تحقيقات

11:59 صباحًا EET

الفارس عبد القادر حاتم وبداية علاقته بالرئيس جمال عبدالناصر

الكلمة من هذا الرجل تعتبر درسا لأي إعلامي. فقد قالت عنه “التايمز” بأنه معالج الإعلام الأول في الشرق الأوسط.ساختصر حديثى معة فى سرد أهم مرحلة فى تاريخ مصر .

2
اتذكر في بداية الثلاثينات ان إندلعت مظاهره كبيره تنادي بسقوط  وزاره صدقي باشا ، وإشتركنا نحن الطلبة في هذه التظاهره كما نفعل مع كل المظاهرات وكنا نهتف ” صمويل هول ياإبن الثور ” إلا أن أحداث هذه المظاهرة شهدت تطوراً أسفر عن إلقاء القبض علي عدد ليس بقليل من الطلبة ، وكان عبد الناصر وأنا من بين المقبوض عليهم ، وتمت إحالتنا للمحاكمة والتهمه هي الهتاف الصريح بسقوط الوزارة، والطريف في هذا الأمر أنه طوال تلك المظاهرات كان البوليس السياسي يتتبعنا بسهوله ويحاول القبض علي عبد الناصر أكثر مني ، والسبب هو “طول” الزعيم بينما انا أقصر منه ، ولهذا السبب كنت غير ظاهر في حشود مظاهرات الطلبة ضد الإستعمار والملك ، وهذا تكرر في أكثر من موقف ، وبعد أن إنتهيت من دراستي الثانويه في الإسكندرية إنتقلت الي القاهرة للالتحاق بالكلية الحربية ، تخرجت فى دفعة 39 ، وكان عبدالناصر دفعة 38 ، وعندما إلتحقت بكلية الأركان حرب وكان يدخلها كل عام ثلاثون ضابطا بعد إجتياز إمتحانات صعبة ، ولا أنسى معركة الدبابات كانت قوتها عبارة عن عدد ٧ ضباط ، بالإضافة إلى ١٠١ صف وجندي، و٩ صانيعية ملكيين، ١٦ دبابة خفيفة و١٢ لورى وعربة  وصلت الكتيبة إلى غزة يوم ٢٦ مايو، وقسمت إلى قسمين كل منهما ٣ دبابات ومعها الحملة اللازمة بقيادة الصاغ منصور لطفى منصور، والثاني بقيادة اليوزباشى محمد جمال الدين ملش، الأول بدير سبير والثانى بغزة، الذى تحرك يوم ٢٨ مايو لينضم على قوة دير سبير، بهدف حماية الجانب الأيمن للقوات، وفى يوم ٣١ مايو تحركت الكتيبة بأكملها كمقدمة للقوات إلى أسدود لتحاصر مستعمرة نتساليم لمنعها من التدخل فى عملية التقدم.. قامت الكتيبة بعملها واستأنفت التقدم لأسدود فى الساعة الثالثة من عصر نفس اليوم، وبقيت بها لمدة ٢٤ ساعة ، ثم عادت إلى المجدل يوم ١ يونيو، بناء على طلب رئاسة القوات ،كانت عملية نجبا الأولى: «في يوم ٢ يونيو ١٩٤٨شاركت كتيبة الدبابات بقيادة الصاغ منصور لطفى الكتيبة الأولى مشاة، وفصيلة من المناضلين العرب مسلحة، بالإضافة إلى مساعدة.

