كتاب 11

02:02 مساءً EET

اعتدال البوصلة البريطانية تجاه الأزمة الليبية

الموقف البريطاني من الأزمة الليبية كان ولا يزال مشوشا ومبنيا على معلومات مضللة؛ مما جعله ضمن دائرة التبعية للموقف الأميركي البراغماتي والمشرعن للفوضى والميليشيات طيلة عهد أوباما – كلينتون الراعي الرسمي لإخوان البنا وقطب؛ فشرعنة وإعادة تدوير الميليشيات، أمر يؤدي إلى عدم استقرار الأمم والشعوب.تصريحات السفير البريطاني في ليبيا، بيتر ميلت، الأخيرة في طبرق في زيارة جاءت بعد مقاطعة دامت لشهور مع السلطة الشرعية في ليبيا، حيث اجتمع مع عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، وأقر بفشل اتفاق الصخيرات وتراجع عن مواقف سابقة متعنتة كانت تحول دون فتح الاتفاق للنقاش والتعديل وكأنه نص مقدس لا يمكن إعادة صياغته حتى ولو بالتوافق بين الأطراف؛ فتعنت بعض الدول الغربية كان السبب الرئيسي في حالة الانسداد السياسي، حيث قال: «إمكانية الوصول إلى حل جديد بعد الجمود الذي حصل سياسيا، مؤكدًا أن القرار يعود أولاً وأخيرًا لليبيين، ويقتصر دور المجتمع الدولي على تسهيل الحوار وتشجيع الجميع للوصول إلى تسوية سياسية»، مشيرا إلى أنهم لا يمكن أن يفرضوا أي حل من الخارج على الليبيين.حيث تم الاتفاق على التعديل السياسي، بحيث يتكون المجلس الرئاسي من ثلاثة أعضاء بدلا من تسعة، لم يجلب سوى التناطح بينهم، وأن يكون رئيس الوزراء من غير الموجدين حاليًّا، حيث أقر بفشل المجلس الرئاسي في أداء المهام المطلوبة منه، كما وعد بالتعاون لتغيير المبعوث الأممي مارتن كوبلر.تراجع السفير بيتر ميلت واعتدال البوصلة في الموقف البريطاني تجاه الشرعية الليبية المتمثلة في مجلس النواب المنتخب هي خطوة تبقى مشجعة، حتى وإن جاءت نتيجة تفاهمات وتناغم مع الموقف الأميركي، الذي عبر عنه الممثل الأميركي في ليبيا جوناثان واينر الذي دعا دول الجوار الليبي والدول الإقليمية للعب دور بارز، في إشارة إلى المبادرة الثلاثية الجزائرية – المصرية – التونسية، ويعتبر بث حالة من الزخم الإعلامي وشبه تناغم معها لحلحلة الأزمة الليبية.تصريحات السفير البريطاني بيتر ميلت والمبعوث الأميركي جوناثان واينر، لا يمكن قراءتها بعيدا عن حالة التقارب بين الجيش الليبي والجيش الروسي في مكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط، وزيارة المارشال حفتر للبارجة الروسية أدميرال كوزنتسوف خارج المياه الإقليمية الليبية قبالة سواحل طبرق الليبية، حيث شعرت بريطانيا بضياع مصالحها في ليبيا عامة وبرقة خاصة، بعد انحيازها التام لميليشيات الإسلام السياسي، ومراهنتها على الجواد الخاسر، وبخاصة تزامن هذا مع انتصارات الجيش الليبي في دحر وتضييق الخناق على الميليشيات الإرهابية.لا يمكن قراءة عدول الأطراف الغربية، ومنها بريطانيا، عن تعنتها السابق تجاه اتفاق الصخيرات، الذي كان مجرد عقد تمكين لجماعة الإسلام السياسي، وعلى رأسها جماعة إخوان البنا وقطب من النفوذ والتصرف المنفرد والمطلق في ليبيا، إلا ضمن حزمة من المتغيرات الدولية، حيث تناغم مع انتهاء إدارة أوباما، وتولي إدارة جديدة في البيت الأبيض، لن تكون حاضنة لجماعات الإسلام السياسي كسابقتها؛ مما دفع بدول كبريطانيا لتصحيح مسارها مبكرا لكسب بعض النقاط.العودة إلى الحوار السياسي يجب أن يكون ليبيًا ليبيًا، وبين جميع الأطراف الليبية التي تؤمن بالدولة الوطنية المدنية، والتوافق ضمن إطار احترام الشرعية وخيار الشعب، وليس إعادة إنتاج كيانات موازية للبرلمان «كالمجلس الرئاسي» أو موازية للجيش «كالحرس الرئاسي»؛ مما يجعل العودة لنقطة الصفر أقرب من الابتعاد عنها.

التعليقات