من أبرزها الإرهاب في المنطقة، مشددا على ضرورة «النظر إلى المستقبل، لأن دول المنطقة تعرف مصالحها أفضل من الآخرين»، مؤكدا «أهمية بحث الخلافات في وجهات النظر وسوء التفاهمات بين دول المنطقة في أجواء هادئة وحوار صريح».
وقال روحاني، لدى تسلمه رسالة أمير الكويت من مبعوثه الخالد الحمد الصباح، إن السياسة الخارجية الإيرانية «قائمة على تعزيز علاقات حسن الجوار والأخوية مع الدول الإسلامية وجيرانها وفق أسس حسن الجوار».
ودافع الرئيس الإيراني عن دور بلاده في المنطقة بقوله، إن طهران «لم تعتد على أي بلد»، معتبرا أن ما تقوم به طهران في المنطقة «إثبات دورها كأهم سد للاعتداءات والإرهاب»، وفقا لموقع الرئاسة الإيرانية.
في السياق نفسه، رهن روحاني الاستقرار والأمن في منطقة حساسة مثل الشرق الأوسط بـ«الحوار والصداقة والتعاون بين بلدان المنطقة خصوصا بين الجيران»، وفي شرح ذلك أضاف أنه «بلا ريب أن تعزيز وتقدم العلاقات بين الدول وشعوب المنطقة في صالح استقرار وأمن الجميع».
ورغم الدعوات الرسمية التي طالبت إيران بوقف تدخلاتها، فإن روحاني قال إن بلاده «تبذل جهودا لمساعدة شعوب ودول المنطقة في مكافحة الإرهاب»، مضيفا أن «فقط في ظل التعاون والوحدة والانسجام يمكن درء خطر الإرهاب».
وتعد إيران أكبر داعم لـ«حزب الله» اللبناني الذي تدرجه دول مجلس التعاون الخليجي على قائمة المنظمات الإرهابية. ففي العام الماضي وجه قائد فيلق القدس الإيراني رسالة تهديد إلى البحرين. وشهدت علاقات إيران بجيرانها في مجلس التعاون الخليجي تدهورا غير مسبوق منذ وصول إدارة روحاني الذي رفع شعار «الاعتدال»، بسبب إصرار المسؤولين الإيرانيين على التدخل في شؤون الدول الأخرى، وهو ما قابلته الدول العربية بما فيها دول مجلس التعاون الخليجي، بإعادة النظر في تلك العلاقات، وببيان شديد اللهجة يحث الجانب الإيراني على الالتزام بتعهداته وفق المواثيق الدولية واحترام مبادئ حسن الجوار. وفي عام 2016 أدان كل من مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي بشدة المواقف الإيرانية والتدخل في شؤون الدول العربية.
وتعرضت السياسة الخارجية الإيرانية إلى انتقادات في الداخل الإيراني على مدى السنوات الماضية، بسبب فشل حكومة روحاني في تحسين العلاقات مع دول مجلس التعاون الخليجي، لكن حكومة روحاني بررت ذلك، بسبب انشغالها في المفاوضات النووية.
وتسعى طهران بشكل خاص لفتح حوار سياسي مع الرياض، التي قطعت علاقاتها مع إيران في يناير (كانون الثاني) 2016، بعد الاعتداء على سفارتها في طهران وقنصليتها في مشهد، وحذت البحرين حذوها. كما قامت دول الخليج ودول عربية أخرى باستنكار التصرف الإيراني وسحبت سفراءها تضامنا مع المملكة. وذكرت وكالة الأنباء الكويتية «كونا» أمس، أن الغرض من زيارة وزير الخارجية صباح الخالد الحمد إلى العاصمة الإيرانية حمل رسالة من أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح إلى الرئيس الإيراني حسن روحاني.
