كتاب 11

10:03 صباحًا EET

صورة تساوي ألف كلمة!

يقولون دومًا إن الصورة تساوي ألف كلمة، وللفيلسوف العراقي القديم النفري مقولة معروفة في غاية البلاغة: «كلما اتسعت الرؤيا ضاقت العبارة». تذكرت كل ذلك وأنا أتابع بكل اهتمام مشاهد صور الزعماء في القمة الإسلامية الأخيرة بتركيا، ومشهد الرئيس الإيراني حسن روحاني وهو يحاول الوقوف في زاوية الصورة بالقرب من زعماء دول إسلامية، وهي رسالة حادة ربما وجهها البروتوكول التركي ليبين مقام إيران في الدول الإسلامية عامة.. نظام مريب لا يستحق أن يكون مثار اهتمام. وجاء البيان الختامي للقمة الإسلامية بمثابة صفعة لهذا النظام، ففيه إدانة واضحة للتدخلات الإيرانية العبثية والمستمرة في الشؤون الداخلية للدول العربية بشكل سافر وفج، حتى بات تهديدًا صريحًا وواضحًا للمنظومة الأمنية العربية.
إيران منذ حصول الثورة الطائفية فيها، وهي تزكي وتؤجج المنطقة بموجات لا تكل ولا تهدأ من الطائفية والصراعات المذهبية والتهديدات الإرهابية المستمرة على كل البلاد من دون استثناء، بشكل أو بآخر، حتى باتت مصدر تهديد صريحًا، وأجبرت الدوائر الأمنية في الدول العربية على تصنيف أذرعتها التنظيمية وميليشياتها المتنوعة كمجموعات وفصائل إرهابية صريحة.
لم ينفع أن يحدث التغيير في رأس السلطة الإيراني بخروج رئيس لا يخفي طائفيته وتطرفه مثل محمود أحمدي نجاد، وأن يجيء رئيس يقولون عنه إنه إصلاحي معتدل، شيئًا في السياسة الإيرانية مع الآخرين ليكتشف الناس أن «البضاعة» لا تزال كما هي في المحل الإيراني للسياسة، وأن التغيير لم يكن إلا في واجهة المحل و«فاترينته».
الخسارات الإيرانية المتلاحقة على الصعيد السياسي والدبلوماسي، خصوصًا في محيطهما لم يعد ممكنًا إغفاله، فهي أسقطت قناع المقاومة تمامًا ولم تعد هي نفسها مقتنعة بهذا التوجه بعد ما اتضح «توافق» و«تنسيق» أهداف روسيا وإسرائيل وإيران للإبقاء على نظام بشار الأسد في سوريا، وكذلك إقرارها «بالتعاون مع أميركا» في المنطقة وتكوين «تفاهم جديد» مع الغرب، وهي بذلك باتت بحاجة لخطاب تعبوي جديد لإقناع القطيع المؤيد لها في المنطقة عن دورها في المرحلة الجديدة.
المشهد الذي كان عليه حسن روحاني في الصورة الرمزية لقادة العالم الإسلامي، ما هو إلا انعكاس لصورة إيران نفسها في المنطقة، ودورها المريب والمقيت. فعلاً الصورة تغني عن ألف كلمة.

التعليقات