كتاب 11
بريد هيلاري كلينتون يفضح موقفها من البحرين
لا يعلم سوى الله حجم المؤامرة التي حيكت من أجل إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط، إذ تتكشف لنا يوميًا خيوط جديدة تجعل فرائصك ترتعد لشدة دناءتها وخستها، وتفتح لك بصيرتك على أن المنجي منها كان الله وحده أولاً وانتباه قيادات دول الخليج ثانيًا وتكاتف شعوبنا والتفافها ووعيها وإدراكها لخطورة الوضع.
ما ستقرأونه هو آخر فضيحة كشفها موقع «ويكيليكس» لرسالة تخص البحرين بينت بما لا يدع للشك مكانًا لا في قلوبنا أو في عقولنا عن مواقف الإدارة الأميركية السابقة على البحرين عام 2011 وعدم حيادها إزاء أحداث الاضطرابات التي سادت البحرين وإصرارها على تحميل النظام مسؤولية تلك الاضطرابات كواحدة من سلسلة الضغوط التي مورست على أنظمة الدول العربية بهدف إسقاطها كما حدث في تونس ومصر وبقية الدول.
كما تبين الرسالة كيف قابلت تلك الإدارة اليد البحرينية الممدودة للتعاون ولإثبات حسن النية بمواقف مسبقة ومبيتة دون اعتبار لتبعات مثل هذا التدخل على مصائر شعوبنا، وبلغت الاستهانة مداها بقبول مبدأ مرفوض دوليًا وإنسانيًا وأخلاقيًا وذلك بالتحكم بأمور شعوب أجنبية تعيش في أمن وسلام عن بعد ومن مكاتب الخارجية الأميركية!!
الرسالة الإلكترونية رقم D U.S. Department of State Case No. F – 2014 -20439 Doc No. C05783940 Date: 10-30-2015 مسربة من بريد السيدة هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية حين ذاك، كانت قد أرسلت من السيد هارولد كونجي كوه – المستشار القانوني في الخارجية الأميركية بتاريخ 19-11-2011 ومنسوخة كذلك إلى مجموعة من الشخصيات المهمة في الإدارة الأميركية ومنهم السيد فيلتمان – وكيل الأمين العام للشؤون السياسية للأمم المتحدة وكذلك مايكل بوسنر، تشير الرسالة «للجنة تقصي الحقائق» التي أمر العاهل البحريني الملك حمد بتشكيلها كبادرة لحسن النية وقبل فيها أن تخضع البحرين للتحقيق من قبل لجنة دولية، على أن تكون اللجنة مستقلة وتعلن عن نتائجها علانية وأن تقبل البحرين بتوصياتها.
فقط للتنبيه إلى الدرجة التي مدت البحرين يدها للمجتمع الدولي وللولايات المتحدة لإبداء حسن نواياها، ولكن انظروا كيف ردت الإدارة الأميركية على تلك البادرة.
الرسالة التي سربها موقع «ويكيليكس» والتي أرسلها المستشار القانوني لهيلاري تتضمن معلومات (سرية) حصل عليها هارولد من أحد أعضاء اللجنة عبر محادثة هاتفية مطولة بينهما!! ويشير هارولد في رسالته إلى أن عضو اللجنة (لم يرد اسمه في الرسالة المذكورة) «اتصل سرًا بالسيد مايكل بوسنر أيضًا مساعد وزير الخارجية الأميركي للديمقراطية وحقوق الإنسان ووعده بتزويده بتقارير عن سير الأمور، ووعد بالتنبيه المبكر عن أي (انحرافات) قد تحدث في مسار العملية عن (الهدف)»!!!
مما يثبت أن اللجنة كانت مخترقة تمامًا من قبل الاستخبارات الأميركية وتدار من قبل الخارجية الأميركية، هكذا كانت إدارة أوباما تعاملنا. وقبل أن أكمل ما جاء في الوثيقة السرية بودي أن أسأل عن مفهوم الإدارة
الأميركية عن مغزى ومعنى وصف «الانحرافات» في عمل اللجنة التي جاءت في نص الرسالة الموجهة للسيدة كلينتون؟ وعن المقصود «بالهدف»؟ فهل كان هناك هدف آخر غير تقصي الحقائق؟!!
تجدر الإشارة إلى أن الرسالة المذكورة تم إرسالها بتاريخ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، أي قبل الحفل العلني والمباشر لتقديم التقرير 23-11-2011.
أما الأغرب فإن الوثيقة تذكر حجم التدخلات التي وصلت حتى إلى صياغة التقرير، حيث تشير الرسالة إلى (تخوف أعضاء اللجنة من السيد بسيوني في عدم قدرته على تنظيم أفكاره عند التحدث إلى وسائل الإعلام، ولذا سيتم «تحذيره» بأن لا يتناول مخرجات اللجنة الموضوعية ويركز على استقلالية اللجنة).
مرة أخرى نحن الذين نسأل من الذي يحذر رئيس اللجنة؟ ومن يخاطبه؟ فهل كان رئيس اللجنة يأخذ تعليماته من أحد؟
تشير الرسالة إلى التعديلات التي أُجريت على التقرير وتوقيعه من قبل كل الأعضاء مع الإشارة إلى أن بعض أجزاء من التقرير ليست «مثالية» على حد وصف السيد هارولد للسيدة كلينتون، مما يطرح سؤالاً محددًا ما المقصود بالمثالية وما هي مواصفات المثالية؟
وتشير الرسالة إلى اتصالات تمت مع رئيسة مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة السيدة ببلاي التي «وعدت» – حسب الرسالة – بأن تتدخل وتقنع مجلس حقوق الإنسان بقبول التوصيات التي ستذكرها اللجنة!!!
ختامًا انسوا إدارة أوباما التعيسة، وتذكروا جيدًا أن مجموعة بحرينية خانت وطنها بالتآمر مع تلك الإدارة، لتزوير الحقائق وللتأثير في سير الأحداث، والهدف كان الانقلاب على الدستور، فقد كان الهدف المشترك بين الاثنين
(مجموعة خائنة وإدارة أميركية تائهة) هو إسقاط النظام!
والحمد لله أن مملكة البحرين تعلمت الدرس من أحداث مصر وتونس التي وقعت قبل أحداثها بشهرين فقط، فتعاملت بحنكة وصبر وتأنٍ وبحزم وقوة وبتكاتف وتجديد بيعة الشعب للنظام، وبإنفاذ القانون وإسقاط الجنسية عن تلك المجموعة.
تلك الوثيقة هي إهداء لمن ينكر ويستنكف عن الإقرار بأن ما حدث في البحرين في فبراير (شباط) 2011 كان بالتنسيق وبالتدبير مع دوائر أميركية.