عرب وعالم

03:07 مساءً EET

الشيخ صباح الأحمد.. قائد الإنسانية وفارس الدبلوماسية من الخارجية إلى قيادة الكويت ‎

كان أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، وما يزال من أوائل الداعمين لمصر على مختلف المستويات، ويعد الأمير الذي حصل من الأمم المتحدة على لقب قائد العمل الإنساني، من بين أبرز الشخصيات العربية والإسلامية في العصر الحديث التي ساهمت في صنع تاريخ وطنها وأمتها عبر سنوات طويلة من العمل والعطاء، فهو أحد أعمدة الدبلوماسية العربية والإقليمية وأحد أهم حكمائها، ولعل الدور الذي قام به على مدى أربعة عقود كوزير للخارجية في التعامل مع التحديات الإقليمية والدولية خير شاهد علي ذلك، فقد تمكن من وضع دولة الكويت في موقعها اللائق على الساحتين الإقليمية والدولية.

3

وعندما تمت مبايعته بالإجماع لتولي مسئولية حكم البلاد عبر أعضاء مجلس الأمة في 29 يناير 2006 استقبله الشعب الكويتي بفرحة غامرة وابتهاج وأمل.. فهم يدركون مكانته جيداً وتاريخه المضىء والمشرف وقدرته علي القيادة وحكمته وصبره وعطاءه المخلص للوطن الغالي وحبه لأشقائه وأبنائه من الشعب الكويتي الذي أفنى سنوات عمره في أجلهم، فمشهد رفعه لعلم الكويت فوق مبنى الأمم المتحدة بعد انضمامها إليها في 11 مايو 1963 سيظل خالداً في ذاكرة كل كويتي.. وتمر الأيام ليحتفل الكويتيون مع أشقائهم العرب بالذكري العاشرة لعيد الجلوس في ظل أجواء احتفالية تتناسب مع إنجازاته في كافة المجالات.

2
دبلوماسي من الطراز الأول

كانت خبرة الشيخ صباح الأحمد العريقة ومصداقيته العالية محط احترام وثقة وتقدير الجميع، حيث يؤكد الساسة الغربيون الذين عاصروه واحتكوا به في مختلف المحافل الدولية علي قوة شخصيته وحنكته الدبلوماسية، فهو دبلوماسي من الطراز الأول صارع في ميادين السياسة الدولية دفاعاً عن قضايا وطنه وأمته العربية وعاصر تغيرات راديكالية في النظام الإقليمي والدولي من الثنائية القطبية وعصر الحرب الباردة إلي الأحادية القطبية الأمريكية وأخيراً النظام متعدد الأقطاب، مما أكسبه خبرات متميزة في العمل الدبلوماسي وقدرة علي التعامل مع الأزمات المحلية منها والعربية والعالمية.

كما يعد الشيخ صباح الأحمد هو المفكر والمنظر الذي وضع لبنات وأسس السياسة الخارجية الكويتية التي ارتكزت علي عدد من المبادئ تعكس رؤيته الحكيمة للبلاد ودورها علي الساحتين الإقليمية والدولية من أبرزها أنها: دولة داعية للسلام، راعية لحقوق الإنسان، لا تتدخل في الشئون الداخلية لغيرها من الدول، تعمل من أجل التنمية العالمية الشاملة، وتقديم المساعدات إلى مختلف دول العالم المحتاجة، وبصفة خاصة الأكثر فقراً والأكثر حاجة، تؤمن بالحياد الإيجابي والوسطية في اتخاذ المواقف والقرارات.

ويؤمن بأن استقرار وسلامة أمن منطقة الخليج مرهون بمتانة العلاقات بين دولها سواء أكان ذلك علي المستوي الثنائي أو الجماعي عبر منظور سلمي تعاوني يحقق مصالح الجميع في ظل تنامي الأخطار التي تحدق بمنطقة الخليج العربي، ومن ناحية أخري يري وجوب العمل الجاد من أجل وحدة عربية حقيقية وتألف قومي ضد التهديدات الخارجية التي يتعرض لها الوطن العربي، لذا لطالما أكد على أن التضامن العربي هو الوسيلة الوحيدة لاكتساب احترام الآخرين والتصدي لتلك الأخطار.

