كتاب 11
من هو مجتهد تويتر في السعودية؟
يحتل حساب تويتر بالإسم المستعار “مجتهد” حيزاً سلبياً في وسائل التواصل الإجتماعي، ولكن من يدير ويحرك هذا الحساب لازال غامضاً، وهو أمر يتوجب على السلطات الأمنية في السعودية التنبه إليه وكشفه وتبيان هوية صاحب الحساب. صحيح أن مصداقية الحساب لا تتعدى ٨٪ كما يؤكد بعض الخبراء نسبة لمصداقية ونوعية التسريبات التي يبثها هذا الحساب، لكن هذه النسبة التي يعتبرها البعض ضئيلة يمكن لها أن تتعاظم في مواسم الأزمات الأمنية والسياسية. نحن لا نطالب بإلغاء الحساب، أو منعه، مما يعطي الحساب مجد وشهرة، لكن كشف هوية صاحب الحساب فقط، فإلغاء الحسابات في مواقع التواصل الإجتماعي، أو حجب القنوات الفضائية، أو منع الكتب وغير ذلك من الإحترازات الأمنية التي تقوم بها بعض الحكومات هي إجراءات خرقاء، إثمها أكبر من نفعها.
يتابع حساب “مجتهد” قرابة مليون ونصف وهذا يشكل نسبة (١٠٪) من الشعب السعودي، وهي نسبة كبيرة نسبياً. يبث الحساب صاحب الهوية الخفيّة أخبار وتصريحات سياسية وعسكرية وأمنية متنوعة لكنها في المجمل تهدف إلى أمرين: (١) زرع البلبلة والشكوك وإنتقاص الثقة والمصداقية للدولة والحكم والحكومة السعودية؛ (٢) توجيه الإنتباه إلى قضايا جانبية بهدف صرف توجهات الرأي العام إلى وجهة معينة. كلا الهدفين خطير على الدولة والمجتمع على حد سواء، مما يعني أهمية كشف هوية صاحب الحساب ليتبين للعامة ومرتادي شبكات التواصل الإجتماعي، وتوتير تحديداً مصادر تلك المعلومات والتسريبات وعندها يبقى الحكم للمتلقي.
تذكر بعض المواقع تكهنات وتخمينات حول هوية صاحب حساب “مجتهد” لكنها تذكر أنه “حتى اليوم لا تعرف الهوية الحقيقية للحساب”. ويذكر جعفر الوردي، في موقع “عالم التقنية” رأي علماء النفس بأن كل إنسان يحمل في طياته أربع جوانب من ذاته:(١) الذات الظاهرة (ما يعرفه كل الناس)؛ (٢) يعرفه كل الخاصة؛ (٣) يعرفه بعض الخاصة؛ (٤) لا يعرفه إلا هو ذاته. فالإنسان يريد أن يعبر عن كل ما يجول في خاطره شرا أو خيرا، جائز اجتماعيا وسياسيا أو ممنوع، وهو بذاته الحقيقية لا يستطيع فعل ذلك لكثير من الاعتبارات، الأمنية والدينية والاجتماعية.! لذلك، كما يجادل الوردي، ” يلجأ الكثيرون إلى فتح حسابات وهمية وبأسماء مستعارة للتعبير عن ذواتهم الحقيقية وأفكارهم التي يحملونها، ليتقوا بذلك الكثير من المتاعب. وحسب بعض الأبحاث فقد وصلت التقديرات إلى أن عدد الحسابات الوهمية على تويتر هي 20 مليون حسابا.!
ويستطرد الباحث الوردي: هناك فرق كبير بين الحساب الوهمي وبين الحسابات بالأسماء المستعارة، فالحساب الوهمي لا يتفاعل معك، فهو لمجرد زيادة المتابعين وجني الأرباح من ذلك، أما الحسابات بالأسماء المستعارة فهي حسابات حقيقية لأشخاص مجهولين. وهي نوع مختلف تماما، فهي حقيقية، وتدار بشكل نظامي، إلا أنها مجهولة الشخص بعينه، وهي الشخصية الحقيقية للإنسان الذي يخشى أن يبوح بما يفكر بالاسم الحقيقي المعروف للناس جميعا. تماما مثل الجماعات الإرهابية الملثمة التي تنتشر في بعض المناطق من العالم العربي، فهم يفعلون كل ما يريدون دون أن يعرفهم أحد أو يتعرف عليهم.! فالملثم بالحساب الوهمي أو القناع الوجهي، هو مجرد نكرة يريد أن يفعل كل ما يشتهي دون محاسبة أو ملاحقة.
الجهات الأمنية مطالبة بالكشف عن هوية صاحب حساب “مجتهد” بشكل عاجل، هل هو حساب فردي أو جماعي، من داخل أو خارج السعودية؟ كما أن هناك من المحللين من ذهب إلى أنه حساب إستخباري يخدم، أحياناً، الجهات الأمنية، أو هكذا يظن البعض. صمت الجهات الأمنية عن كشف حساب “مجتهد” له عدد من السلبيات الخطيرة في ظل واقع أمني متأزم مع جماعات أرهابية ودواعش مختبئين بين فئات المجتمع. ولسنا بحاجة إلى التذكير بأربعة أمور: (١) أن “الربيع العربي”، الذي إنطلق معه حساب “مجتهد”، كان يعتمد على وسائل التواصل الإجتماعي؛ (٢) أهمية تويتر للشعب السعودي وحجم المشاركة من مختلف الأطياف؛ (٣) الشعور السائد لدى الفرد العادي بأن هناك شيء ما تخفيه الحكومة عن الشعب؛ (٤) الحرب الألكترونية كأسلوب جديد، وجيل جديد من الحروب في العصر الحديث.
أخيراً، للجهات الأمنية السعودية خبرة ونجاحات محسوبة ومشكورة، لكن القلاقل الإقليمية في إزدياد، والذين يثيرونها بكل إمتداداتهم الدولية المعقدة يستغلون الأحداث والشقاقات السياسية، للدخول من أي نافذة حقيقية أو إليكترونية، مما يتطلب إجراءات متجددة للتخفيف على الأقل من حجم العناء الذي تواجهه السلطات الأمنية السعودية، وفقهم الله وأعانهم. ربما يجادل البعض بوجود فوائد تجنيها الجهات الأمنية من عدم الكشف عن هوية صاحب الحساب، لإعتبارات يرى القائمون على الأمن إيجابيتها، نقول ربما. ختاماً، في طراديـــات نقول المثل الشعبي بتصرف: حساب يجيك منه الريح، إكشف صاحبه وإستريح. حفظ الله الوطن.
turadelamri@hotmail.com
@Saudianalyst