كتاب 11

09:47 صباحًا EET

حرب في مصر أم عليها

 
وأخيراً خرج القرضاوي علينا مطالباً المسلمين من كافة بقاع الأرض بالجهاد في مصر، وهذا هو رابط لحديثه كي لا يخرج علينا من يدّعي أن القرضاوي لم يقل ذلك:http://www.youtube.com/watch?v=l1yhqngdA7khttp://www.youtube.com/watch?v=fA7C81kZuXc

شكراً يا قرضاوي، فما كان لنا ولو استمررنا لسنوات أن نقنع أهل مصر بحقيقتك ما نجحنا ولظل الناس يستهجنون ما نقول. الصهيونية تسعى لتفتيت مجتمعاتنا بالاحتراب الداخلي وها أنت تستمر في الدعوة للاقتتال مثلما فعلت قبل ذلك في ليبيا وسوريا، وها نحن نشاهد إلام آلت الأمور في ليبيا وسوريا. تصريح القرضاوي لن يكون نهاية المطاف فسيخرج علينا الكثير من دعاة الإفك كي يحضوا على القتال في مصر، فالحشود المصرية التي خرجت أيام 30 يونيو ثم 3 يوليو و26 يوليو أثبتت للعالم أنهم لا يستطيعون الاعتماد على المصريين لإحداث اقتتال داخلي فالمصريين برهنوا أنهم على قلب رجل واحد وأن قائد الجيش عندما يطالبهم بالتعبئة الشعبية في أقل من 48 ساعة فإنهم سيلبون الدعوة حتى وإن كانت لعذر واه مثل تفويض لمحاربة الإرهاب، وهو الأمر الذي لا يحتاج لتفويض، فما بالك اذا كان هناك حدثاً جللاً يستحق التفويض فماذا ستكون ردة فعل المصريين؟ المصريون لن يقتتلوا ولم يعد ممكناً للناتو أن يتدخل بصورة صريحة مباشرة في مصر مع وجود جبهة داخلية متحدة، لا يمكن للغرب حالياً سوى أن يقدم الدعم بشكل خفي مع الاستمرار مع تزييف الواقع عبر الإعلام والبكاء على ضحايا الإخوان الذي سيسعى التنظيم الإرهابي إلى زيادة عددهم في الفترة القادمة. خطة الإخوان أصبحت واضحة: الاستمرار في الإرهاب وحرب الشوارع واشاعة الفوضى عبر قوتهم الخشنة، وخلق بلبلة وتشويش عبر قوتهم الناعمة، فتدخل الناتو بصورة مباشرة في مصر يحتاج حدثاً عظيماً وغطاءً إعلامياً قوياً كي يبرره ولهذا ينبغي، من ناحية أن يتم استدعاء عناصر خارجية لمساندة الإرهاب في مصر، ومن ناحية أخرى السعي لتفتيت الجبهة الداخلية وإحداث شقاق. لم يعد أمام الحركة الصهيونية سوى أن تستدعي ربائبها، داخل مصر وخارجها، فما كانت تدعمهم سوى لهذه اللحظة؛ فالجيل الرابع من الحروب الذي أصاب بهوسه عباقرة الحرب من الصهاينة يعتمد على الاقتتال الداخلي، وهو يستهدف ليس فقط المنظومة السياسية والاقتصادية في الدول ولكن وفي المقام الأول يستهدف المنظومة الفكرية والثقافية للمجتمعات: يعتمد على المواجهة بين خصمين من نفس المجتمع ليس بينهما نقاط مشتركة ولتحقيق ذلك ينبغي خلق من أبناء الجلدة الواحدة مجتمعاً متوازياً لافظاً للمجتمع الأم بعاداته وثقافته. وخير سبيل إلى ذلك هو التكفير. التكفير هو ما سيجرئ الإبن على ترك أهله كي ينضم للمجتمع الموازي "المسلم على حق". ومن هنا كان، ومنذ عقود، الدعم الأمريكي والصهيوني لتنظيم البنا (الإخوان المسلمون) كدولة موازية للدولة المصرية بما لديه من تنظيم داخلي وتمويل ودستور ونشيد وحتى علم، ومن هنا أيضاً كان دعم الوهابية (التيار السلفي) بما لها من فكر ورؤية تلفظها االمجتمعات والإنسانية بصفة عامة بفطرتها الرافضة للتشدد والتطرف. ألا تلحظوا أن التيارات الجهادية دائماً ما يكون لها أعلامها الخاصة بها التي يرفعها أفرادها في مظاهراتهم معلنين عن انتماؤهم لدولتهم الخاصة ولفظهم للمجتمع الذي نشأوا في أحضانه. هذه هي المجتمعات الموازية والكيانات الصهيونية التي تم خلقها من بني جلدتنا تحت ظل عقود الحكم الاستبدادي الذي شجع ببطشه الأحمق ظهور هذه الكيانات المنغلقة التي ينبغي علينا تفكيكها وضمها للمجتمع الأم، إن كنا نرغب في الاستقلال على كافة أراضينا العربية ووضع حد للإقتتال الداخلي الذي أغرقنا فيه عدونا. فنحن نقتل أنفسنا بأنفسنا لصالح عدونا.