الحراك السياسي

02:03 مساءً EET

هل تتحرك القاهرة بعد فضيحة «وثائق بنما».. دول كبيرة تفتح تحقيقات حول أنشطة الأثرياء وأصحاب النفوذ

بعد فضيحة وثائق مسربة من شركة قانونية في بنما، أظهرت تجاوزات محتملة عن طريق شركات معاملات خارجية، فتحت السلطات في شتى أنحاء العالم، تحقيقات بشأن أنشطة الاثرياء وأصحاب النفوذ.

وسلّطت «وثائق بنما» الضوء على معاملات مالية لشخصيات سياسية وعامة بارزة، والشركات والمؤسسات المالية التي استخدموها في مثل هذه الانشطة. ومن بين الذين ذكرت أسماؤهم في الوثائق أصدقاء للرئيس الروسي فلاديمير بوتين وأقارب لزعماء الصين وبريطانيا وآيسلندا وباكستان بالاضافة إلى رئيس أوكرانيا.

وردت شخصيات ومؤسسات مالية مهمة على التسريب الضخم لأكثر من 11.5 مليون وثيقة بنفي ارتكاب أي تجاوزات، فيما بدأ مدّعون ومنظمون مراجعة التقارير من تحقيق أجراه الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين، ومقره الولايات المتحدة، إلى جانب تقارير مؤسسات إعلامية أخرى.

وفي أعقاب هذه التقارير تحركت الصين أيضًا، لفرض قيود على تغطية التسريبات الهائلة، فيما ندّدت وسائل الإعلام الرسمية بالتغطية الغربية للتسريبات، واصفة اياها، بأنها منحازة ضد الزعماء الذين لا ينتمون للغرب.

وبدأت دول مثل فرنسا وأستراليا ونيوزيلندا والنمسا والسويد وهولندا تحقيقات، بينما قالت بعض الدول الاخرى مثل الولايات المتحدة إنّها تبحث في الأمر.

وأسست شركة موساك فونسيكا البنمية – وهي محور التسريبات – أكثر من 240 ألف شركة للمعاملات الخارجية لعملائها في جميع أنحاء العالم، وتنفي ارتكاب أي مخالفات. وتصف الشركة نفسها بأنّها ضحية حملة ضد الخصوصية وتزعم أنّ التقارير الإعلامية تسيء تفسير طبيعة عملها.

من جانبه، نفى بنكا “كريدي سويس” و(اتش.اس.بي.سي)، وهما اثنان من أكبر البنوك في العالم اليوم (الثلاثاء)، التلميحات بأنهما استخدما شركات معاملات خارجية لمساعدة عملائهم على التحايل الضريبي.

ووفقا للاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين، فقد ورد اسما البنكين ضمن قائمة بأسماء بنوك ساعدت في تأسيس شركات معاملات خارجية تجعل من الصعب على محصلي الضرائب والمحققين تعقب حركة الاموال من مكان لآخر.

وقال الرئيس التنفيذي لبنك كريدي سويس تيغان تيام، إنّ مؤسسته لا تستهدف سوى الاصول القانونية. ويضع البنك نصب عينيه أثرياء آسيا لتحقيق النمو. وخلال مؤتمر صحافي في هونغ كونغ، أقر بأن البنك يستخدم شركات معاملات مالية خارجية؛ لكن فقط لادارة حسابات العملاء الاثرياء الذين لهم أصول في أكثر من منطقة تخصص قضائي ولا يدعم استخدامها للتهرب من الضرائب أو السماح بأنشطتها من دون معرفة هويات الشخصيات المعنية. قائلًا “لا ندعم الشركات للتهرب الضريبي. عندما تكون هناك شركة ينتفع منها طرف ثالث نُصرّ على معرفة هوية هذا المنتفع”.

من ناحية أخرى، قال بنك (اتش.اس.بي.سي)، إنّ تاريخ الوثائق يعود إلى فترة تسبق اصلاحات شاملة لنظام عمله.

يذكر، أنّ البنكين دفعا غرامات كبيرة في السنوات الاخيرة للسلطات الاميركية بسبب ادارتهما للثروات أو عملياتهم البنكية. ووافق بنك كريدي سويس في 2014 على دفع غرامة قيمتها 2.5 مليار دولار لمساعدة أثرياء أميركيين على التهرب من الضرائب. كما وافق بنك (اتش.اس.بي.سي) في 2012، على دفع غرامة قيمتها 1.92 مليار دولار، للسماح باستخدامه لغسيل أموال مخدرات مكسيكية، حسب الوثائق.

وأشارت التقارير عن تسريبات وثائق بنما أيضا، إلى شركات معاملات خارجية مرتبطة بأسر الرئيس الصيني شي جين بينغ وغيره من القادة الصينيين، ممن كانوا في السلطة أو لا يزالون فيها. فيما لم ترد الحكومة الصينية علنًا على المزاعم.

