عرب وعالم
أبو بكر الصديق لا أبو بكر البغدادي : رسالة كاتب ألماني مرموق لمؤيدي داعش
وجه الكاتب الألماني المرموق يورجن تودنهوفر رسالة خاصة إلى مؤيدي تنظيم داعش ذكرهم فيها بتعاليم الإسلام الحنيف التي تنبذ العنف وقتل الأبرياء.
الرسالة التي نشرها تودنهوفر عبر صفحته الرسمية على موقع فيسبوك وترجمها من الألمانية : إسماعيل خليفة جاء نصها كالتالي :
أعزائي مؤيدي داعش!
بحسب تصريحات وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزيير فإنكم تعتزمون تنفيذ هجمات إرهابية على الأراضي الألمانية.
وأنا هنا أتسائل : ألا تحبون الإقتداء بالخليفة الأول أبو بكر الصديق؟
أبو بكر الصديق كانت له تعليمات واضحه للجنود قبل أي معركة من أبرزها قوله للجنود : ” لا تخونوا ولا تغلوا، ولا تغدروا ولا تمثلوا، ولا تقتلوا طفلاً صغيراً، ولا شيخاً كبيراً ولا امرأة….”.
لماذا تصرون إذن على فعل نقيض لتلك الوصايا؟
سيقول المعارضون لكتاباتي أنه لا فائدة من رسالتي هذه إليكم، لكنني على الأقل أحاول.
وادعوكم أن تقرأوا الأسطر القادمة من رسالتي بعناية لأنني أؤمن دائماً بالإنسان وأحمل قدراً كبيراً من الإحترام تجاه دين الإسلام.
ألا ترون أنه من التجديف أن تنسبوا عنفكم وعربدتكم للرب؟ بالرغم من أن الله حرم في القرآن قتل الأبرياء في سورة المائدة الآية رقم 32 ونهى عن إكراه الناس على اعتناق الدين في سورة البقرة الآية رقم 256 ونهى عن هدم دور العبادة في سورة الحج الآية رقم 40.
لكنكم ترتكبون كل تلك المحرمات بشكل مستمر وأكثر من تقتلون مسلمون. هل تريدون بأفعالكم تلك أن ترافقوا جورج بوش في نار جهنم؟
أنتم تزعمون أنكم تقاتلون في سبيل الإسلام وهذه في الواقع نكتة سخيفة لأنه لا يوجد من هو أكثر سعادة بأفعالكم المشينة من أعداء الإسلام الكثيرون على مستوى العالم.
ألا يكفيكم ما للإسلام من أعداء؟ لقد كاد المرء يعتقد أنكم من صنيعة أعداء الإسلام.
دائماً ما يزعم قادتكم أنهم يقدرون القرآن ويحترمونه ودائماً ما تقتبسون آيات قرآنية لتبرير إرهابكم وهى آيات كانت تصف المعارك والغزوات التي وقعت في محيط مكة والمدينة قبل 1400 عاما .
وبحسب آراء الفقهاء المسلمين المعتبرين فإن آيات القتال في القرآن مرتبطة بمواقف تاريخية محددة عندما كان النبي محمد يواجه أهل مكة عسكرياً بعدما هاجموا المسلمين وهو ما يعني أنها كانت حروب دفاعية.
كما أن الآية التالية لآية {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ ۚ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ۚ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّىٰ يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ ۖ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ ۗ كَذَٰلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ } هي الآية رقم 192 من سورة البقرة والتي تقول : {فَإِنِ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } أي أنه إذا توقف المعتدون عن الهجوم والإعتداء عليكم فإن الله غفور رحيم.
لكنك قادتكم لا يقتبسون آية {فَإِنِ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } ويحاولون إخفائها كما يفعل المخادعون والمشعوذون.
في الإنجيل المسيحي توجد العديد من الأمثلة المشابهة بل وربما بشكل أكبر مما هو موجود في القرآن.
ولعل أي شخص لديه بقية من عقل لا يمكنه أن يسقط أوامر القتال الخاصة بالمعارك التاريخية القديمة على وقتنا الحاضر.
بعضكم غاضب من الحروب الغاشمة التي يشنها الغرب وأنا أشارككم هذا الغضب حيث تسببت حرب العراق على سبيل المثال في قتل أكثر من مليون عراقي بحسب منظمة ” أطباء بلا حدود ” وهي حرب تم تبريرها من خلال أكاذيب لا صحة لها.
وأفهم غضبكم من الحرب التي شنها الغرب في ليبيا والتي أطاحت بقذافي واحد لنجد أمامنا الآن 50 قذافي بجانب أعداد لا تحصى من القتلى المدنيين.
