تحقيقات

01:35 مساءً EET

فورين بوليسي: محمد بن زايد صاحب أفكار فذة ومستقبلية

ذكرت مجلة فورين بوليسي في تقرير لها أن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، هو أحد القيادات العالمية صاحبة الأفكار الفذة، عندما قال قبل عام إن على الإمارات أن تتعلم العيش من دون النفط، وقد قلصت الدولة بالفعل النفط المنتج كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي إلى أقل من 30 %، وتهدف إلى الوصول بهذه النسبة إلى 20 % بحلول 2020.

سبقت أميركا
أكدت المجلة أن هذا التزام أساسي بالتنوع الاقتصادي يظهر رؤية الراحل الشيخ زايد الثاقبة التي تجلت عندما أنشأ أول صندوق ثروة سيادي في العالم قبل اكتشاف النفط بسنوات.

وقالت إن فكرة استحداث وزارة للتسامح كانت أقدم من الوزارة نفسها، فقد أسست الدولة وفق رؤية مؤسسها الأول الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، واضعاً مبادئ التسامح نصب عينيه.

وفي مقال له في المجلة كتب ديفيد روثكوبف تحت عنوان “دولة واحدة أصبحت رائدة في ابتكار أفكار جديدة حول مستقبل الحكم وسط فوضى الشرق الأوسط”: “لا يمكن لأحد زيارة الإمارات من دون أن تصيبه الدهشة مما تم إنجازه في فترة قصيرة للغاية من الزمن، ومن دون أن يشعر بحاجة حكومات عدة بما في ذلك الحكومة الأميركية إلى أن تحذو حذوها على صعيد الابتكار، ناهيك عن التسامح والسعادة”.

اشار الكاتب منوهًا بتشكيل الحكومة الإماراتية الجديدة وتعيين وزيرة لشؤون الشباب التي وصفها بالخطوة الجريئة يتعين على سائر الدول محاكاتها.

ولفت إلى أن دولة الإمارات وصلت إلى المستوى الراهن من التقدم والازدهار بعد 44 عاماً فقط من إنشائها، في حين أنه بعد الفترة نفسها من توقيع وثيقة إعلان الاستقلال الأميركي، ولم تحصل النساء على الحق في التصويت فيها إلا بعد 90 عاماً أخرى.

محاكاة الشباب
أضاف أنه “اليوم، بعد 240 عاماً من إعلان الاستقلال، لا تزال الولايات المتحدة تعاني انعدام المساواة، بينما تأتي في طليعة الدول التي تراقب سكانها، وأنه على النقيض من ذلك، اشتملت الإصلاحات الأخيرة في دولة الإمارات على تعيين ثماني سيدات في مجلس الوزراء، الذي يضم وزيرة الشباب شمة المزروعي الحاصلة على درجات علمية من جامعة أكسفورد وجامعة نيويورك ـ أبوظبي.

وقال الكاتب إن تعيين وزيرة لشؤون الشباب تستطيع فهم أحوالهم ومشكلاتهم في عالم يتمثل أحد أبرز تحدياته في انعدام ثقة الشباب في مؤسسات الدولة يعد خطوة جريئة يتعين على سائر الدول محاكاتها.

ذكر الكاتب بلقاء أجراه مع محمد بن عبدالله القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل من داخل مكتبه في الطبقة الحادية والخمسين من أبراج الإمارات في دبي. وقال إن التصميم المعماري البديع لهذه الأبراج الشاهقة يمنح شعوراً بأنها تنتمي إلى المستقبل بطريقة من المستحيل إيجادها في أي من مدن «العالم الغربي»، وإن مدينة دبي بأسرها تبعث على الأمل والإقدام والابتكار بحيويتها وإشراقها، لافتاً إلى أن القرقاوي يعد مثالاً على الكوادر المبدعة والمتميزة العاملة في الحكومة، والتي تجعل الإمارات تنفرد عن غيرها من دول الشرق الأوسط، وتضعها على قمة الحكومات الأكثر ابتكاراً ونجاحاً في العالم.

تجارب مثالية
وأضاف: أشار القرقاوي من مكتبه إلى طريق سريع من ستة مسارب، يمتلئ بسيارات من أحدث الطرازات في مدينة تضم الآن أكثر المطارات ازدحاماً على مستوى العالم والعديد من أشهر الشركات ونسيجاً اجتماعياً متنوعاً بشكل ملحوظ.