ويسفر البحث عن كلمة “بنما” من خلال محركات البحث الصينية على الانترنت، عن تقارير في وسائل إعلام صينية عن الموضوع؛ لكن جرى تعطيل كثير من الروابط أو أنّها تُفتح فقط على تقارير عن اتهامات موجهة لنجوم الرياضة.

ولم ترد الهيئة المنظمة للانترنت في الصين على الفور على طلبات بالتعقيب.

ولمحت صحيفة “غلوبال تايمز”؛ التي تصدر عن صحيفة الشعب الرسمية التابعة للحزب الشيوعي الحاكم، في افتتاحية اليوم ، إلى أنّ وسائل إعلام غربية مدعومة من واشنطن، ستخدم هذه التسريبات للهجوم على أهداف سياسية في دول ليست غربية، بينما تقلص التغطية المتعلقة بزعماء غربيين.

وفي ألمانيا، أكد مكتب مكافحة الجريمة الاتحادي، حاجة ألمانيا إلى اللحاق بالركب العالمي في مجال مكافحة جرائم غسيل الأموال.

وقال رئيس المكتب هولغر مونش في تصريحات لصحيفة “نويه أوسنابروكر تسايتونع” الألمانية الصادرة اليوم، إن بلاده تحتل مركزًا متوسطًا على المستوى العالمي في جهود مكافحة غسيل الأموال، موضحًا في المقابل أنّ هناك مبادرات لإجراء تعديلات قانونية. مضيفًا، “الإبلاغ عن حالات الاشتباه في غسيل أموال أداة مهمة في مكافحة غسيل الأموال؛ لكنّ إجراءات الإبلاغ من مصدر خارج القطاع المالي لا تزال تحتاج منّا الكثير من العمل”، مشيرًا إلى أنّ إجراءات مكافحة غسيل الأموال لدى البنوك نموذجية.

من جانبها، أعلنت الولايات المتحدة أمس، عن اجراءات جديدة لمنع المجموعات المتعددة الجنسيات من التهرب من دفع الضرائب عبر اقامة مقارها في الخارج عن طريق شراء شركات.

ونقل بيان عن وزير الخزانة الاميركي جاكوب ليو، أنّ “الشركات استفادت لسنوات من نظام يسمح لها باقامة مقارها الضريبية في الخارج لتجنب الضرائب في الولايات المتحدة من دون تغيير نموذجها الاقتصادي”.

وبموجب عمليات تسمى “التعاكس الضريبي” اشترت شركات أميركية عملاقة من بينها، خصوصًا، “فايزر”، شركات تتمركز في بلاد تفرض ضرائب متدنية مثل ايرلندا وهولندا، لتصبح مقرًا لها مع الاحتفاظ بنشاطاتها وهيئاتها الادارية في الولايات المتحدة.

وهذه الصفقات القانونية والمثيرة للجدل تهدف خصوصًا إلى الافلات من الضرائب الفدرالية على الشركات في الولايات المتحدة التي تعد الاعلى بين الدول الصناعية وتبلغ 35 في المائة.

وبعد سلسلتين من الاجراءات في 2014 و2015، ستعزز وزارة الخزانة ترسانتها وتجعل من الأصعب على شركة اجنبية امتلاك 20 في المائة من رأسمال شركة أميركية، وهي العتبة التي تتيح للكيان الجديد الافلات من الضرائب الاميركية.

وتهدف الاجراءات التي أعلنت أمس، إلى معالجة الآلية التي تسمح لفرع أميركي للمجموعة الجديدة، بخفض ضرائبه عبر حسم الفوائد التي تدفعها على قرض ممنوح من المجموعة الأم.

وفي ذلك، أفاد البيان بأنّ وزارة الخزانة ستحاول استهداف عمليات المحاسبة هذه عندما “لا يمول هذا القرض أي استثمار جديد” في الولايات المتحدة.

كما أكّد ليو قائلًا “سنفكر في وسائل جديدة للحد من عمليات (التعاكس الضريبي)”، معترفًا في الوقت نفسه بأنّ القانون وحده يمكنه فعليًا وقف هذه العمليات. مضيفًا أنّ “الكونغرس يجب ألّا يتأخر في التحرك بينما تؤدي عمليات التعاكس الضريبي إلى خفض مواردنا الضريبية”.

يذكر أن وسائل إعلام من حوالى 80 د ولة نشرت أول من أمس، معلومات عن معاملات مالية واسعة النطاق مع شركات وهمية في ملاذات ضريبية.

وتأتي البيانات التي سُرّبت من مصدر مجهول، من شركة خدمات قانونية تتولى تأسيس شركات دولية بنظام “أوفشور”. وعلى الرغم من أنّ هذه الشركات قانونية من ناحية المبدأ، فإنّها تصلح أيضا لإخفاء أموال من حصيلة أنشطة غير مشروعة أو تهريب ثروات بمنأى عن سلطات الضرائب.

التعليقات