عرب وعالم
«مؤتمر باريس حول السلام» يتمسك بحل الدولتين
أعرب المجتمعون من أجل السلام في باريس، أمس، في بيانهم النهائي، عن اعتبارهم حدود عام 1967 «أساسا للحل للصراع» الفلسطيني ــ الإسرائيلي. وأعربوا عن الاستعداد، في إطار آلية متابعة لنتائج المؤتمر، عن استعداد المشاركين المهتمين للاجتماع، مجددا قبل نهاية العام الحالي، لدعم المساعي من الطرفين في سعيهما للوصول إلى حل الدولتين من خلال المفاوضات. والتزمت فرنسا بإعلام الطرفين المعنيين بخصوص الدعم الجماعي الدولي والمساهمات الملموسة للوصول إلى حل الدولتين. وشدد البيان، بطبيعة الحال، على حل الدولتين، داعيا الطرفين المتنازعين إلى إعادة تأكيد التزامهما بحل الدولتين، والقيام بالخطوات الضرورية لوقف السير نحو مزيد من التدهور الميداني، ومنها أعمال العنف واستمرار الاستيطان. كذلك، شدد البيان على أهمية مبادرة السلام العربية من أجل حل شامل وللسلام والأمن الإقليميين. وأشار البيان إلى أن مفاوضات الحل يجب أن تفضي إلى وضع حد نهائي للاحتلال الذي بدأ في عام 1967، في إشارة إلى حرب العام المذكور.
وكان «المؤتمر من أجل السلام في الشرق الأوسط» الذي استضافته باريس طيلة يوم كامل، قد انطلق وسط تدابير أمنية مشددة وحضور إعلامي دولي كثيف. واللافت، أنه غاب عنه الطرفان الإسرائيلي والفلسطيني. الأول، لأن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لم يكف عن مهاجمته بعنف. وبعد أن كان قد وصفه قبل ثلاثة أيام، بأنه «خدعة فلسطينية بغطاء فرنسي»، وأن غرضه «فرض شروط على إسرائيل لا تتناسب مع حاجاتنا الوطنية»، مضيفا أنه «يبعد السلام عنا، ويجعل المواقف الفلسطينية أكثر تشددا ويبعد الفلسطينيين أكثر عن إجراء مفاوضات مباشرة ومن دون شروط مسبقة». أما الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي كان من المفترض به أن يصل مساء السبت إلى باريس مباشرة من روما، فقد طلبت منه السلطات الفرنسية «تأجيل» زيارته لباريس لمدة أسبوعين، وفق ما أفادت به مصادر فلسطينية. وقالت مصادر رسمية فرنسية إن الرئيس فرنسوا هولاند اتصل بأبو مازن وتفاهم معه، من أجل خفض التوتر، على تأجيل مجيئه إلى باريس؛ لأن الصيغة الأصلية المقترحة كانت تنص على حضوره وحضور نتنياهو معا وليس حضور طرف وغياب آخر.
وفيما حضر وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، بداية بعد الظهر، في آخر مشاركة دولية له قبل انتهاء مهماته في وزارة الخارجية، غاب نظراؤه وزراء خارجية روسيا والصين وبريطانيا. وكان الحضوران الوزاريان العربي والأوروبي هما الأبرز مع وجود أحمد أبو الغيط، أمين عام الجامعة العربية، ووزراء خارجية السعودية وقطر والبحرين ومصر والمغرب والجزائر… وحضر أمين عام منظمة التعاون الإسلامي، كذلك حضرت فدريكا موغيريني، وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، والكثير من الوزراء الأوروبيين. في المقابل، كان تمثيل الأمم المتحدة ضعيفا، وجاء على مستوى الممثل الخاص للأمين العام للشرق الأوسط. وفي المحصلة، حضر 50 وزير خارجية ونائب وزير وممثلون لعشرين دولة أخرى. وأفادت الخارجية الفرنسية بأن 350 صحافيا دوليا اعتمدوا لتغطية أعمال المؤتمر.
وفي الكلمة التي ألقاها بداية بعد الظهر، رد هولاند مباشرة على الافتراءات الإسرائيلية، فيما شهدت باريس مظاهرة دعا إليها المجلس التمثيلي للمنظمات اليهودية في فرنسا أمام السفارة الإسرائيلية، للتنديد بالمؤتمر وبما اعتبره «عملا عدائيا» بحق إسرائيل. وقال هولاند إنه «يعرف» ما قيل عن المؤتمر بين «مشكك» في جدواه وآخر «مندد»؛ لأنه لا يريد أي مبادرة، وثالث يرى فيه «عملا ساذجا» أو حتى «عبثيا».
ردا على كل هؤلاء، قال هولاند إن المبادرة الفرنسية «تحذير» لأن حل الدولتين، الذي هو في نظر بلاده «الوحيد الممكن»، أصبح في خطر وهو مهدد «ميدانيا وسياسيا وأخلاقيا»، داعيا «العالم إلى رفض استمرار الوضع القائم»؛ لما يحمله من تهديدات للأمن والاستقرار والسلام. وأكد هولاند، الذي تنتهي ولايته الرئاسية في مايو (أيار) المقبل، إنه يريد، من خلال المؤتمر: «إعادة وضع أزمة الشرق الأوسط على أجندة الأسرة الدولية». لكنه في الوقت عينه، نفى بقوة أن تكون بلاده أو المؤتمرون ساعين لفرض «محددات الحل السامي على الطرفين، كما يدعي البعض»، في إشارة واضحة إلى نتنياهو. ومرة أخرى، جدد الرئيس الفرنسي ما قاله الخميس الماضي، من أن «المفاوضات المباشرة وحدها تقود إلى السلام، وعلى القادة (الفلسطينيين والإسرائيليين) أن يتفقوا ويتقبلوا التنازلات المتبادلة».