كتاب 11
تسريبات كيري ،، والصراع السوري!!
في تسجيل مسرب لحديث أدلى به وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في اجتماع عقده مع معارضين ونشطاء سوريين 22 سبتمبر/على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة. ونشرته “نيويورك تايمز” الأمريكية عبر كيري في حديثه عن خيبة أمله، وإحباطه حيال كيفية معالجة بلاده الملف السوري، مشيرا إلى انعدام الرغبة لدى الإدارة الأمريكية في الحرب في سوريا، فضلا عن أن “الكونغرس لن يوافق على استخدام القوة نظرا لمعارضة الكثير من الأمريكيين إرسال شبابنا إلى سوريا ليقتلوا هناك”. وأضاف كيري إلى أن “اللامبالاة التي ينتهجها الأسد على جميع الأصعدة”، قد تدفع الحكومة الأمريكية لتبديل مسارها بالكامل على الحلبة السورية ،،
التصريحات المسربة لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري تجعلنا نفهم أكثر الموقف الأمريكي تجاه الملف السوري والتي لا تختلف هذه التصريحات المسربة عن الوقف الرسمي للإدارة الأمريكية بشأن الصراع في سوريا في البداية نجد أن هذه التصريحات جاءت على عدة نقاط من هذه النقاط ” خيبة أمل كيري، وإحباطه حيال كيفية معالجة بلاده الملف السوري، مشيرا إلى انعدام الرغبة لدى الإدارة الأمريكية في الحرب في سوريا ” من هذه النقطة نجد أن هناك تذمر داخل أروقة السياسة الأمريكية تجاه الطريقة التي يتم التعامل فيها مع الملف السوري وهو ما يعكس وجود فشل أمريكي بشان الملف السوري هذا الفشل يعود إلى التراجع الحاصل في الدور الأمريكي في المنطقة وهذا الدور الذي تراجع لصالح تعاظم الدور الروسي والذي من الواضح أن السياسات الروسية بشأن الملف السوري استطاعت الصمود ولم يحدث هناك أي بوادر تبدل أو تراجع كما هو الحال مع السياسة الأمريكية ،،
أما عن النقطة الأخرى في تصريحات كيري المسربة نجد أن هناك تأكيد وهو يتطابق مع الموقف الرسمي والذي وسبق التصريح به أكثر من مرة بأن خيار التدخل العسكري في سوريا مستبعد تماما من سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه سوريا مايعني ذلك أن واشنطن لن تخوض حرب جديدة في سوريا تكبدها الخسائر التي تكبدتها إبان تدخلها في العراق ، مايعني ذلك أن خيارات واشنطن تجاه الملف السورية خيارات محدودة لاتتخطى مستوى الدبلوماسية التي يبدو أنها تسير في طريق متعثر وهذا ما اتضح في الآونة الأخيرة خاصة بعد الجدل الدائر حاليا بين موسكو وواشنطن ،،
النقطة الأخيرة والتي باعتقادي أنها نقطة في بالغ الأهمية وهي مالم تتضح بعد ملامحها في الموقف الرسمي لكن جميع المؤشرات الحاصلة بدء من طريقة التعامل الأمريكي مع الملف السوري وعدم امتلاك واشنطن خيارات عديدة في تعاملها مع الملف السوري نجد أن واشنطن ليست بعيدة عن السير في الاتجاه الذي يقود إلى تطبيق هذه النقطة وهي ما جاء في تصريحات كيري المنسوبة وهي ان “اللامبالاة التي ينتهجها الأسد على جميع الأصعدة”، كما يقول كيري قد تدفع بالحكومة الأمريكية إلى تبديل مسارها بالكامل على الحلبة السورية ، مايعني ذلك أن الفشل الذريع الذي وصلت له السياسة الأمريكية في أحداث تغيير في خارطة الصراع السوري وأيضا المعارضة المسلحة التي لاتزال منقسمة على نفسها ولم تنجح جهود توحيد صفوفها والتي فشلت في تغيير ميزان القوة على الأرض لصالحها كل هذه المؤشرات قد تدفع الإدارة الأمريكية لتقديم الكثير من التنازلات مايعني تخلي واشنطن عن مطالبها السابقة وبخاصة فيما يتعلق برحيل الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة ،،
تصريحات كيري المسربة وبخاصة فيما يتعلق بالنقطة ذات الأهمية والتي تلمح إلى تغيير سياسيات واشنطن تجاه الملف السوري تجعلنا نتنبأ بأنه ليس من المستبعد أن تنشب أزمة جديدة داخل مجموعة أصدقاء سوريا وبخاصة فيما يتعلق برحيل الرئيس السوري مايعني ذلك ان مصير الأسد لم يعد موضع خلاف بين الأطراف الدولية كما في السابق بل سوف يصبح موضع خلاف داخل مجموعة أصدقاء سوريا فمن جهة هناك تركيا التي سعت إلى إحداث تغيير في سياساتها وأصبحت ترى من الضروري الحوار مع الأسد مايعني تخليها عن موقفها المتشدد والمطالب بالرحيل الفوري للأسد وهناك أيضا واشنطن الذي يبدو أن هناك تململ داخل صناعة القرار الأمريكي من الملف السوري هذا التململ الذي قد يدفع واشنطن الذي يبدو من الواضح أنها لم تعد تمتلك خيارات كثيرة بأن تتخلى عن مواقفها السابقة ومن بينها المطالبة برحيل الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة ،،
تصريحات كيري المسربة والتي أكاد أجزم انها لم تكن تسريبات بمعناه المتعارف عليه بدون معرفة الإدارة الأمريكية أو رغبتها في تسريب ذلك الحديث بل هو تسريب متعمد والذي يعبر عن وجود تململ أمريكي بشأن الملف السوري وفشل المعارضة السورية المسلحة سياسيا وعسكريا لذلك نجد أن هذا التسريب الذي باعتقادي تسريب متعمد هو رسالة أرادت امريكا إيصالها لأطراف المعارضة السورية المسلحة وهذه الرسالة مضمونها بان الموقف الأمريكي لن يظل ثابتاً وداعماً للمعارضة وأن هذا الموقف الأمريكي وإن طال فهو لن يرقى إلى مستوى التدخل العسكري للقيام بما عجزت المعارضة عن القيام به وهو إسقاط الأسد ،،