وهو يري أن الثروة الحقيقية للكويت تتمثل في أبنائها، فهم عماد المستقبل وأمله في غد أفضل ولن تقوم أي نهضة إلا بهم، لذا كان حريصاً علي تطوير التعليم لتوفير فرصة للتسلح بالعلم الحديث الذي يعد متطلباً رئيسياً للحفاظ علي استمرارية مسيرة الديمقراطية وعجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد بما يحفظ للكويت مكانة رائدة ليس فقط علي المستوي العربي أو الإقليمي بل علي الساحة الدولية أيضاً.

وتقوم قناعته الراسخة علي أن القائد لا يمكنه أن ينجح ما لم يكن لديه ظهير شعبي مساند له، ولن يتوفر ذلك الرصيد إلا إذا كانت مصالح الوطن والشعب نصب أعينه، ولذلك ركز اهتمامه علي الارتقاء بالأوضاع المعيشية لمحدودي الدخل والطبقة المتوسطة ودفع الحكومة ومجلس الأمة للتخفيف من الأعباء المعيشية التي يتحملونها.

4
فارس الدبلوماسية

وكان لأمير دولة الكويت دور بارز في تأسيس المجلس الوزاري المشترك لمجلس التعاون لدول الخليج العربية ودول المجموعة الأوروبية الذي يهدف إلى توثيق الروابط الاقتصادية المشتركة بين الطرفين، ومن خلاله تم إبرام العديد من الاتفاقيات الاقتصادية مع الكثير من دول هذه المجموعة وغيرها من الدول الأخرى بما حقق مكاسب كبيرة للدول الخليجية.

وقد استطاع أن يحصل لدولة الكويت على تأييد دولي لم يسبق له مثيل بعد كشفه لممارسات العدوان الذي قام به نظام البعث في عام 1990 ضد دولة الكويت، الذي كان من نتيجته أن أصدر مجلس الأمن قراره رقم 678 في التاسع والعشرين من نوفمبر 1990 على إثر الموقف المتصلب الذي اتخذه ذلك النظام وضربه عرض الحائط بجميع القرارات التي اتخذها المجلس بدءاً من القرار رقم 660 الذي صدر عقب الغزو مباشرة والقرارات اللاحقة ذات الصلة بالعدوان العراقي على الكويت.

يضاف إلي ذلك وقوفه كفارس للدبلوماسية العربية والإسلامية في مختلف المحافل السياسية متصدياً للهجمة الغربية الشرسة علي العروبة والإسلام ومحاولة وصمهما بالإرهاب، ليؤكد أن الإسلام هو دين السماحة والتسامح، وأن كل ما يثار من تلك الآراء والاتجاهات هي حملات مغرضة لتشويهه.

1110
إيمان تام بدور مصر

لا يمكننا أن نتحدث عن القائد الإنسان الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت دون أن نذكر علاقته بمصر والمصريين تلك العلاقة التي يضعها دائماً في مقدمة أولوياته، حيث يعتبر مصر ظهيرا للكويت وسنداً لها ويحرص علي تعزيز العلاقات الأخوية الوثيقة القائمة معها ولا يكاد يفوت مناسبة دون أن يعبر عن اعتزازه بمصر ودعمه لخيارات الشعب المصري, ومن ثم أحبه المصريون وثمنوا وقفته الدائمة مع بلادهم وتأييده التام لحقهم في التنمية والاستقرار.

ولعل دعمه المستمر لمصر وشعبها وتأييده لمواقفها المتمثل في مبادراته المختلفة لدعم السياحة والاقتصاد المصري، والوقوف إلى جانب مصر حتى استكمال خارطة الطريق التي اختتمت بالانتخابات البرلمانية، وكان هو أول المهنئين للرئيس عبدالفتاح السيسي والشعب المصري ببرلمانه، فضلاً عن المشاركة في مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي، وحفل افتتاح مشروع قناة السويس الجديدة.

كما حرص قبل ذلك علي زيارة مصر في يونية من عام 2014 لتقديم التهنئة للرئيس عبدالفتاح السيسي بمناسبة انتخابه رئيساً لمصر، فضلاً عن استقباله للرئيس السيسي في الكويت في بدايات عام 2015 وتوجيهاته المعلنة بتعزيز التعاون الثنائي ما يبرهن علي تقديره لمصر وحرصه علي عودتها السريعة لممارسة دورها الريادي علي الصعيدين العربي والدولي.

 

التعليقات