عرب وعالم

09:41 مساءً EET

الحريري العائد إلى رئاسة الحكومة: شعبية ثابتة وخصومة مستمرة مع حزب الله

سعد الحريري الذي كلف تشكيل حكومة جديدة في لبنان الخميس، هو الوريث السياسي لرئيس الحكومة الاسبق رفيق الحريري الذي اغتيل في 2005، ما دفع به الى الواجهة السياسية قادماً من عالم الأعمال.
سطع نجم سعد الحريري (46 عاماً) في العام 2005، زعيماً سياسياً بعدما قاد فريق “قوى 14 آذار” المعادي لسوريا إلى فوز كبير في البرلمان، ساعده في ذلك التعاطف معه بعد مقتل والده في تفجير مروع في وسط بيروت، والضغط الشعبي الذي تلاه وساهم في إخراج الجيش السوري من لبنان بعد نحو ثلاثين سنة من تواجده فيه. وقد أحدث ذلك في حينه انقلاباً في المشهد السياسي اللبناني الذي كانت دمشق اللاعب الأكثر نفوذاً فيه على مدى عقود.
وهي المرة الثانية التي يتولى فيها الحريري رئاسة الحكومة. وكانت المرة الأولى بين 2009 و2011 حين ترأس حكومة وحدة وطنية ضمت معظم الأطراف اللبنانيين، وأسقطها حزب الله وحلفاؤه وعلى رأسهم ميشال عون بسحب وزرائهم منها.

وتكمن المفارقة اليوم في أن الحريري يعود رئيساً للحكومة بناء على تسوية اتفق عليها مع ميشال عون الذي انتخب رئيساً للجمهورية الاثنين.

لم يعمل سعد الحريري في السياسة بتاتاً خلال حياة والده. وسمته العائلة لخلافته في العمل السياسي بسبب “دبلوماسيته”، بحسب مقربين.

طويل القامة، وتتسم اطلالاته الإعلامية غالباً بالهدوء والابتعاد عن التجريح الشخصي. إلا أنه تعلم كذلك على مدى السنوات الماضية كيف يصبح خطيباً يحرك الحماسة بين أنصاره، بعدما انتقده معارضوه كثيراً لعدم قدرته على التعبير بشكل جيد باللغة العربية.

على الرغم من القاعدة الشعبية العريضة التي انطلق منها، لم يحقق الكثير في مشواره السياسي بسبب عمق الانقسامات في لبنان، بل اتسمت مسيرته بكثير من التنازلات، ما عرضه لانتقادات كثيرة حتى داخل فريقه السياسي وشارعه.
لكنه يبرر ذلك باستمرار بأنه يعلي المصلحة اللبنانية على مصلحته الشخصية، ويردد قولاً لوالده “لا أحد أكبر من وطنه”.

فقد خاض مواجهات سياسية عديدة مع دمشق وحزب الله، لكنه اضطر مراراً إلى التنازل لهذين الخصمين القويين.

ويتهم سعد الحريري النظام السوري بالوقوف وراء اغتيال والده، لكنه اضطر بعد تسلمه رئاسة الحكومة في 2009 وتحت وطأة الضغوط السياسية إلى القيام بزيارات عدة إلى دمشق، وصولاً إلى إعلانه في أغسطس 2011 أن اتهامه لسوريا كان “سياسياً”.

كما أعلن مراراً أنه لن يقبل بحكومات وفاق وطني يعرقل فيها حزب الله اتخاذ القرارات، قبل أن يشارك تيار المستقبل الذي يتزعمه في الحكومات المتتالية.

ورفض وصول ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية بشدة على مدى سنوات، قبل أن يعمد إلى ترشيحه بنفسه في 20 أكتوبر، ضامناً له أكثرية نيابية أوصلته بعد عشرة أيام إلى الرئاسة.

لكن الحريري نجح في التغلب على حزب الله مرة ثانية في الانتخابات النيابية في 2009، ولم تجر انتخابات منذ ذلك الوقت.

ولم يخضع للضغوط التي تعرض لها من الحزب الشيعي خلال ترؤسه الحكومة، للتنصل من المحكمة الدولية المكلفة النظر في اغتيال والده والتي وجهت اتهامات إلى عناصر من حزب الله بالمشاركة في عملية الإغتيال.

وأنشئت المحكمة الخاصة بلبنان في 2009، لكن حزب الله رفض أي تعاون معها معتبراً أنها “أداة إسرائيلية أمريكية لاستهدافه”. ورفض تسليمها المتهمين الذين صدرت بحقهم في العام 2011 مذكرات توقيف دولية، نافياً أي علاقة له بالاعتداء.
عاش سعد الحريري بين العامين 2005 و2007 لفترات طويلة خارج لبنان في مرحلة كانت تشهد اغتيالات استهدفت شخصيات سياسية وإعلامية مؤيدة لخطه السياسي.

وبعد إسقاط حكومته في 2011، تصاعد التوتر بينه وبين حزب الله على خلفية تدخل الأخير في سوريا وقتاله إلى جانب نظام الرئيس بشار الأسد.

وعلى الرغم من دعمه لعون، أكد الحريري أخيراً أن موقفه من حزب الله لم يتغير وأنه سيبقى رافضاً لتورطه في القتال إلى جانب “نظام قاتل”، بحسب قوله.

وأمضى الحريري مجدداً معظم السنوات الماضية خارج البلاد “لأسباب أمنية”، بحسب المقربين منه.
ولد سعد الحريري في 18 أبريل 1970. وهو يحمل إجازة في الاقتصاد من جامعة جورج تاون في واشنطن.

وهو متزوج من لارا بشير العظم التي تنتمي إلى عائلة سورية عريقة شاركت في السلطة في سوريا خلال الخمسينات، ووالد لثلاثة، صبيان حسام وعبد العزيز وبنت لولوة.

ويروي مقربون منه أنه يهوى الطبخ، ويطبخ أحياناً لأصدقائه. كما يهوى القيام بتمارين رياضية منتظمة.

ورث الحريري عن والده، بالإضافة إلى السياسة، ثروة ضخمة وشبكة واسعة من العلاقات حول العالم. وكان يتولى إدارة شركة “سعودي-اوجيه” للبناء والتعهدات التي كانت الركيزة الأساسية في بناء ثروة رفيق الحريري. كما تولى رئاسة وعضوية مجالس إدارة شركات أخرى عديدة تملكها عائلته.

في الآونة الأخيرة، تفاقمت مشاكل الحريري المالية مع مواجهة “سعودي-أوجيه” لعثرات كبيرة أجبرتها على الاستغناء عن خدمات مئات الموظفين والعاملين لديها في السعودية، ما انعكس سلباً على المؤسسات التي يملكها في لبنان.

ويغذي مصاعب الحريري المالية تراجع اهتمام السعودية التي كانت تضخ أموالاً ومساعدات على نطاق واسع للبنان ولحلفائها، وعلى رأسهم الحريري، بلبنان الذي تأخذ عليه خضوعه لإرادة حزب الله.

التعليقات