1

كان الهجوم على موجتين، الأولى تبدأ الساعة الرابعة والنصف صباحا، وتتشكل من سريتي دبابات ومعها الدبابة «الفيات»، وفصيلة من المناضلين وفصيلة المشاة بقيادة البكباشي يوسف شلبي، أما الموجة الثانية فتشكلت من كتيبتي دبابات وسرية مشاة وباقي كتيبة المشاة وسرية سيارات مدرعة ومعها فصيلة حمالات أما  عن سير العملية : «تقدمت الموجة الأولى وفتح المناضلون ثغرة في الأسلاك ، لكنها لم تكن كافية فقامت الدبابة «الفيات» بفتح ثغرة أخري، تقدمت منها لداخل المستعمرة، وخلفها باقي الدبابات، حيث اشتبكت مع الدشم ودمرت بعضها ، وتمكنت عناصر المشاة من احتلال  دشمة واحدة فقط، ولم تتمكن باقى الفصيلة من متابعة الدبابات لشدة نيران العدو، فيما تقدمت الموجة الثانية بعد الأولى بنصف ساعة، ودخلت المعركة وأحكمت غلق الثغرات، وكان واجبها إستغلال نجاح الموجة الأولي، وإحتلال القطاع الأيمن من المستعمرة، لكنها لم تتمكن من الدخول للمستعمرة بسرعة، نظرا لإستخدام العدو للمدافع المضادة للدبابات ، فى الساعة الواحدة والنصف ظهراً و صدرت الأوامر من القائد العام بالإنسحاب لوصول معلومات تفيد بأن العدو يزحف بقوات كبيرة لعمل هجوم مضاد ، على الجانب الأيمن ، وبدأ بالفعل فى فتح نيران شديدة، من مدافع الهاون مركزة على الدبابات، فانسحبت القوات المشتركة فى العملية عدا الدبابات التى بقيت لعمل ستارة من الدخان حتى الساعة الثالثة لستر إنسحابها ولإتمام عملية إنسحاب باقى القوات التى عادت بالفعل للمجدل ، وكما ذكرت فإن المعركة أسفرت عن خسارة دبابة واحدة وإستشهاد جندى بدرجة أومباشىي.

5
«فى الفترة من ٢ إلى ٧ يونيو ، تم إعداد وتجهيز الدبابات للعمليات ، وصدرت الأوامر بالإستعداد لإحتلال مستعمرة نيتساليم، وهذه العملية شاركت فيها قوات مشتركة من الكتيبة التاسعة مشاة وسرية من الكتيبة السابعة وكتيبة دبابات، بالإضافة لكتيبة سيارات مدرعة، ووحدات مساعدة وكان المخطط هو الاستيلاء على المستعمرة على مرحلتين.. الأولى تحتل منطقة الفناطيس والحمام، بالجانب الأيمن، فيما تكون مهمة القوات المشاركة فى المرحلة الثانية إحتلال الجانب الأيسر منها واحتلالها كاملة»
وتستمر حكاية المعركة الثانية لإحتلال مستعمرة نيتساليم فيقول: « نظراً لعدم القيام بعمليات إستكشاف وإختبار للأرض المناسبة للدبابات ، تداخلت المرحلتين ودخلت الدبابات كتيبة كاملة غير مجزأة ، وقامت بالآتى : فى الساعة العاشرة تقدمت الدبابات فى الأرض المناسبة ، وإقتربت من المستعمرة حتى أحاطت بها من الجانب الأيمن «منطقة الفناطيس»،
وأشتبكت مع العدو بنيرانها ، إلى أن تمكنت من إسكات جميع الدشم، وفى العاشرة والنصف تسللت قوات المشاة داخل بقايا مستعمرات الجيش الإنجليزي، إلى أن أصبحت خلف الدبابات مباشرة، ثم فتحت ثغرات داخل أسلاك المستعمرة ، وتقدمت وإحتلت دشم المنطقة، فإضطر العدو للإنسحاب إلى الجانب الأيسر من المستعمرة.