وبحسب وكالة الأنباء الرسمية الكويتية، فإن صباح الخالد الحمد بحث مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف خلال الاجتماع الأمور المتعلقة بآخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، إضافة إلى الأمور المتعلقة بالقضايا الثنائية بين البلدين.
ترأس وزير الخارجية الكويتي وفدا رفيعا يضم مساعد وزير الخارجية لشؤون مكتب النائب الأول لرئيس الوزراء ووزير الخارجية أحمد ناصر المحمد الصباح، وسفير الكويت في طهران مجدي أحمد الظفيري، وعددا من كبار المسؤولين في الخارجية الكويتية.
وهذه أول زيارة لمسؤول خليجي إلى إيران بعد تراجع العلاقات الخليجية الإيرانية عقب الاعتداء على مقر البعثات الدبلوماسية السعودية في طهران ومشهد يناير 2016. بدورها، أفادت الخارجية الإيرانية بأن الطرفين بحثا العلاقات الثنائية، وتبادلا وجهات النظر حول القضايا الإقليمية. وخلال اللقاء قال ظريف لنظيره الكويتي إن «الجيران من ضمن أولويات السياسة الخارجية الإيرانية»، معتبرا الكويت من الجيران «المهمين والجيدين» لبلاده. وأثنى وزير الخارجية الإيراني على دور أمير الكويت في تعزيز علاقات حسن الجوار بين دول المنطقة. وخلال المشاورات التي جرت بين الطرفين قال تقرير الخارجية الإيرانية، إن ظريف تطرق إلى «المشكلات الموجودة في المنطقة والعالم»، مطالبا بضرورة «النظر إلى المستقبل والأعداء والمخاطر المشتركة».
وحملت الكويت على عاتقها القيام بجهود لاستكشاف إمكانية قيام حوار مع إيران يفضي إلى تصفية الأجواء المتوترة، وتجنيب المنطقة مزيدًا من التدهور نتيجة هذه الخلافات.
وبالنسبة إلى إيران فإن درة التاج في علاقاتها الخليجية هي السعودية، التي اشترطت تغيير السلوك الإيراني باعتباره مدخلا لبناء علاقات تقوم على الثقة بين البلدين.
المحلل السياسي الكويتي الدكتور عايد المناع، قال لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن زيارة وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح إلى إيران «تمثل مجلس التعاون، والهدف من هذه الزيارة التباحث مع الإيرانيين بشأن المرحلة المقبلة، واستكشاف إمكانية تعاون الجانب الإيراني مع دول الخليج وبناء علاقات طبيعية تقوم على المصالح المتبادلة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية».
ومضى يقول: «إذا كانت إيران تريد علاقات طيبة مع دول مجلس التعاون، فمن المؤكد أن دول المجلس ترغب هي الأخرى في ذلك».
وأضاف أن «من المعوقات الرئيسية هو التدخل الإيراني في الشؤون الداخلية للدول الخليجية خصوصًا، والدول العربية عمومًا، وبينه التدخل في شؤون البحرين واليمن الذي يمثل تدخلاً عدائيًا ويتعارض مع الأمن القومي لدول المجلس، وكذلك الحال بالنسبة للتدخل في العراق وسوريا، فهو تدخل غير مبرر ويهدد الأمن القومي العربي، الذي تعتبر دول الخليج جزءًا منه».
وقال: «إذا أرادت إيران أن تبدأ صفحة جديدة مع دول الخليج، فلتمنع تدخلها في الشؤون الداخلية، ولكن لا يمنع أن هناك ملفات أخرى عالقة، بينها الخلاف على الجزر الإماراتية الثلاث، وكذلك ترسيم الحدود في منطقة الجرف القاري الكويتي السعودي الإيراني».
وقال إن «دول الخليج لديها الاستعداد لبناء علاقات سياسية واقتصادية وثقافية مع إيران ما لم يكن هناك مساس بالسيادة الوطنية وبالمكونات الاجتماعية والمذهبية في هذه الدول».