كتاب 11
هدنة سوريا ،، انتصاراً سياسياً لموسكو !!
بالرغم من غموض الاتفاق الروسي الأمريكي وذلك بسبب السرية التي أحاطت ببعض بنود هذا الاتفاق الأمر الذي دفع بعض الدول وبخاصة من قبل أصدقاء سوريا وعلى رأسها فرنسا بالمطالبة بالكشف عن بنود الاتفاق الروسي – الأمريكي ، إلا أن الأهم من الكشف عن بنود الاتفاق هو تنفيذ الاتفاق على الأرض وهو الأمر الذي يعد بمثابة اختبار للأطراف الدولية وأيضا للأطراف المتصارعة الداخلية النظام والمعارضة المسلحة بمدى جديتها لوضع حد للعنف في سوريا وتسوية الصراع الدائر عبر الطرق السياسية وليس عبر القوة العسكرية ،،
الصراع في سوريا لم يعد صراعاً داخلياً بل أصبح صراعاً دولياً ولعل هذا مابدأ واضحاً بعد التدخل العسكري الروسي في سوريا الأمر الذي عمل على تغيير طبيعة الصراع من صراعاً داخلياً إلى صراعاً دولياً كما عمل على جعل موسكو طرفاً رئيسياً لا يمكن تخطيه في أي ترتيبات قادمة لتسوية الصراع في الأراضي السورية ولذلك نجد أن واشنطن وموسكو هما من يمتلك مفاتيح الحل للصراع السوري وهما الدولتين القادرتين على التأثير هذا ما أثبته الاتفاق الروسي الأمريكي وماتمخض عنه من هدنة صمدت لمدة يومين الأمر الذي شجع الولايات المتحدة الأمريكية والاتحادالروسي إلى الإعلان عن تمديد الهدنة لمدة 48 ساعة من هنا نجد أن نجاح هذه الهدنة بخلاف الهدن السابقة والتي ولدت ميتة يعود إلى الاتفاق الروسي الأمريكي والتي حملت رغبة حقيقية لدى الأطراف الدولية واشنطن وموسكو على تطبيق الهدنة وممارسة الضغط على الأطراف المتصارعة في سوريه ،،
صمود الهدنة بعد دخولها حيز التطبيق وتمديدها لمدة 48 ساعة وبالنظر إلى مستوى العنف في سوريا والذي بلغ مستويات عالية كاد أن يصبح خارج السيطرة والذي يؤكد مدى قدرة الأطراف الدولية واشنطن وموسكو على التأثير على الأطراف الداخلية المتصارعة لذلك نجد أن هذا الصمود للهدنة يحمل بارقة امل في ان تؤدي هذه الهدنة التي تم تمديدها لـ 48 ساعة في أن يكون البداية الجادة التي ستؤدي إلى وقف دائم لإطلاق النار وانطلاق عملية الحوار لتسوية الأزمة عبر الطرق السياسية ،،
من جهة أخرى نجد أن الاتفاق الروسي الأمريكي الذي جاء ليؤكد أن الولايات المتحدة الأمريكية أصبحت على قناعة بأن الحل في سوريا سياسياً لامجال لحل الصراع في سوريا عسكريا نجد أنها بهذا الاتفاق مع روسيا والتي كانت منذ البداية تحاول إقصاء موسكو من الملف السوري أصبحت أكثر قناعة بأنه لامفر من التعاون مع روسيا في الملف السوري هذه القناعة التي توصلت لها واشنطن والتي يترجمها الاتفاق الذي تمخضت عنه الهدنة يسجل بمثابة نصراً سياسياً لموسكو خاصة وأن هذا الاتفاق الروسي الأمريكي سعى إلى تفجير أزمة داخلية في واشنطن بين الخارجية والبنتاغون ربما يعود ذلك إلى إدراك أطراف داخلية في واشنطن بأن هذا الاتفاق تراجعاً أمريكياً أماما النفوذ الروسي في منطقة الشرق الأوسط ،،
عندما ننظر إلى السياسة الروسية في منطقة الشرق الأوسط نجد أنها وبالنظر إلى ما يحدث على الساحة في الآونة الأخيرة بدء من اعتذار تركيا أحد حلفاء أمريكا والتي تسعى للدخول ضمن الاتحاد الأوروبي والذي لم تقف تركيا عند حد الاعتذار بل سعت إلى التقارب أكثر مع روسيا وأيضا الاتفاق الروسي الأمريكي بخصوص الهدنة في سوريا نجد أن الدور الأمريكي في منطقة الشرق الاوسط يشهد تراجعاً ملحوظاً لصالح الدور والنفوذ الروسي ، هذا التراجع في الدور والنفوذ الأمريكي لصالح روسيا سوف يفرض على الولايات المتحدة توسيع نطاق تعاونها مع الاتحاد الروسي ليشمل ملفات المنطقة ولا يقتصر على الملف السوري ،،