كتاب 11

08:43 صباحًا EET

فرحة رمضان بين الماضى والحاضر

من الظواهر والملامح الأساسية التى تميزت بها مصر عن سائر البلدان العربية والإسلامية فى إحتفالاتها بشهر رمضان المبارك هى تحول الشارع المصـــرى فى أول ليلة من لياليه الى مايشبه خلية النحل , فنجد هذا يقوم بإكمال تعليق الأنوار والفوانيس والزينات فى شارعه , وهذا يعلق فانوسا كبيرا فى شرفة منزله , والمساجد تتزين بالأضواء الملونة والميكروفونات وتستعد لصلاة التراويح , وبائعى الفول المدمس يجوبون الشوارع يتغنون بجماله وروعته وفوائده العديدة , ومحلات المخلل البلدى تستعد لإستقبال المقبلين على الشراء بتحضير عبوات من المخلل البلدى المتنوعة الحجم والنوع , كما تشهد المحلات التى تبيع منتجات الألبان إقبالا كبيرا من المستهلكين فوجبة السحور المصرية لاتكتمل الا بوجود علبة الزبادى , ومايزيد مصـــــر جمالا وبهجة هو خروج الأطفال الى الشوارع حاملين فوانيس رمضان التقليدية وهم يضحكون ويغنون ( حالو .. يا حالو .. رمضان كريم ياحالو ) .

كل تلك المظاهر كنا نشاهدها ونتابعها ونتمتع بها فى الماضى القريب , ولكن هذا العام إضمحلت مظاهر الإحتفال بهذا الشهر الكريم , فلا زينات بالشوارع , ولاإقبال على شراء إحتياجات رمضان لأرتفاع الأسعار الجنونى وضيق يد الكثرين , اللهم الا بعض الزينات البسيطة المصنوعة من الورق الملون المعلقة فى بعض الشوارع على إستحياء , ومحلات قليلة لبيع الفوانيس وياميش رمضان , وذلك فى ظل التطورات السياسية التى تشهدها الساحة المصرية على مدار الأسابيع الماضية والتى تم إختتامها بأحداث الحرس الجمهورى , والتى أسفرت عن قتلى وجرحى يعتصر القلب حزنا عليهم بصرف النظر عن إنتماءاتهم سواء كانوا تابعين للإخوان المسلمين أو للقوات المسلحة أو اشخاص لاينتمون لأى أحزاب سياسية , فكلنا مصريون , كلنا أبناء هذا الوطن , وكلنا ننتمى لترابه , على أرضه كانت أولى خطواتنا وعليها أيضا ستكون أخرها .تلك البهجة ضاعت ملامحها وسط تصاعد الخلافات والنزاعات مابين مؤيد ومعارض , ومصر بين هذا وذاك تصارع من أجل البقاء على قيـــــــــد الحيــــــاة , تتمسك بالأمل فى المستقبل , فلماذا لانكون عونا لها بدلا من أن نكون سيفا مسلطا على رقبتها ؟؟؟ ولماذا خلال هذا الشهر لانأخذ وقتا لمراجعة أنفسنا لنعلم إن كنا على صواب أم خطأ ؟؟؟ ولماذا لانفتح قلوبنا للتسامـــــــح والعفـــــو ؟؟؟؟ ولماذا لاتحتذى بقول الإمام الشافعى فى مكارم الأخلاق حينما قال ::لمّا عفوت ولم أحقد على أحدأرحت نفسي من هم العداواتِ* * * *إني أحيي عدوي حين رؤيتهلأدفع الشر عني بالتحياتِ* * * *وأُظهر البشر للانسان أُبغضهكأنه قد ملا قلبي محباتِ* * * *ولست أسلم ممن لسته أعرفهفكيف أسلم من أهل الموداتِ* * * *الناس داء، وداء الناس قربهموفي الجفاء بهم قطع الأخواتِ* * * *فجامل الناس واجمل ما استطعتوكن أصمّ أبكم أعمى ذا تقياتِ
كما قال الله تعالى:"وإن تعفو أقرب للتقوى" .. صدق الله العظيموقال صلى الله عليه وسلم:"أفضل أخلاق أهل الدنيا والآخرة أن تصل من قطعكوتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك".
لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم النموذج الأسمى والأسوة الطيبة والقدوة الحسنة في التسامح والعفو والصفح، وحسبه عليه الصلاة والسلام أنه عندما عاد إلى مكة فاتحاً، جمع قبائل قريش من المشركين وهم الذين آذوه وحاربوه وأخرجوه من مكة مهاجراً، فقال لهم: يا معشر قريش، ما ترون أني فاعل بكم؟ قالوا: خيراً أخ كريم وابن أخ كريم. قال: لا تثريب عليكم اليوم، اذهبوا فأنتم الطلقاء، وعفا عنهم برغم ما كان منهم معه.
فكم هى جميلة تلك النفوس المتسامحة وكم هو أجمل أن نتعلم الصفـــح عن الأخرين فعظمة الرجال تقاس بمدى استعدادهم للعفو والتسامح عن الذين أساءوا إليهم ولابد أن نعلم أن الحياة أقصر من أن نقضيها في تسجيل الاخطاء التي يرتكبها غيرنا في حقنا أو في تغذية روح العداء بين الناس .
اللهم انا نسألك توبة صادقه ولساناً ذاكراً وجسدا على البلاء صابرا وعملً صالحاً متقبلاًاللهم إنا نعوذ بك من قلب لا يخشع وعين لا تدمع ودعوة لا يستجاب لها .اللهم ثبت قلوبنا على دينك واصرفها على طاعتكاللهم ثبت قلوبنا على دينك واصرفها على طاعتكاللهم ثبتني وثبت من احببته فيك واحببني فيك حتى نلقاك على ما تحباللهم آمين يا ربوكل عام وأنتم بخير

التعليقات