كتاب 11

05:31 مساءً EET

وش السعد

في مجتمع أصبح القبح هو القاعدة، والحسن هو الاستثناء، يظهر عديمو الضمائر، وأصحاب بيزنس الإعلام الرديء، لتمتلأ جيوبهم، وتزيد أرصدهم على حساب شعب بعضه فقد أخلاقه، وغابت قيمه، يجد هؤلاء بيئة خصبة لنشر الغث من البرامج التافهة، برامج هي وش السعد على صانعيها، وش النحس على مشاهديها، “محمد سعد” ممثل مصري فشل في أن يجدد نفسه في أدوار هادفة يتلقى عرضا من فضائية MBC لعمل برنامج ينشر القبح في المجتمع عن عمد أو جهل مستغلا غباب الذوق العام، ليكرر شخصية “بوحة” شخصية كريهة قدمها في أفلامه ولم تعد تجد صدى ولا متعة لدى جمهوره.

هذا المهرج لا يملك من موهبة التمثيل الكوميدي الراقي إلا ما يؤهله للفشل، ظهر ذلك بأولى حلقات برنامجه “وش السعد” حلقة تحمل شهادة من النقاد بالفشل المصحوب بإلإفلاس ، وإذا أفلس الفنان فتش في دفاتره القديمه، ليس المقصود بالإفلاس هنا الإفلاس المادي بل غياب الضمير، والبحث عن سبوبة بالملايين على حساب الفن الراقي، وتقديم ما يفيد الجمهور، لا يجد سعد غضاضة في الرد على منتقديه بالقول إنه حاول تقديم شخصية جديدة ولم يجد ماكييرا جيدا يرسم على وجههه ملامح هذه الشخصية.

هذا يطرح علامة إستفهام: هل عجزت المحطة الثرية في أن تجد ماكييرا يساعد الليمبي في التغلب على هذه المشكلة، وتقديمه بشكل مختلف، أم هو الكسل والاستسهال والاستهبال ؟ إن شئت الدقة فقل العجز عن الظهور بشخصية جديدة ، فمنذ ظهور “محمد سعد” على الساحة الفنية بشخصية الليمبي، وهو يتقوقع ، ويظل حبيس هذه الشخصية،  الليمبي مثل بوحه مثل غيرها من الشخصيات لا تختلف فى الملامح والاداء والكلمات، شخصية مشوهة طويلة اللسان بذيئة، متحرشة، واعتقد أنه لو جاء أفضل ماكيير في العالم سيظل محمد سعد حبيس تلك الشخصية، إن الأصل فى الفن هو الفكر وما يقدمه الفنن للناس، وإذا كان الشكل أيضا يحظى بأهمية إلا أن الفكر والرسالة التي تريد توصيلها للناس هي الأصل ، أنظر إلى أساتذة الكوميديا أمثال الراحل “فؤاد المهندس” والمبدع “محمد صبحي” ومدى تأثيرهما في وجدان الناس بما قدموه من فكر ورسائل ترتقي بالبشر، وهذا للأسف ما لايعيره “محمد سعد” وأمثاله  أي اعتبار ، نسفوا الجوهر لصالح الشكل ، فلم يعد يقيموا للفكرة وزنا، بل واستخفوا بالجمهور بدل أن يكون الارتقاء به هو الهدف.

ما الذي يستفيده الناس من وصلات  التحرش اللفظى والبدنى والايحاءات الجنسية التى قدمها سعد فى في “وش السعد” سوى الاشمئزاز والقرف ، والسؤال هو لماذا تنقل يا سعد ظاهرة تحشد الدولة كل طاقاتها لمنعها في الشارع إلى الشاشة لتعطيها دور البطولة، ولم هذه الالفاظ البذيئة تملأ اسماع المشاهد؟ وما البطولة في أن تحمل “هيفاء وهبي”  ، ولم الحلف بالطلاق طوال الحلقة مثل تجار المواشي ؟ والأغرب من ذلك لماذا يشارك الأستاذ والفنان وعميد معهد الفنون المسرحية  “أشرف زكى” مخرجا مسرحياً في هذا العمل؟ ولماذا يُخرج “سامح عبد العزيز” البرنامج تلفزيونياً ، هل هو أكل عيش أم استسلام لسر  “محمد سعد”  الباتع على الجميع؟

أين ردود فعل الصحفيين والنقاد الذين حضروا تصوير الحلقة، ولم يقولوا كلمة حق فيما  يفعله هذا السعد على خشبة المسرح؟

البرنامج مستمر وقدم حلقة ثانية على الرغم من أنه يحمل اساءات لمصر من قناة تبث من داخل مصر والدولة غائبة ، على الدولة حفاظا على هيبتها أن توقف البرنامج احتراما للمشاهد، القناة التى صرفت الملايين على البرنامج لن توقفه ، لأن هذا معناه خسارة اعلانات ومعلنين ، هي تريد توظيف “محمد سعد” لتجني الارباح، القناة لن تبحث عن  المضمون الجيد ولا الكوميديا الراقية ، هي تريد شخصية بوحة ، شخصية لم يعد لها قيمة،  ولا تلقى قبولا لدى الناس بما تقدمه من إيحاءات جنسية.

اذا كان هدف المحطة من وراء تقديم هذا العمل رسم الابتسامة على وجوه المشاهدين، فإن هذا العمل التافه لا يمكن وصفه بالكوميدى، فلم ينجح فى رسم الابتسامة على وجوه المشاهدين رغم محاولات سعد المصطنعة استخراج مواقف كوميدية، ولأن الموضوع أكل عيش فإن ” محمد سعد” لن  يخضع لرغبة جمهوره ويحافظ على ما تبقى لديهم من احترام ويعتذر عن مواصلة البرنامج بدليل أنه قدم حلقة ثانية، سوف يسير على نهج القناة ظنا منه أن البرنامج سيحقق نسب مشاهدة عالية بعد الضجة التي اثيرت حوله،  من هنا يجب على إدارة مدينة الانتاج الاعلامي التدخل تنفيذا لمواثيق الشرف الإعلامية وحفاظا على الأخلاق.

التعليقات