3
بعد ذلك فى المرحلة الثانية تقدمت المشاة فى منطقة الفناطيس للضلع المقابل ، وإنفصلت سرية دبابات ومعها رئاسة الكتيبة إلى الجانب الأيمن وإنضمت مع المشاة المذكورة لتغطية الثغرة بين الفناطيس والبحر بالنيران ، ومعاونة المشاة أثناء التقدم وإحتلال باقى المواقع خلف المنطقة  فإنسحبت جميع عناصر العدو إلى الجانب الأيسر، مما دعا لإرسال سريتى دبابات للمعاونة مع كتيبة السيارات لسحق مقاومة العدو فى تلك المنطقة، فكان لها أكبر الأثر فى تسليم العدو.، فيما لم تخسر القوات المصرية سوى سائق الدبابة الفيات، أما المعدات فلا خسائر فيها ، أما عن عملية تبة الفناطيس كان من المقدر بداية الهدنة فى يوم ١٠ يونيو ١٩٤٨، من الساعة العاشرة صباحا، فانتهز اليهود الفرصة وإحتلوا تبة الفناطيس لقطع الطريق بين المجدل وأسدود، وفى الساعة ٥٠٠ الخامسة صباحا يوم ٩ يونيو وصلت أوامر بطلب سرية دبابات واحدة للمعاونة مع قوة الكتيبة التاسعة مشاة لطرد العدو من مواقعه ، على أساس تقدير قوته بفصيلة مشاة واحدة.. تقدمت السرية بقيادة ملازم أول محمد فؤاد السيوفى، حسب الخطة الموضوعة، ومعها جماعة هاون، ووصلت إلى مسافة ٢٠٠ متر من الجهة اليسرى، واشتبكت مع العدو، فى مواقعه إلى أن أصبحت النيران مؤثرة جدا، وعند ذلك بدأ العدو فى الرد عليها بنيران مركزة، سببت خسائر فادحة فى جماعة الهاون ، مما اضطرها للانسحاب فيما بقيت الدبابات وحدها فى مواقعها. ولما كان العدو قد عزز قواته بسرعة فقد طلبت سرية دبابات أخرى ، وتقدمت إلى مدى قريب من العدو وفى الساعة ٩٠٠ كان الموقف كالتالي ، لا يزال العدو فى مواقعه بمواجهة سرية دبابات على مسافة ١٠٠ متر، وسرية على الجانب الأيسر على نفس المسافة السابقة، فيما المشاة يحتلون تبة على مقربة من العدو، ولا توجد خطوط اقتراب مستورة تمكن المشاة من التسلل إلى مواقع الدبابات، ليبقى الموقف على هذه الحال حتى الساعة ١٠٠٠- العاشرة صباحا- حيث صدرت الأوامر إلى باقى كتيبة الدبابات للتحرك من المجدل إلى المعركة ، وحين وصلت تمكنت القوة من إقتحام مواقع العدو وأجبرته على التسليم ، ثم تقدمت المشاة ،  لاحتلال الموقع واستلمت الأسري ثم تقدمت الدبابات لستر إحتلال المواقع، ومواجهة أى هجوم مضاد ، حتى صدرت الأوامر من القيادة بالانسحاب، ولم نخسر يومهات سوى جندى واحد ، بالإضافة إلى ٣ دبابات دمرت من تأثير الألغام، وفى اليوم التالى ١٠ يونيو قام العدو بهجوم مضاد، إلا أن قوات المشاة قامت بصده وطرده، وفى الساعة العاشرة صباحاً أصدرت الأوامر بإيقاف إطلاق النار . كانت الهدنة من ١٠ يونيو ولمدة شهر، وهى فترة مرت فى بدايتها هادئة ، وكان واجب الدبابات وقتها هو حراسة تقاطع الطرق « كوكبة – برنيس»، وهو الطريق الرئيسي للمستعمرات لتموين الجنوبية، ولم يكن يسمح بمرور قوافل تموين إلا ما كانت تحت إشراف مندوبي الأمم المتحدة، لكن بدأ اليهود في إختراق وقف إطلاق النار، وهاجموا القرى العربية الآمنة متحدين أوامر وقف القتال، فاحتلوا قرية كوكبة  مما اضطر السلطات المصرية للرد عليهم وإخراجهم بالقوة، وفى ليلة التاسع من يوليو إستولي العدو على قريتي تبه عفة وعبديس ، فطلبت رئاسة اللواء الرابع سرية دبابات للإشتراك فى الهجوم على القريتين المذكورتين ، لكن بعد محاولات عديدة حيث نجحت القوات فى إستعادة قرية بيت عفة ، وإقتحمت قرية عبديس فى النهار، مكبدة العدو خسائر فادحة إلا أنها إنسحبت ليلاً إلى قرية بيت عفة ، وسحبت جميع المعدات المعطلة لإصلاحها بالقاعدة ، ثم حاولت فى اليوم التالي إقتحام قرية عبديس.

6
إلا أنها هوجمت بشراسة من القوات الصهيونية ، فلم تتمكن من متابعة التقدم، وأعيد الهجوم مرة أخرى، لكنه منى بالفشل لشدة نيران العدو، ولم تفلح القوات في العملية ، حتى بعد إستعانتها بسريتين إضافيتين، إحداهما سعودية والأخرى سودانية فمعارك الدبابات فى حرب النكبة، كان بها قصوراً فى التسليح وضعفاً فى التنسيق بين القوات المختلفة العربية أو المصرية على حد سواء، حدث هذا في معارك عدة بعد إقرار الهدنة الأولى ، وتجلت بعد إنتهائها ، مثل معارك نجبا الثانية وإسحاق بيرون، رغم تكبيد العدو خسائر كبيرة  إلا أن القوات المشتركة لم تفلح في مهمتها وهى احتلال البلدتين.

