عرب وعالم
تواصل فعاليات الملتقى الثالث لمنتدى تعزيز السلم بـ “أبوظبي”
تتواصل فعاليات ملتقى الثالث لمنتدى تعزيز السلم، في أبوظبي تحت شعار”دروب السلام، من أبوظبي تبدأ” بمشاركة مصرية .
وقال الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير الثقافة وتنمية خلال فعاليات المنتدى “إن الإمارات العربية المتحدة حريصة كل الحرص، على دعم قدرات المجتمعات المسلمة؛ لمواجهة كل التحديات. إننا ولله الحمد، في الإمارات، إنما نمثل، دولة وطنية ناجحة، بكل المقاييس، هي الآن، في نظر الجميع، النموذج العالمي المرموق، لا نقول فقط، في البناء والاستقرار، بل وأيضا، في الازدهار وطنًا، يدعم الأشقاء، ويسعى دائما، إلى استمرارية تقدم وتطور الأمة، في كافة المجالات”.
و أضاف خلال المنتدى إن وجودكم معنا في مجتمع الإمارات، أيها الاخوة والأخوات، هذا المجتمع، الذي يقوم على التسامح والتعايش بين الجميع ، إنما هو أيضا، تذكرة، بأن الدولة الوطنية القوية، في المجتمع الإسلامي، هي تلك الدولة، القادرة على التعامل الناجح، مع التعدد والتنوع، في الثقافات والحضارات – إننا نعتز غاية الاعتزاز، بأن المجتمعات الإسلامية، على مر العصور، كانت مجتمعات متنوعة، في الأجناس والأعراق، وأن عبقرية الدين الحنيف، قد جعلت من هذا التنوع، مصدر قوة: خلاقة، وإيجابية، بل وكذلك، جعلت منها أيضًا، نبع حضارة: خالدة ومتجددة، قادرة تمامًا، على الإسهام الفاعل، في مسيرة البشرية، دون تشدد أو تعصب، ودون تحيز أو إسراف” .
من جهته أكد الشيخ عبد الله بن بيه أن دولة الخلافة صيغة حكم غير ملزمة، موضحا بالتأصيل العلمي أن بعض المفاهيم ولدت في القرن الماضي بغير ضبط علمي، فالمفهوم تارة يؤصله العلماء ويضعونه كمفهوم، لكنه أحيانا يلقى بالساحة من خلال أناس، ليست لديهم خلفيات علمية منضبطة.
وأضاف خلال فعاليات المنتدى “نحن نعالج اليوم موضوعا مهما متفجرا وهو موضوع الدولة الوطنية، وأن بعض المفاهيم ولدت بالقرن الماضي، لكن هذه المفاهيم نشأت بغير ضبط علمي، فالمفهوم يؤصله العلماء أو الفلسفة،ويضعونه كمفهوم، ولكنه يلقى أحيانا بالساحة من طرف أناس خلفياتهم العلمية ليست منضبطة.
لكن ما هي المضامين الصحيحة لهذه المفاهيم، هل أن كل الدول الإسلامية هي خارج الشرعية والمشروعية؛ لأنها لم تنضم إلى كيان واحد نسميه الخلافة أو الإمامة، أو الامارة أو سمها ما شئت! أو أنها لا تتفق مع رأي بعض الناس في تطبيق بعض الاحكام؟ أو لأنها مقصرة؟ أو لأسباب كثيرة أخرى”.
وأشار إلى أنه ” لا يجوز نزع الشرعية عن الدول الوطنية، التي نشأت في هذا القرن، فهي موافقة لمقاصد الشريعة في النظام والانتظام وفي العمران البشري وفي المحافظة على الامن والسلام والشعائر، ومع ذلك، ولكن لا نعدام العناوين نريد أن نقول: إن مقاصد الشريعة ( كما نفهمها وسنبرهن على ذلك) لا تهتم بالشكليات، إنما بالمضامين والمصالح البشرية.
