مصر الكبرى

03:04 مساءً EET

ملاحظات على الانتخابات الرئاسية

1-رغم أن التزوير فى الانتخابات البرلمانية كان أكثر بكثير مما حدث فى الانتخابات الرئاسية، إلا أن طبيعة التنافس فى الرئاسية وصحوة المصريين ومراقبتهم لسلوك التيارات الإسلامية سلط الضوء أكثر على ما حدث فى الانتخابات الأخيرة. فقد تعدى سلوك التيارات الإسلامية موضوع التنافس إلى تهديد السلم الوطنى ومؤسسات الدولة، فقبل ظهور النتائج وضعوا شرطا عجيبا وغريبا وإستفزازيا لقبولها وهو فوز مرشحهم محمد مرسى،أما فى حالة فوز أحمد شفيق فهم سيعتبرون الانتخابات زورت!!!، وهذا منطق لم نسمع عنه فى أى مكان فى العالم ويلغى فكرة المنافسة الانتخابية من اساسها. وجاء سلوكهم الثانى مكملا لسياسة فرض الأمر الواقع على المصريين عندما عقد مرشحهم مؤتمرا صحفيا فى الرابعة صباحا ،قبل أن يكتمل الفرز، ليعلن فوزه بالرئاسة، وكأن الوحى تحدث اليه بأنه هو الفائز، وهذا الاستفزاز الإخوانى المدروس جيدا يهدف إلى تجييش الشارع وقواعدهم ضد أى نتيجة أخرى حتى ولو كانت صحيحة.

وبعد أكتشاف مخالفات كثيرة شابت العملية الانتخابية وتورط فى معظمها الاخوان، خرجت العديد من الأصوات الاخوانية ما بين رافض ومهدد ومبرر للتزوير، ومن أغرب هذه الأصوات ما قاله الدكتور محمد عبد المعطى الجزار مسئول المكتب الإداري لجماعة الإخوان المسلمين بمحافظة القليوبية من أن ما حدث من تزوير ليس للإخوان علاقة به بل السر الإلهى قد أودع الصناديق ولم يرنا الله منه إلا كل خير!!!.
أما ما قاله سعد الحسينى، عضو المكتب التنفيذي للحرية والعدالة، فهو قمة الاستفزاز والتهديد حينما يقول أن الدكتور محمد مرسى هو الرئيس شاء من شاء وابى من ابى!!!، مهددا بثورة ثانية فى حالة إعلان فوز احمد شفيق،ومفصحا عن تهديده بلغة لا تحتمل المواربة بقوله بأن قلاقل لا تحمد عقباها سوف تحدث وأن فوز شفيق سيكون خيارا مفزعا للمجلس العسكرى الحاكم!!!
أما أحد اعضاء مجلس شورى الجماعة الإسلامية فقد طالب المجلس العسكرى بإعلان البيعة لمحمد مرسى، وإعلان البيعة معناه الرئاسة مدى الحياة، فالبيعة دينيا لا تسقط إلا فى حالات نادرة جدا، وهذا يعنى تقويض التجربة الديموقراطية الوليدة كما حدث فى معظم الدول التى حكمها الإسلاميون.
2-الملاحظة الثانية تتعلق بالتحول فى الجهة التى تقوم بالتزوير والمخالفات، فعلى مدى ستة عقود كانت السلطة هى التى تزور لصالحها،أما فى هذه المرة فأن الجماعة الدينية التى تدعى بأنها مضطهدة، والتى تزعم بأنها تتحدث بأسم الله، هى التى قامت بالتزوير والغش والتدليس والكذب والتهديد والترهيب والترويع.
3- من ناحية أخرى أثار اندهاشى تقارير مركز كارتر عن سير الانتخابات، ففى الانتخابات البرلمانية أشاد المركز بنزاهة العملية الانتخابية رغم جسامة المخالفات، وفى الانتخابات الرئاسية ترك مركز كارتر مهمته الرئيسية فى تقرير النزاهة من عدمه وتحول إلى تقييم العملية السياسة والإعلان المكمل، وهذا يرفع الغطاء عنه كجهة رقابية على النزاهة الانتخابية إلى جهة تصدر أحكاما سياسية ليست من اختصاصها.
4- لفت نظرى كذلك تدنى نسبة المصوتين لأحمد شفيق فى محافظات الصعيد رغم التواجد القبطى الكثيف بها، وقد نشرت أخبار وبيانات تكشف عن ترويع الأقباط فى محافظات الصعيد ومنعهم من الخروج من منازلهم حتى لا يصوتوا لأحمد شفيق، وهذا  لوحده لو حدث لكان سببا كافيا لإلغاء هذه الانتخابات برمتها، فهو ضرب لحقوق المواطنة فى مقتل،وإذا صح أنهم فعلوا ذلك وهم خارج السلطة فماذا سيفعلون عندما يحتكرونها؟. هذا الموضوع يحتاج إلى تحقيق عادل ونزيه.
5-أستمر الأخوان خلال الفترة الماضية أيضا فى ممارسة الوصاية والصوت العالى بأنهم المتحدثون باسم الإسلام والمحتكرون للإيمان الصحيح،وهذا جزء من الإرهاب الفكرى للمختلفين معهم فى مسائل تقوم على الاختلاف اساسا، فعندما تقدم أحد المحامين بقضية لحل جماعة الاخوان المسلمين نظرا لوجود حزب العدالة والتنمية، وصف محامى الاخوان الروبى جمعة هذه القضية بأنها تهريج، فالإسلام فوق القانون، والاخوان جماعة تدافع عن الإسلام، والشعب المصرى قد اختار الإسلام على حد قوله، فكيف يستطيع قاضى أن يحكم فى ظل هذه الأجواء، خاصة وأن هناك سوابق مخيفة مثل الحكم فى قضية حازم صلاح ابو إسماعيل عندما احتل انصاره مقعد القاضى واضطر أن ينطق بالحكم من غرفة أخرى، وعندما احاط جمهور الاخوان بالمحكمة الدستورية وقت نطقها بعدم دستورية قانون الانتخابات للفتك بالقضاة.
6-يتفنن المصريون فى كل مرة فى اختراع طرق للتزوير،وبالفعل كانت مفاجأة الانتخابات الرئاسية هى الطفل الدوار الذى يحمل على كتف المصوت ليتأكد من تصويته للمرشح المطلوب قبل أن يستلم ثمن الصوت، وهى طريقة يمكن تسجيلها فى الموسوعات السياسية العالمية  تحت براءة الاختراعات المصرية فى تزوير الانتخابات.
7- عموما المشهد كله فى مصر لا يبعث على الطمأنينة ولا على الثقة، فمنذ الثورة والمجلس العسكرى و الإسلاميين تتراوح علاقتهم ببعضهم  بين التحالفات والصفقات إلى الصراعات والحروب النفسية والعصبية، وفى النهاية يدفع الشعب المصرى المطحون ثمن هذه اللعبة الخطيرة من شهداءه واعصابه،وأيا ما كانت النتيجة فأن الشكوك حولها ستكون هى المشهد الغالب، فالثقة عند حدها الأدنى بين كل من الأخوان والعسكر من ناحية والشعب المصرى من ناحية أخرى، فالمسألة برمتها صراع على السلطة وعلى شكل الاستبداد وليست تفاهمات من آجل تقدم الوطن، ولهذا حذر الدكتور محمد البرادعى بأن مصر على وشك الانفجار……….. ربنا يستر.
 

التعليقات