لقد بدأ التمهيد للجيل الرابع من الحروب في التسعينيات بزرع كيانات دينية عملت على خلق مجتمعات موازية وكيانات إعلامية قادرة على إحداث الفرقة وضمان استمرار النزاع عندما يحين وقت الاقتتال الداخلي. تم زرع هذه الكيانات وبنفس الطريقة التقليدية لزرع العملاء. كانت رسالة بناة الكيانات الدينية هي خدمة الدين: أنت تخدم دينك. فقه الناس في دينهم، اكسب ثقتهم كشيخ وعلامة جليل. اكسب الناس بالدعوة لله وبفعل الخير. ندد باسرائيل وتظاهر ضدها كما تريد. وهو الكلام بيلزق! فالإعلام الأمريكي كثيراً ما يدين سياسات الإدارة الأمريكية، فهل أدي ذلك لتغير تلك السياسات؟ المهم هو أن تكسب ثقة الناس كمتحدث باسم الدين. المهم هو تجييش القطيع وأن تتمكن من خلق المجتمعات الموازية المستعدة عند اللحظة المناسبة للاقتتال مع المجتمع الأم. هل يدركون دورهم المشين أم لا؟ولكن خروج الحشود المصرية بالملايين كان مربكاً، الصورة تبدو غير متكافئة، لذا يستلزم أولاً تزييف الصورة إعلامياً أمام المجتمع الغربي، ثانياً، استدعاء جموع المجتمعات الموازية من خارج مصر لضمان خلق الفوضي، ومن هنا جاءت مطالبة جموع المسلمين في العالم بالجهاد، مش في اسرائيل، بل في مصر! وثالثاً خرق الجبهة الداخلية وكسرها عبر إثارة البلبلة. لنتذكر حديث محمد حسان وهو يعلن الجهاد في تجمع الاستاد الشهير، متحدثاً عن الرافضة الأنجاس ومعادياً جموع الشيعة في العالم أمام رئيس الجمهورية آنذاك، مرسي العياط، ثم تم بعد ذلك قتل شيعة في قرية مصرية. توقعوا هجوماً جديداً ضد المسيحيين في مصر وتأملوا الغرب الذي سيطلع علينا متباكياً، لا على الأقباط، ولكن على الإخوان كأقلية دينية في مصر. فمع الأسف ما نعانيه الآن ليس نهاية المطاف مع دعاة الإفك، ولننتظر ما هو آت. سيستمر دعاة الإفك في محاولاتهم لدفع التناحر الداخلي، بعضهم باستدعاء المسلمين من كافة إنحاء العالم للجهاد في مصر في دعاوي صريحة للفوضى والقتال لدعم الاعتصامات المسلحة في رابعة العدوية وميدان النهضة اللذان أصبحا مثل الخلايا السرطانية التي نخشى أن تتفشى في المجتمع. البعض سيعمل على استدراك التعاطف مع المجرمين باعتبارهم مسلمين ولا ينبغي عقابهم اعتماداً على إعلام الإفك! والبعض الآخر، وهو الأخطر، سيسعى لتشويش الاتحاد الشعبي بوضع خارطة طريق مغايرة لما تم الاتفاق عليه بهدف إعادة الأمور لما قبل 30 يونيو أو في أقل تقدير لإحداث شروخ في الجبهة الداخلية التي أذهلت وروعت باتحادها أيام 30 يونيو و3 يوليو و26 يوليو. في رأيي، يجب علينا أن نحذر من المحاولات الناعمة لكسر الجبهة الداخلية تحت شعارات الخروج من الأزمة أوالتفاوض أو خارطة الحكماء أو التيار الثالث أو الميدان الثالث. احذروا هؤلاء فهم الأخطر. قوتنا في وحدتنا. هذا ليس شعاراً ولكنها حقيقة، لا يجب الاستجابة لعمليات الإرباك وخلق تشويش بهدف خرق الصف. وحدة الصف هي السلاح الوحيد كي تنتصر مصر. إننا نسعى حالياً أن نصنع دولة قوية سياسياً واقتصادياً وفكرياً. دولة ذات ثقل إقليمي ودولي. نحتاج جيش قوي، مجتمع متحد وقيادة واعية قادرة على إدارة الملفات، خاصة الملفات الدولية، بحرفية.إن مثلي مثل جموع الشعب المصري لست بباحثة استراتيجية ولكني مجرد مواطنة عادية مسلمة ترغب أن يرضى الله عنها في الدنيا والآخرة وتتمنى الرفعة لوطن تحيا فيه حرة كريمة. مثلي مثل كل المصريين، أتابع الأحداث وأُعمل عقلي لعلي أستطيع أن أتبين الصورة الكلية كي أُحسن اختيار مواقفي في هذا اللحظة العصيبة التي يعيشها المصريون. كيف يمكن أن نصنف الصراع الذي نحياه. وكيف ننهي حالة الإنقسام التي بثها فيما بيننا شياطين الفُرقة.في ظل التحالفات الإقليمية والدولية، في ظل الخيانة والتغييب، كيف يمكن أن تخرج مصر منتصرة من هذا الصراع دون اللجوء للاستبداد الذي لن يؤدي سوى إلى تقوية شوكة المجتمعات الموازية؟ هل يمكن لأنظمتنا الأمنية أن تعمل القانون بصرامة ولكن دون الانزلاق في القمع والامتهان؟ هل يمكننا التخلص من التبعية الأمريكية دون التخلص من التبعية الفكرية التي تعتمد عليها المجتمعات الموازية في بناء قواعدها؟ وهل لدينا الوقت الكافي للقيام بذلك؟ وكيف يمكن للتكنولوجيا، على التنفيذي، أن تساعدنا في اختصار الوقت اللازم لتحقيق الاستقلال الفكري؟
 

التعليقات