وأوضح الشيخ ابن بيه إلى خطورة اعتبار جميع المسلمين إرهابيين، نظرا لأن أغلبهم هم ضحايا للإرهاب، وهم في الوقت عينه يحاربون الإرهابيين. وكذلك لأن هذه التهمة تضعف الجهود المبذولة لمحارب الإرهاب. موضحًا أن الأهداف أو المبررات التي تدفع بعض الأفراد إلى قتل أنفسهم، ليست لها أسس تاريخية أو مبررات شرعية. معتبرًا أن مقاصد الشريعة لا تهتم بالشكليات بل بالمضامين والمقاصد.
وقال الشيخ ابن بيه: “بدأنا هنا قبل ثلاث سنوات برعاية من وزير الخارجية الشيخ عبد الله بن زايد، بدأنا نفكر بالوضع العالمي، فقمنا بمبادرات وتحركات ومحاولات لإنشاء تجانس وسلام وإنشاء تيار سلام، كيف ندعو لذلك؟. مذكرا بجهود المنتدى خلال السنوات الثلاث الماضية، حيث جرى العمل على تأصيل فقه وقيم وثقافة السلام في المنتدى الأول؛ لأن فقه السلام يستبعد فقه الخصام.. ثقافة السلام تستبعد ثقافة الحروب والصراع. حاولنا تقديم المضادات الحيوية، المضادات الفكرية لمعالجة هذه الأفكار باعتبارها تمثل أمراضًا. وأقول لبعض القيادات السياسية العسكرية، أنتم تعالجون أعراضا ونحن نعالج أمراضًا، كل الحروب تنشأ في القلوب، ولا بُدَّ من بناء حصون السلام في القلوب، فالأمراض بدأت في القلوب، وبدأت من النظريات أوالمفاهيم المغلوطة.
لقد عالجنا مفهوم الجهاد، مفهوم المماطلة، وأخيرا في مؤتمر مراكش مفهوم المواطنة المتساوية لكل سكان هذه البلاد المشرقية، سواء كانوا مسلمين، مسيحيين، أم ينتمون إلى ديانات أخرى، أصلنا لذلك من صحيفة المدينة، التي تمثل أساسا لمواطنة، فيها الحقوق والواجبات متبادلة، فاجتمع العلماء وأصَّلوا لهذه المبادئ، قدموا حججًا واضحة مبنية على نصوص الكتاب والسنة والقيم الإسلامية التي لا يمكن أن تنسخ، فالنصوص الجزئية يمكن أن تُنسخ، ولكن القيم لا تنسخ.. قيم السلام والوئام، قيمة العدل، قيمة الأخوة البشرية.. هذه قيم لا يمكن أن تنسخ، فدعوى النسخ لا تتناول القيم وإنما تتناول الجزئيات. ذلك لأن السياقات التاريخية هي التي ينبغي أن ننظر إليها ونحن نؤصل من خلال البحث فيها، من خلال جمع الأحكام، من خلال دراسة متأنية لمقاصد الشريعة ، فالقيم، كقيم الرحمة، وقيم العدل، وقيم المصلحة، هي قيم حاكمة. وإذا ما نسب إلى الإسلام شئ يخالف هذه القيم فانه ليس صحيحًا كما قال ابن القيم.
يشارك في المنتدى كل من الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير الثقافة وتنمية ، الشيخ عبد الله بن بيه، رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، الشيخة لبنى بنت خالد القاسمي، وزيرة الدولة للتسامح، ومحمد عبد الكريم العيسى، أمين عام رابطة العالم الإسلامي، والدكتور محمد مطر الكعبي، أمين عام منتدى تعزيز السلم، والدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف المصري، وعمار ميرغني حسين وزير الأوقاف السوداني، وأحمد ولد أهل داود، وزير الشؤون الإسلامية الموريتاني، والدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف، والدكتور عبداللطيف هميم، رئيس ديوان الوقف السني في العراق، والدكتور أحمد عبدالعزيز الحداد، كبير مفتي أوقاف دبي، وجمهرة كبيرة من العلماء والمفكرين والباحثين والإعلامين والمهتمين بتجديد الخطاب الإسلامي على مستوى العالم.