كتاب 11
لا تركيع للسعودية ولا تركيع لمصر
اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي الأسبوع الماضي بين المواطنين السعوديين ، وبين المواطنين المصريين بسبب تصويت مصر، في شأن سوريا في الأمم المتحدة، بما يخالف تصويت المملكة العربية السعودية، وبدأت الشتائم، والمعايرة ، بين الطرفين، وهذا إن دلّ على شيء فهو يدل على حماقة الطرفين الذين سمحوا للمتربصين من الأعداء والممتمصلحين لزرع الفتنة بين البلدين، خصوصاً آذناب ( الأخوان المسلمون ) القابعين على بركان الترقب، ليجعلوا من البلدين مسرحاً لمخططهم التدميري، ذلك المخطط الذي مازال يسيطر على أحلامهم ، وعقارب ساعاتهم .. مصر لن تركع إلا لله ، وهذا ما نتمناه لبلدٍ كان ومازال رمزاً للعروبة، والقومية ، والقوة العربية.. والسعودية لن تركع إلا لله أيضاً فهي مهد العروبة ، ومهد الحضارة ، التي انتقل بها العرب بدءاً من جنوب الجزيرة العربية ، إلى الأسكندرونة جنوب تركيا ، فيما اتفق عليه اصطلاحاً بمسمى الدول العربية، وفيها بيت الله الذي يتجه إليه المسلمون عرباً، وعجماً ، من كل العالم بصلواتهم خمس مرات في اليوم، وحجاً وعمرة مرةً في العُمر كل عام .. فرضاً من الله وليس من السعودية التي شرفها الله بذلك .. ولست هنا بصدد شرح حضارة الجزيرة العربية ، التي تُشكّل السعودية معظمها في كل البلدان العربية إذا ما تتبعنا هجرة العرب قديماً، والتي من خلالها كانت هوية العرب واضحة بما أنتجته هناك في دار هجرتها العربية الأخرى ، وأيضاً لست بصدد عراقة حضارة مصر التي هي من جذور العرب تاريخياً، ولست بصدد قيمتها التنويرية ، والثقافية ، التي تشكلت بروحها في هوية العرب أيضاً( هذه الحضارة التي يتبارى حولها الجهلة في مواقع التواصل الاجتماعي ) كل يدّعي الفضل فيها.. دون أن يتتبع التاريخ الذي أهملوا البحث فيه ليتفرغوا للمعايرة ، والتعيير به على هوى عقولهم، وظواهرها الصوتية، وانفعالتها العاطفية …مصر لها ثقلها العربي ، والإسلامي، كما هو للسعودية، ولكل منهما شخصيتها السياسية المستقلة عن الاخرى ، فلا تركيع بينهما… ولا غنى لإحداهما عن الأخرى، خصوصاً في هذا الوقت الحرج الذي تشّتت فيه الدول العربية ، بالثورات الخبيثة وتآمر العالم الغربي عليها خارجياً ، وتكاتف الخونة معهم داخلياً، ولم يبق من قوة العرب وهيبتها، سوى ما كتبه الله لها من تماسك بكيان هاتين الدولتين في مصر والسعودية ، لتبقى صامدة في وجه هذا الإنفجار التآمري الخطير، حتى ولو قال من قال أن نظرية المؤامرة من صنع تخيلنا نحن العرب، نعم هناك مؤامرة لإنهاك العرب وتشرذمهم، وتشريدهم ، وتقسيمهم، وهذا أمر ليس بخاف على مستنير، منذ أن بزغت فكرة ما يسمى بمصطلح الشرق الأوسط الجديد، ولولا أن تدارك الله مصر بعزيمة شعبها، وقادتها، وتعاضد السعودية، ودول الخليج معها في ثورتها على الأخوان المتحزمين بمعاضدة الغرب الخفي لهم ، ( فالله وحده هو العالم ) بالدمار الذي كان سيحل بجميع الدول العربية ، عطفاً على هذا الدمار، والتشرذم، والخراب، الذي نراه.. ما الذي يريده مرتزقة الإعلام من المواطنين الغوغائيين من الطرفين، في ظل سكوت الإعلام الرسمي من الطرفين أيضا ، وصمته العميق، ليفتح لهم أبواب التطاحن على مصراعيها دون لجم ، أو تأديب ؟ الدولتان على أجمل ماتكون عليه العلاقة بينهما في جميع المجالات ، وتسير وفق خطى سياسية، وإدارية محكومة باتفاقيات، وشراكات ، لا دخل لها بالمواقف الآنية، الغير مقيّدة برؤية واضحة بين الطرفين في المحافل الدولية..، وهنا مكمن الخلل !! إذ يجب على الدولتين صياغة رؤية مشتركة، وواضحة يلتزم بها الطرفين في مواقف الخلاف الدولي .. مصر لن تركع، والسعودية لن تركع، فقد أعز الله الدولتين بما يسره لهما من قوة، ومن، عزة، ومن تعاون، يسند بعضهما بعض ، فهما الأمل المتبقي للعرب.. وإن كان هناك مرتزقة في الإعلام مستترين بأسماء مستعارة في السعودية ، ومصر، فهناك أيضاً مرتزقة معروفون بأسمائهم الصريحة، وللعلم هناك إعلام خارجي مزوّر بمعرفات سعودية، ويعمل ضد السعودية و يتعمد أن يثير الفتن بهاشتاقات، وحملات بقصد إشعال الفتنة.. وبودي لو سأل الأخوة الأعزاء في مصر من وضع لهم : هاشتاق منع العمرة سنة على المصريين !!!! هل يضمن لهم أعمارهم للسنة القادمة ؟ ألا يعرف صاحب هذا الهاشتاق آنه هنا لا يتطاول على السعودية بقدر تطاوله على الله بصدّ خلقه عن زيارة بيته الكريم.. مع العلم أن الكثير من المواطنين السعوديين دائماً ومنذ زمن يطالبون بتقنين العمرة من كل البلدان نظراً لتكدس المعتمرين ومماطلتهم في المغادرة إلى بلدانهم ، تأسياً بعمر ابن الخطاب رضي الله عنه حيث كان ينادي بعد كل حج : ( يا أهل الشام شامكم ، يا أهل اليمن يمنكم ) رغبة منه في عدم هجر بلدانهم وتعميرها.. في النهاية وكما يقول المثل ( مصر والسعودية عينان في رأس ) لا أغمض الله هاتين العينين عن بعضهما، ولا أخرجهما من رأسهما، وكلنا في الهوى السعودية، وكلنا في الهوى مصر..
زينب غاصب
كاتبة سعودية