كتاب 11

02:00 مساءً EET

قمة العشرين تفتقد لحظة «سبوتنيك»

يحتاج الاقتصاد العالمي من اجتماع مجموعة العشرين المقرر انعقاده في نهاية هذا الأسبوع في الصين إلى أن يخرج علينا بلحظة سبوتنيك البارزة. وبدلا منها، وعلى الرغم من الوعي المتنامي بمخاطر النمو والاستقرار المالي، خلص الاجتماع بالأساس إلى نسخة ساخنة من البيانات السياسية السالفة. وهذا هو أبعد ما يكون عن الإجراءات الفردية أو الجماعية التي يتعين على أعضاء مجموعة العشرين اتخاذها إذا ما قدر للاقتصاد العالمي أن يتجنب نموا أكثر تخييبا للآمال والمزيد من عدم الاستقرار المالي العالمي.
إثر اجتماعهم في شنغهاي، بدا وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية في مجموعة العشرين أكثر قلقا حول آفاق النمو الاقتصادي العالمي، وشعورهم هذا له ما يبرره. كما أنهم أقروا بأن مزيج السياسات المتبعة في كثير من بلدانهم يبقى من دون التوازن المطلوب والمنشود، ويعكس حالة الاعتماد المفرطة على تجريب البنوك المركزية في مختلف الدول.
ومن المأمول فعلا، رغم أنه من غير المتوقع، أن ذلك الوعي المتزايد من جانب الزعماء للأخطار المحدقة سوف يسبب هزة قوية لدى صانعي السياسات، كما كانت الحالة في عام 1957، حينما أدى الإطلاق السوفياتي الناجح للقمر الصناعي سبوتنيك إلى صدمة في الولايات المتحدة، ووحد قواها وجهودها وراء التنشيط المحموم لسباق الفضاء.
لم تسفر المخاوف المتزايدة بشأن الاقتصاد العالمي والأسواق الدولية، رغم ذلك، عن أكثر من تأكيد الالتزام بالسياسات السابقة، التي ناضلت أيما نضال من أجل اكتساب الزخم المطلوب.
وانطلاقا من واقع المعلومات المتاحة في المجال العام، فليس هناك كثير مما يمكن توقعه من اجتماع مجموعة العشرين الحالي، سوى الاقتراح بإجراء تحسينات كبيرة في مزيج السياسات المطبقة لدى أكثر الدول من حيث الأهمية التنظيمية. وبدلا من ذلك، وتحولا عن استخدام «كل الأدوات السياسية المتاحة»، النقدية والمالية والهيكلية، كما ورد في بيان المجموعة، فسوف تواصل هذه الدول التقيد بالحقائق السياسية، وسوف يستمر ميلها إلى الاعتماد المفرط على سياسات البنوك المركزية المستنفدة، والتي تقوضت فعاليتها تحت ضغوط الأضرار الجانبية الهائلة والعواقب الضخمة غير المقصودة.
إن دعوة مجموعة العشرين لتحمل المسؤولية الجماعية والعمل المشترك لقيت آذانا صماء وحناجر صامتة، بالنظر إلى حجم المخاطر التي تواجه الاقتصاد العالمي. وبسبب الافتقار إلى الحاجات الملحة لمواجهة ظروف الأزمة الراهنة، لم يقترب المسؤولون كثيرا مما تمكنوا من تحقيقه في أبريل (نيسان) من عام 2009 في لندن، حينما ساعدت مقاربة السياسات المنسقة واللافتة للانتباه وقتئذ، من تجنب الخوض في أزمة كساد عالمي متعدد السنوات.
ومع الأمل الطفيف في إجراء تغييرات رئيسية في السياسات، سوف يستمر النمو الاقتصادي العالمي في المعاناة، فإن رهان عدم المساواة بين القوميات (من حيث الدخل والثروة والفرص) سوف يتفاقم، إلى جانب تزايد التقلبات المالية العالمية. ومن شأن هذه الظروف أن تمهد الطريق لسياق أكثر إثارة لقلق المسؤولين عند اجتماعهم في أبريل المقبل في واشنطن، لحضور اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
فإذا ما أخفق القادة الماليون في اغتنام هذه الفرصة السانحة لاقتناص لحظة سبوتنيك البارزة، فسوف يخطو العالم خطوة أخرى في اتجاه النقطة التي يفسح فيها النمو المنخفض المجال للركود العالمي، وحدوث نوبات مؤلمة من التقلبات المالية التي سوف تتطور إلى حالة من عدم الاستقرار المالي الأكثر ضررا على الجميع، وتفاقم عدم المساواة الذي يمكن أن يغذي الخلل السياسي الكبير، الذي يقوض الأجيال المقبلة إلى جانب الأجيال الحالية.

التعليقات