كتاب 11
هيلاري ودونالد
احتدم سباق الرئاسة الأميركية، وبدأت المشاحنات بين هيلاري كلينتون ودونالد ترامب تأخذ أشكالاً عنيفة وحادة، وأصبحت العبارات المهينة سيدة الموقف. أميركا على ما يبدو أصبحت في حاله ذهنية جاهزة لاستقبال أول امرأة في منصب رئاسة البلاد، خصوصًا أنها آخر بلد في العالم الغربي لم تصل فيه امرأة إلى هذا المنصب. ولعل مشهد امرأتين على رأس الحكومة في بريطانيا وألمانيا يثير حماسة الناخبين في أميركا.
الحديث الدائر الآن في الولايات المتحدة هو أي الخيارين أفضل؛ الاستمرارية والاستقرار والتصويت لهيلاري كلينتون للسير على نهج باراك أوباما نفسه، لأنها إلى حد كبير تعتبر تكملة لسياساته والإتيان بالتغيير الرمزي الكبير، وهو وصول امرأة إلى رأس الحكم في الولايات المتحدة وصناعة تاريخ رمزي معهم بوصول امرأة إلى الحكم بعد صناعة تاريخ رمزي من قبل، ووصول أول رئيس من أصول أفريقية، وكلا الإنجازين سيكون محسوبًا لصالح الحزب الديمقراطي، أم أن الموعد مع دونالد ترامب لإحداث تغيير كامل في السياسات الاقتصادية والاجتماعية والسياسة بأسلوب العلاج بالصدمات التامة، وهو علاج غير تقليدي وصادم تمامًا، وهذا أسلوب فيه كثير من المغامرات وتغيير لقواعد اللعبة.. ومن سئم العلاج السياسي التقليدي يستهويه الطرح الذي يقدمه دونالد ترامب حتى وإن بدا مثيرًا للجدل ومهينًا للعقل.
هيلاري كلينتون مثل معظم السياسيين امرأة وصولية، رسمت خطة منذ أمد للوصول إلى الموقع الذي هي عليه اليوم، وعقدت «صفقة» مع زوجها الرئيس الأسبق بيل كلينتون كانت واضحة فيها بأنها ستتغاضى عن المواجهة والتصعيد ضده بعد خيانته لها مع المتدربة مونيكا لوينسكي، في سبيل الحفاظ على الإطار العام للشكل المريح الظاهري بالإبقاء على فرصتها في مشروعها السياسي الذي بدأته بعد مغادرة زوجها البيت الأبيض، وبالتالي تعاملت مع وضعها السياسي بأسلوب «مكيافيللي» بحت، عملاً بالمقولة المشهورة إن الغاية تبرر الوسيلة، وبالتالي كل الأثمان ممكن دفعها من أجل الوصول إلى الهدف.
أما دونالد ترامب فهو لا يقبل «ضرارة» في منهجه الذي صرح به في كتاب قديم كتبه في الثمانينات من القرن الماضي الميلادي بعنوان «فن الصفقة». في هذا الكتاب وضح أن لكل شيء ثمنًا، وإذا عرفت ثمن الشيء كان بالإمكان أن تشتريه..
هذا هو الموقف الحقيقي لهيلاري كلينتون ودونالد ترامب.. شخصيتان لديهما قناعة تامة بأن الغاية تبرر كل وسيلة، ويبقى القرار للناخب الأميركي، وقراره هذا سيؤثر على العالم بأسره.