أنا لا أنسى أيضاً الحروب الاستعمارية الأوروبية العديدة ضد العالم الإسلامي لكن عزائي الوحيد أن ألمانيا لم تشارك في أغلب تلك الحروب الاستعمارية التي ضربت العالم الإسلامي.
تلك الحروب الاستعمارية كانت فظيعة وغاشمة وغير شرعية لكن حتى تلك الحروب الغاشمة لا تعطيكم الحق في قتل المدنيين الأبرياء.
الإرهاب ليس من الإسلام بل هو ضد الإسلام والقرآن حرم قتل الأبرياء بشكل واضح وقاطع دون استثناءات.
الآية رقم 32 من سورة المائدة تقول : {مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ }.
وهذه الآية تنطبق على كل البشر على وجه الأرض. الإسلام هو دين الرحمة لكن تنظيم داعش يريد أن يحول 14 قرناً من الأخلاق الإسلامية الرفيعة والعلوم والعدالة إلى خليط من الجهل والظلامية والتخلف.
عليكم أن تقرأوا القرآن بقلوبكم وعقولكم لا بفوهات البنادق الكلاشنيكوف وساعتها سوف تتعرفون على تعاليم الإسلام العظيمة والتي تصلح لكل زمان ومكان وتعارض الإرهاب تماماً وتنبذه.
أدعوا إلى ربكم بالحكمة والموعظة الحسنة ولا تكونوا مجدفين مجافين لروح الإسلام.
ألم تقرأوا من قبل أوامر القرآن الأساسية والتي جاء من بينها قول الله :
إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا [الفرقان : 70]
وقوله :
وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ۛ وَأَحْسِنُوا ۛ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [البقرة : 195]
وقوله :
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [النحل : 90]
وقوله :
وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ [الرعد : 22]
وقوله :
ۖ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ [البقرة : 60]
وقوله :
وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [البقرة : 224]
وقوله :
وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا ۖ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ [الشورى : 40]
وقوله :
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ ۚ وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا [النساء : 29]
113 سورة من سور القرآن ال 114 بدأت بقول الله : {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ} لكن إرهابكم أبعد ما يكون عن الرحمة.
إذا كنتم حقاً تحبون الإسلام فإنه ينبغي عليكم التوقف عن تلك اللعبة التي تلعبونها والتي هى أبعد ما يكون عن الإسلام.
ينبغي أن تسألوا أنفسكم لماذا يرفض 90% من السلفيين في ألمانيا عملياتكم الإرهابية؛ لماذا يرفض بيير فوجل نفسه ذلك الإرهاب الذي تمارسونه؟
منذ إعادة توحيد ألمانيا لم يقتل ألماني واحد في هجمات إرهابية “إسلامية” في ألمانيا وهذا أمر يسعدني كثيراً.
لا تحولوا تقليد اليمين الالماني المتطرف الذي قتل أكثر من 180 شخص منذ إعادة توحيد ألمانيا. لا تتخذوا اليمين الألماني المتطرف قدوة ومثلا أعلى.
إن الإسلام الذي أعكف على دراسته منذ 50 عاماً وعايشته خلال رحلاتي في البلدان الإسلامية هو دين الرحمة والعدالة.
الإسلام هو دين الحب و السلام ويجدر بالمرء أن يعيش بتعاليم هذا الدين السمح بدلاً جعل الناس تسب الله كل يوم بسبب العمليات الإرهابية.
قفوا إلى جانب دينكم العظيم بدلاً من تسليم عقولكم لأفكار داعش التي هى فى الحقيقة ضرب من ضروب عبادة الشيطان.
أوقفوا هذا الجنون ! وأعلموا أن الإعتراف بالخطأ والسعي لتصحيحه من شيم الرجال الأقوياء وأن الضعفاء وحدهم هم من يخشون الرجوع إلى الحق وترك طريق الباطل.
وأخيراً يسعدني التواصل الشخصي معكم بغرض إيجاد مخرج من دوامة العنف الدموية التي نعيشها حالياً. تواصلوا معي عبر الفيسبوك أو عبر موقعي الإلكتروني! تواصلوا معي قبل أن تدمروا كل شيئ!
فكروا جيداً في حياة الأبرياء وفي واجبكم تجاه دينكم وفي مستقبل التعايش السلمي بين المسلمين وغير المسلمين في ألمانيا ! فكروا جيداً في آبائكم وأمهاتكم وفي حياتكم وحياة إخوتكم وعائلاتكم !
رجاءً أعيدوا التفكير فيما تفعلون !