الرئيس جمال عبدالناصر
أتذكر عن حرب فلسطين أن جمال عبد الناصر قال : «لم أكن فى مأساة فلسطين أجلس على مقاعد المتفرجين ! كما كنت أجلس في تلك القصة المثيرة التي شاهدتها في إحدى دور السينما بالقاهرة منذ بضعة أسابيع ! كنت أيامها على المسرح.. مع غيرى من آلاف الضباط والجنود الذين زيفت عليهم هزيمة لم يرتكبوها ، ثم يضيف : «ذات يوم قيل لنا أن دفعتنا من كلية أركان الحرب، سوف تتخرج قبل الوقت المحدد، فإن إحتمالات فلسطين تقضى بهذا، وكان إحتفال التخرج بسيطاً، هرعنا  بعده لنعرف أين ينتهى بنا المطاف، وصدرت لى الأوامر بأن ألتحق بالكتيبة السادسة ، وصدرت الأوامر لعبد الحكيم عامر لكى يلتحق بالكتيبة التاسعة، ولزكريا محيى الدين لكى يلتحق بالكتيبة الأولي، وكانت الكتائب الثلاث يومها على الحدود، ولم يكن هناك من يعرف على وجه اليقين ما الذى ستأتي به الأيام المقبلة ! وكنا نحن الثلاثة على أى حال نتعجل الزمان ، لكى نستطيع أن نلحق بكتائبنا على الحدود، وكانت الأوامر الصادرة لنا بأن نغادر القاهرة يوم ١٦ مايو ١٩٤٨، ولكن حماستنا لم تكن تطيق الانتظار.. غادرت بيتي صباح ١٦ مايو أحمل حقيبة الميدان، بعد أن تركت على إحدى الموائد صحيفة الصباح، وكانت صفحتها الأولى مليئة بالبلاغ الرسمي الأول الذى صدر عن وزارة الدفاع في ذلك الوقت يروى للناس بداية العمليات الحربية فى فلسطين . وبأحاسيس صادقة ومشاعر عميقة، ولم يكد القطار يتحرك في اتجاه ميدان القتال حتى أصبح الركن الذى جلست فيه مع عبد الحكيم عامر وزكريا أشبه بغرفة عمليات حربية ! وفتحنا خريطة كبيرة بيننا.. وبدأنا نناقش الموقف.. وبدت أمامنا للوهلة الأولى فجوات كان يمكن أن يتسرب منها إلى خطوطنا خطران الجيش المصري يومها مكونا من تسع كتائب، ولكن ثلاثا منها فقط كانت قرب الحدود حينما صدر الأمر بدخول فلسطين ! وكانت هناك كتيبة رابعة في الطريق ، وكنا نتساءل والقطار يندفع بنا إلى ميدان القتال: لماذا لم يحشد عدد كبير من الكتائب ما دمنا نريد دخول حرب فلسطين ؟ ولماذا لم تستدع جنود الاحتياطي لكى تكون منها كتائب جديدة ترسل إلى الميدان على عجل؟ ثم لماذا يصف البلاغ الرسمي الأول عمليات فلسطين بأنها مجرد حملة لتأديب العصابات الصهيونية ؟ على أي حال، فإن الحماسة لم تلبث أن ملأت الفجوات جميعا ، وسدت ما بينها لكن الإحساس بالفجوات المنذرة بالخطر، لم يلبث أن عاد إلينا عندما وصل القطار إلى العريش ، كان المظهر الخارجي للبلدة الغارقة في ظلام الليل الحالك .،

 

4
يتلاقى في خيالنا مع الهيبة التي كنا نتصورها للقاعدة الخلفية لميدان العمليات، لكن المتناقضات كانت تصدمنا كلما تعمقنا داخل المظهر الخارجي إلى صميم العمل الحربي، الذى كان يجب أن تقوم به القاعدة، لم يكن هناك من يهتم بنا أو يرشدنا إلى ما يتعين علينا صنعه ، ولم نكن ندرى أين مواقع وحداتنا بالضبط حتى نستطيع أن نلحق بها، ولم نجد أحدا يستطيع أن يرشدنا إلى هذه المواقع .،
وللحديث بقية

التعليقات