ولفت الكاتب إلى التشكيل الوزاري الأخير، والذي قال إنه حظي باهتمام كبير في وسائل الإعلام، وتضمن إنشاء وزارة جديدة للتسامح وأخرى للسعادة، وتعيين وزيرة لشؤون الشباب لا يتجاوز عمرها 22 عاماً.

ويرى الكاتب أنه من الغريب ألا ينظر البعض إلى هذه التعديلات الأخيرة وسلسلة الابتكارات الطويلة التي قدمها الإماراتيون بوصفها تجارب مهمة ترمي الى الوصول إلى دولة ناجحة في منطقة تملك سجلاً مؤسفاً للغاية على صعيد الحكم.

وأوضح أنه كان في زيارة إلى دولة الإمارات من أجل العمل على مشروع لعبة السلام، الذي تستضيفه المجلة بدعم من الحكومة الإماراتية، ورأى الحاجة إلى تسليط الضوء على قصة إبداع القادة الإماراتيين بحيادية.

تفوق عالمي
وقال إنه في بلد لم يضم خلال فترة تأسيسها سوى القليل من السكان الحاصلين على شهادة جامعية، أصبح التعليم أولوية مهمة للغاية لدرجة أن معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعتي السوربون ونيويورك افتتحت جميعها فروعاً في الإمارات، وهذا من منطلق إيمانها بجودة التعليم وضرورة تدريب السكان الذين تعتمد عليهم.

وتابع: إن الإمارات اليوم تتفوق على سائر بلدان الشرق الأوسط من ناحية التحصيل العلمي للطلاب، وتحتل المرتبة 45 في العالم، وهذا النجاح والتقدم يمتد إلى مجالات أخرى أيضاً، إذ تأتي الإمارات في المركز الثلاثين على مستوى العالم من حيث الناتج المحلي الإجمالي، وفقاً لبيانات البنك الدولي، وتحتل المرتبة 17 في مؤشر التنافس العالمي لعام 2015-2016، ويضعها المنتدى الاقتصادي العالمي في المركز الرابع من حيث البنية التحتية، والثاني من حيث النقل الجوي، والأول من حيث الطرق.

وتبين تقديرات مؤسسة ميرسر لمستوى المعيشة لعام 2016 أن دبي وأبوظبي لا تتفوقان على دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فحسب، ولكن أيضاً جميع مدن أميركا اللاتينية وجنوب العالم.

قبلة تجارية
وأوضح الكاتب أن فكرة تركيز الحكومة على السعادة ليست بجديدة؛ إذ إنها وردت في وثيقة إعلان الاستقلال الأميركي بوصفها أحد أهداف تأسيس الدولة وقادت الأمم المتحدة أخيراً مسعى الى البحث عن أفضل المقاييس التي يمكن من خلالها تقويم مدى نجاح الحكومات في تلبية الاحتياجات الإنسانية بعيدة المنال لشعوبها.

وتابع بقوله: لا يعد ذلك أمراً جديداً أيضاً بالنسبة الى دولة الإمارات، حيث كان قياس السعادة هدفاً للحكومة منذ سنوات. كما كانت الإمارات هي أول حكومة في العالم تقوّم أداء الوزراء بموجب مقاييس رئيسة تضعها كل عام، ومن ناحية التسامح، أسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الدولة برؤية تضع في الاعتبار مبادئ التسامح، وكان أول دليل على ذلك هو تعليم المرأة والتعامل معها بصورة أكثر إنصافاً من أي بلد آخر في المنطقة.

وعزا تبني الإمارات لقيمة التسامح إلى دورها التاريخي كمركز تجاري، وهو الدور الذي يجعل دبي حتى اليوم وجهة دائمة للإيرانيين رغم التوتر القائم بين البلدين.. والروس والصينيين، وسكان جميع دول العالم.

أخيرًا أكد الكاتب أن النهج الحالي للإمارات، من حيث تقديم الخدمات الحكومية للمواطنين عبر التطبيقات الإلكترونية وتقبل الفشل كجزء من عملية الابتكار، لا يختلف كثيراً عن النهج المتبع في وادي السليكون، وفي الوقت نفسه، تبحث الإمارات عن أفضل أساليب الارتقاء بالأداء الحكومي التي يمكن أن تتبناها عن طريق عقد أهم مؤتمر في العالم يجتمع فيه كبار القادة لمناقشة أبرز القضايا الحيوية التي تواجه الحكومات.

التعليقات