الحراك السياسي
إبراهيم عيسى يكتب: لا هى مدنية ولا هى طبعًا حديثة يا سيادة الرئيس!!
الدولة الديمقراطية المدنية الحديثة التى يسعى إليها الرئيس لا يمكن أن يبنيها المسؤولون الذين اختارهم من عصر ديناصورات الدولة القديمة ومن حفريات الدولة الدينية ومن لواءات الدولة البوليسية!!
نتفق تمامًا مع الرئيس #السيسى على ما قاله حرفيًّا فى خطابه، أمس، أن (هدفنا الأسمى وغايتنا الكبرى هى إعادة بناء الدولة المصرية دولة ديمقراطية مدنية حديثة).
لكنك فى الحقيقة يا سيادة الرئيس لا تفعل شيئًا من أجل هذه الدولة الديمقراطية المدنية الحديثة، بل لعل كل معاونيك وأجهزتك (أقول كل!) تعمل ضدها!
إذا كنت تحلم أو تسعى أو تهدف فعلاً لدولة ديمقراطية مدنية حديثة (ودعنى أقول إننى أصدقك تمامًا فى النية وأخشى عليك تمامًا من الوسائل!!) فالمؤكد أن ما جرى فى عهدك حتى الآن لا يمكن أن يوصف بدولة ديمقراطية حديثة فضلاً عن كونها مدنية.
الدولة المدنية الحديثة الديمقراطية ليس فيها ازدراء أديان.
الدولة الديمقراطية الحديثة ليس فيها كاتب يتم حبسه بتهمة أنه فكَّر وكتب ونشر وأذاع تفكيره.
لا تتم فيها مطاردة المفكرين والمجددين والمجتهدين والباحثين.
ليس فيها كهنوت دينى ولا مؤسسة تملك حق مصادرة التفكير.
ليس فيها أحزاب دينية تتطرمخ عليها كل أجهزة الدولة وتزعم أنها ذات مرجعية دينية وكأن الأحزاب المدنية كافرة مرجعيتها غير دينية مثلاً!
الدولة الديمقراطية المدنية الحديثة ليس فيها وصاية من أجهزة أمنية على العقل.
ليس فيها أجهزة أمنية تتدخل فى السياسة وتدير الحياة السياسية وتجنِّد الأتباع.
ليس فيها انتهاك لحقوق الإنسان وحماية ورعاية من المسؤولين للمنتهكين وطرمخة على التجاوزات والانحرافات.
ليس فيها انتهاك الحياة الخاصة للمواطنين وإذاعة تسريبات ومكالمات للمواطنين فى تنصُّت فاضح وفى اختراق فاجر للقيم الإنسانية.
ليس فيها حبسٌ احتياطىٌّ ممتدٌّ مفتوحٌ بلا مدَّة ولا تحديد ولا توقيت.
ليس فيها أقسام شرطة تتحوَّل إلى أماكن للتعذيب.
الدولة الديمقراطية المدنية الحديثة ليس فيها جهاز إدارى فاشل يعطِّل الاستثمار.
ليس فيها نظام تعليمى يدعو للجهل ويربِّى قطعانًا ويقتل الإبداع ويعتمد على الحفظ والتلقين.
ليس فيها أجهزة وشخصيات فوق القانون.
ليس فيها رئيس ملهم ولا نصف نبى.
ليس فيها مجلس نواب يصفِّق كأنما انتخب كى يصفِّق، ورئيس برلمان يحول خطبته للرئيس إلى قصيدة فى مدح الخليفة العباسى!
ليس فيها لواءات فى كل ركن من الحياة المدنية، من رئيس الحى إلى محافظ الإقليم إلى رؤساء الهيئات إلى مساعدى الوزير إلى الوزير إلى الأمناء العموم لكل حاجة لها أمين عام.
ليس فيها مجلس وزراء لا يفهم فى السياسة ولا يعرف يتكلَّم فيها ولا يمارسها.
ليس فيها كله تمام يا أفندم.
ليس فيها أحلامك أوامر.
ليس فيها بناءً على تعليمات وطبقًا لتوجيهات.
ليس فيها احتواء للشباب بل تمكين له.
ليس فيها دستور يتم تحنيطه وانتهاكه والسماح بالتهجُّم عليه من مسؤولين ونواب ومخالفته من أجهزة بينما كل ما امتدحه الرئيس من وجود شباب ونساء وأقباط ومتحدِّى إعاقة فى البرلمان بفضل الدستور الذى يتجاهلون العمل به فى صفاقة حكومية منقطعة النظير.
الدولة المدنية الحديثة الديمقراطية ليست ما تفعله حكومتك ولا أجهزتك إطلاقًا يا سيادة الرئيس، فإما أخذتهم إليها وإما أبعدوك عنها.
إن أول ما يجب أن ننجزه كى نقف على أعتاب الدولة المدنية الحديثة الديمقراطية أن نطبِّق الدستور وأن ترحل كل الوجوه التى اخترتها طبقًا للدولة القديمة، وتختار من جديد وأنت تضع مهمتك بناء الدولة الحديثة التى لا يمكن أن يبنيها المسؤولون الذين اخترتهم من عصر ديناصورات الدولة القديمة ومن حفريات الدولة الدينية ومن لواءات الدولة البوليسية!!