الحراك السياسي

11:33 صباحًا EET

المفتى: معظم القوانين الغربية مستمدة من الشريعة الإسلامية والفقه المالكى

أكد الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، أنه يجب التمييز بين رسالة الإسلام النبيلة، التى تتمثل فى الرحمة والسلام، وبين المغالطات والممارسات والجرائم التى ظهرت من أولئك المتطرفين والإرهابيين الذين يشوهون تعاليم الإسلام السمحة أمام العالمين.

وأضاف المفتى، خلال لقاء تليفزيونى مع القناة الرابعة البريطانية، أن تنظيم “داعش” الإرهابى، لا يعد دولة ولا أفعاله الإجرامية تعد أفعالًا إسلامية، مؤكدا أنه يجب ألا نستخدم أبدًا تسمية الدولة الإسلامية للإشارة إلى تنظيم داعش الإرهابى، لأن ما يقوم به هو وأمثاله من الجماعات المتطرفة تتعارض كلياً مع الجوهر الحقيقى للرسالة المحمدية، من خلال ذبحهم الأبرياء وحرقهم المدارس وسبيهم النساء واضطهادهم الأقليات الدينية وترويعهم المجتمع بأكمله وانتهاكهم حقوق الإنسان بصورة صارخة.

وأوضح مفتى الجمهورية، أن الإسلام تصدى للإرهاب ولكل أشكال العنف وإشاعة الفوضى، والانحراف الفكرى، وكل عمل يقوِّض الأمن ويروع الآمنين، فجميعها وإن تعددت صورها تشيع فى المجتمع الرعب والخوف وترويع الآمنين فيه، وتحول بينهم وبين الحياة المطمئنة، التى يسودها الأمن والأمان والسلم الاجتماعى.

وأكد المفتى، أن الإسلام لا يبحث أبدًا عن الصدام والتعارض، بل أخبرنا الله سبحانه وتعالى فى كتابه الكريم أن الاختلاف ليس مدعاة أبدًا للفرقة بل هو أدعى للتعارف والتقارب والتحاور، يقول تعالى: (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ).

وأشار الدكتور شوقى علام إلى أن العالم بحاجة ماسة إلى تعزيز ثقافة الحوار والتعايش فى عالم رفعت فيه الحواجز والحدود، وينطلق من الاعتراف بالهويات والخصوصيات، ويبقى على الاحترام ولا يسعى إلى تأجيج الكراهية أو السيطرة على الآخر، واحترام التعددية الدينية وتنوع الثقافات، موضحاً أن المطلوب تحقيقه من المنظور الدينى الإسلامى الصحيح هو تقبل الآخر واحترامه واكتشاف النقاط المشتركة فيما بينهم حتى يتحقق التعاون والعمل سويًا من أجل عمارة هذا الكون.

وشدد مفتى الجمهورية على ضرورة العمل الجماعى من أجل التصدى للقضايا الشائكة التى تشغل بال الناس فى يومنا هذا، مع السعى الجاد فى السبل التى نجحنا من خلالها على مر التاريخ فى العيش والتعاون معًا بسلام فى توافق وتسامح لقرون عدة، مؤكدًا أن دار الإفتاء المصرية تحرص دائمًا على نشر صحيح الدين، حيث إن ذلك هو السبيل الوحيد لضمان العيش فى وئام مع النفس وتعايش مع الآخر مؤسس على السلام والحب اللذين هما أساس الأديان جميعًا.

وحول ما إذا كان هناك تأثيرا للشريعة والمفاهيم الإسلامية فى المفاهيم الغربية، قال مفتى الجمهورية، إن التأثير جلى وواضح على مر التاريخ، فالقانون الفرنسى يتفق مع الفقه المالكى فى كثير من نصوصه، والبقية تتفق مع المذاهب الأخرى، وكان للسنهورى تجربة رائدة فى المقارنة بين الفقه الإسلامى والقانون الفرنسى، وكذلك الأمر فى مختلف العلوم، حيث استفاد الغرب من علماء الإسلام فى مجالات عدة، مثل الفلك والرياضيات والطب والعلوم وعلم الاجتماع، فضلًا عن كثير من العادات التى انتقلت إليهم باحتكاكهم للعرب والمسلمين.

وحول دعاوى أن الشريعة الإسلامية غير صالحة لعصرنا الحالى، بعد مرور أكثر من 1400 سنة، أكد مفتى الجمهورية فى حواره أن الشريعة الإسلامية تمتلك من عوامل المرونة ما يجعل أحكامها تساير كل مستجدات العصر، وتستوعب قضايا الإنسان فى مختلف الأزمة والأمكنة، لذا دعا الإسلام إلى الاجتهاد فى استنباط الأحكام المناسبة اعتمادًا على القواعد العامة التى قررها.

وأضاف فضيلته، أن لكل عصر مستجداته ومشكلاته ولابد من اجتهاد جديد يعالج مشكلات العصر الذى نعيش فيه، موضحا أن الفقهاء الأعلام تَرَكُوا لنا ثروة كبيرة ينبغى أن نستفيد من مناهجنا ولا نقف عند مسائلها.

أما عن المثلية الجنسية وموقف الإسلام منها، فأجاب فضيلة المفتى بأن الأديان السماوية جميعها رافضة لمسألة المثلية الجنسية، باعتبار ذلك خروجاً عن القيم الدينية الراسخة عبر تاريخ الأديان كافة.

وأشار فضيلة المفتى خلال اللقاء التليفزيون إلى أن دار الإفتاء المصرية تبذل ولا تزال الكثير من الجهود من أجل مواجهة التطرف والإرهاب، حيث أنشأت – منذ أواخر عام 2013 وحتى قبل ظهور داعش – وحدة لرصد الفتاوى التكفيرية ودحضها، حيث تقوم تلك الوحدة برصد ما يقرب من 183 موقعاً مختلفاً لدحض ما ينشر عليها من فتاوى تكفيرية.

كما استعرض آليات مواجهة داعش عبر استخدام وسائل التواصل الحديثة على الإنترنت، ومنها صفحة “داعش تحت المجهر”، والتى تختص بمواجهة رسائل وفتاوى داعش، وكذلك موقع دار الإفتاء الإلكترونى الذى يبث بعشر لغات، فضلًا عن تطبيق إلكترونى للفتوى من خلال الهواتف الذكية والذى تم إطلاقه مؤخرًا لتيسير الوصول لأبرز الفتاوى الموجودة فى أرشيف دار الإفتاء.

التعليقات