ثقافة

04:36 مساءً EET

نادي بقطر يكتب :”البوفيه” قصة قصيرة

حينما كنت فى مرحلة الصبى وفى احدى الليالى المقمرة كنت واقرانى من البلدة التى تطل على البحر كما كنا نطلق عليه رغم انه ترعة للزراعة وكانت ارجلنا ممتدة على اطراف المياة وعيوننا نحو القمر كل يفكر اوهائم فيما يتطلع اليه وان كنا جميعا اصحاب فكر متقارب لمشاكل متقاربة من الدراسة والواجب الكتابى والحفظ والامتحانات ومشاكل الفقر والمعيشة من مأكل وملبس ومشاكل آخرى نعتقد انها ستنتهى مع انتهاء المرحلة الثانوية فى المدرسة العليا التى تبتعد عن بلدتنا خمسة كيلو مترات نقطعها ذهابا وايابا مترجلين وكان القاسم المشترك بيننا هو وجبة الفول المدمس فى الافطار صباح كل يوم كذلك الشندوتش المدرسى الذى هو فول مدمس هكذا كان الفول المدمس يعشقنا وان كنا لانعشقه لأنه احيانا نجده فى الغذاء ونادرا فى العشاءوان كنا لانتذمر على الطعام وكان بداخلنا رضى تام لأعتزازنا بدراستنا وقريتنا التى اصبحت معروفة بين القرى المجاورة لأنه خرج منها اسماء لامعة بحكم دراستهم  .
هكذاكانت بالقرية اجيال سابقة ونحن لاحقون بدراستنا الجامعية  . وان بداءنا الحياة الجامعية وبالمدينة الجامعية التى هى سكن للمغتربين وجدنا الفول المدمس فى الصباح بجانب اطعمة آخرى . واجتهد فى دراستى فى كلية الحقوق وكلى امل ان ارفع رأس اهلى وبلدتى مثل السابقين فى بلدتنا  . وتمر الأيام والسنون وتعلن نتيجة السنة النهائية للدفعة وكما توقعت وجدت اسمى من المراكز الأولى ولكن لم اعمل معيدا وان حالفنى الحظ بعد اختبار ووضعت قدماى بالعمل النيابى  . هكذا بدأت وتدرجت ولم انسى عاشقى وهو الفول المدمس لأن طعامى الآن اصبح يناسب وضعى الأجتماعى فى المحافل المختلفة بعد أن سلكت سلك القضاء واصبح اسمى يظهر احيانا فى الصحف .
وفيما كنت افكر وانا جالس على مكتبى فى المشوار الطويل للحياة قطعه طرق على باب غرفة المكتب للساعى الخاص بى ليعطينى خطاب من الوزارة لأقرءه مرة تلو الأخرى واسعد كثيرا اننى مرشح من الامم المتحدة كمراقب فى احدى القضايا الدولية بالمحكمة الدولية . استعديت واحزمت حقائبى وذهبت فى الميعاد المحدد للمطار وتقلع بنا الطائرة لبلاد كنا نحلم بها . ولا بأس فلديا رصيد من اللغة ما يعطينى حرية الحركة . وان وصلنا الى البلدة المراد الذهاب اليها وجدنا فى انتظارنا اناس تستقبلنا بحفاوة وتأخذنا الى الفندق الذى نقيم فيه وخلال الطريق كانت عيناى تجول يمينا ويسارا حتى وصلنا لنجد احتفال بنا كمراقبين فى قاعة فخمة جدا فى الفندق المطل على البحيرة وبعد ان القيت كلمات الترحيب دعونا للطعام على البوفيه واخذنا المتر دوتيل ممشوق القوام يرتدى الببيون لشرح انواع الطعام لنا . وبدأ بلغتة التى نعرفها وقال نبدأ بالسلطات التى هى مشهيات وقال وهو يشاور بيده سيزر سلاط ونسواز سلاط كلوسلو وسلطة السى فود والجريك سلاط  وجمبرى بصوص الكوكتيل وسيمون فيميه .
همهمت بداخلى انها اسماء جديدة على وانواع اراها للمرة الأولى ولكن لابأس ثم اتجه نحو الشوربة فقط هى البنكن والكنسوميه ومنسترونى والبسك ثم اتجه يمينا وقال ارز بسمتى وربس وبطاطس وافز وخضار سوتيه وسورلاين وفليه وتيبون كله مشوى بصوص الشامبنيون والسبانخ بالجبنة ثم اشار الى القسم اليبانى الذى هو كقوله ارز مسلق سوشى وساشينى بالصويا صوص مع الاعشاب والشاى الاخضر . ثم وقف فى منتصف وهو مبتسم ليقول ان المفاجأة اليوم هى فى هذا السفنديش المغطى ومد يده ليفتحة وهو يقول الفول المدمس المحبب لدى المصرين والعرب وان كنا هنا بدءنا فى ان نضعه بجوار مأكولاتنا وقبل ان يكمل حديثه فى قسم الحلو وجدت قدماى تتجه نحو الفول المدمس الذى يعرفنى جيدا واضع فى طبق ما يكفينى وعلى مسمعى يشرح المتر دوتيل الجاتوة والتورتة والحلويات الفرنسية وهنا تذكرت امى حينما قالت لى فى احدى المرات عندما كانت تقدم لى الفول المدمس . اللى نعرفه احسن من اللى ما نعرفهوش .

التعليقات