كتاب 11

01:12 مساءً EET

أوباما في السعودية مجددًا!

مع قراءة هذه السطور يكون رئيس الولايات المتحدة باراك أوباما قد وصل إلى العاصمة السعودية الرياض، وبدأ سلسلة اجتماعات مع خادم الحرمين الشريفين والمسؤولين السعوديين، ومن بعدها سيلتقي مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي، لمناقشة أكثر من ملف حيوي يخص العلاقات الثنائية والوضع الإقليمي المتغير.
وتجيء زيارة الرئيس الأميركي إلى السعودية مع «زيادة» واضحة في سلبية تغطية الشأن السعودي في الوسائل الإعلامية الأميركية، وإعادة تدوير «SPIN» كل أو أغلب القصص التي تأتي من منطقة الشرق الأوسط، و«تحميل» السعودية مسؤولية حدوثها، سواء أكانت قصصًا لها علاقة بالإرهاب أو النفط أو الاقتصاد أو التطرف أو توتر المنطقة بصورة كافة، وهي مسألة تشبه تحويل السعودية إلى «كيس الملاكمة» الملائم للجم الغضب، وتحويل الأنظار من مشكلات أخرى ولاعبين آخرين هم في غاية التأثير على مجريات الأمور في المنطقة.
فهل السعودية لديها القدرة على التأثير السلبي بشكل يتفوق على إسرائيل التي لا تزال تواصل احتلال أراضٍ فلسطينية وتنتهك كل العهود والمواثيق الدولية بشكل سافر دون رادع ولا خوف ولا قلق؟ هل السعودية إقليميًا «أخطر» ممن يدعمون فصيل الإخوان المسلمين ويزكون حراكهم العنيف المتطرف الذي ظهرت آثاره في أكثر من بلد وكانت له النتائج الوخيمة المتوقعة؟ هل السعودية أخطر من إيران التي كان لها الأثر السلبي العظيم منذ قيام ما يسمى الثورة الخمينية فيها وكان لها الذراع الطولى في انتشار وتمادي الطائفية المقيتة في المنطقة بأسرها؟
السعودية كانت ولا تزال حليفًا استراتيجيًا يمكن الاعتماد عليه، وهو حليف «مجرب» و«متمرس»، حتى تحول إلى صمام أمان ومحور توازن على مستوى المنطقة بأسرها، ولعل الحراك الدبلوماسي الاستباقي الذي تولد مؤخرًا يظهر «الثقل» السعودي الجديد، وهو يجيء من الإحساس بمسؤولية الموقع وإدراك لخطورة ما يحدث من تقلبات وتمدد مريب لقوى التطرف التي هي تحت عباءات الدول أو تتحرك بمفردها.
السعودية تدرك أن ضعف الدول المركزية في المنطقة سيولد فراغًا هائلاً يستطيع أن تنفذ من خلاله كل قوى الشر وجميع قوى التطرف. كل هذه المسائل والرؤية الجديدة للتطورات التي حصلت أثمرت ميلاد ما يمكن أن نطلق عليه «العقيدة السعودية السياسية»، والمتكونة في تشكيل قوى سياسية وعسكرية ودبلوماسية استباقية في مواجهة القوى الإقليمية المعادية والتيارات الإرهابية المتزايدة، وهي تأكيد لـ«وزن» السعودية الاستثنائي والمميز. وبالتالي يبدو الحديث عن «طلاق تام» بين السعودية وأميركا نوعًا من المبالغة السياسية المطلوبة إعلاميًا في سنة انتخابات رئاسية جديدة، والحديث المرجح أن يكون خلافًا على التفاصيل وليس على المبدأ.
الكل سيراقب النتائج التي سيسفر عنها اللقاء السعودي الأميركي الكبير، واتجاه ريح بوصلة النفط والتصريحات التي ستلي ذلك، لأن انعكاسات كل ذلك الأمر لن يكون مهمًا على صعيد السعودية والخليج فحسب بل على صعيد المنطقة ككل.
في كل الأحوال هي أكثر من مجرد زيارة ولقاء واجتماع.. إنها مراجعة لأولويات العلاقة، وتحديد الملفات المشتركة مجددًا.

التعليقات