كتاب 11

03:13 مساءً EET

ملحم بركات .. والنغمة المذهلة

من بين قمم الجبال «برمانا» و«عالية» و«الأرز» تفوح رائحة النغم والطرب الأصيل، شامخة ذات معنى جميل وعميق، تطرب السامع وتجمل تلك الأنفس بطعم الحياة.

الألحان كثيرة، والأغاني أيضاً متعددة تصدح في كل الزوايا، منها الجميل والقبيح المؤثر وغير المؤثر، تصدر ذبذباتها التي لا تنتهي، تؤثر فينا إما طرباً وإما سخطاً، لكنها تستمر في الدوران لا تتوقف تحكي قصة إنسان.

ملحم بركات، عرفناه منذ الصغر طيراً يشدو لحن الوفاء، ونغماته عميقة تحرك في أنفسنا الشيء الكثير. كان صوته لحناً ونغماً في الوقت ذاته، يعرف كيف يتلاعب بالمفردة البسيطة ليجعلها تعانق حسه المبدع وتشاكس أسلوبه الغريب، وهذا ما كان يلفت الانتباه إلى ملحم بركات أنه لم يكن يوماً شخصاً عادياً فقط يغني لأجل الغناء، كان يمتلك أدوات الإبداع والطرب الجميل، والألحان التي تصدر صوتاً تجعلك تهيم معها في الوديان أو قمم الجبال، أو تلوذ في وسط غيمة بيضاء، كما تغنّى في «حمامة بيضاء» و«عبابي واقف قمرين».

«ع بابي واقف قمرين»:

ع بابي واقف قمرين واحد بالسما

والثاني أغلى من العين بيفهم بالوما

ملحم بركات كان موسوعة غنائية مميزة، حفر الطريق بحبه لفنه وإخلاصه له، كان ملحناً مبدعاً لحَّّن لعدد من الفنانين، أمثال وديع الصافي، وفيروز، وماجدة الرومي، فاجتمع جمال اللحن والصوت ليتشكل نغمة مميزة جعلت الكثير من عشاقه يرددون أغانيه في كل مكان. من ضمن أغانيه: «جيت بوقتك»

جيت بوقتك فرفح قلبي

فرفح قلبي أه يا قلبي

امسح العتمة الساكن دربي

كان علامة مميزة وصاحب حضور قوي ولافت، جذب الكثير من الجمهور ببساطته في الحضور الذي أسر القلوب من خلال «غُناه» وإبداعه على المسرح، وألحانه التي كانت تشبه قوس قزح، ثرية وغنية تخاطب النفس وهمومها وجمالها أيضاً، فأظهر الحس الإنساني في ألحانه وصوته وأدائه.

الموسيقى ليست فقط لتطرب القلب، أو ليتغنى بها، الموسيقى جزء من تكوين الإنسان، عرفته جميع الحضارات السابقة، كانت تنصت إلى صوت الريح وهدير النهر، كانت تستمتع بتغريد الطير وصوت موج البحر، لها سحر في الارتقاء وتحسس الجمال، تهدئ المنفعل والغضبان، تلملم غربة الإنسان، هكذا كانت وستكون، من يمنع عنا تحسس الجمال؟!

التعليقات