مصر الكبرى
أحمد حمدي يكتب : محمد أمين والخيانة العظمي !
" دعوة مننا لكل من يريد أن يخدم مصر .. بالمصالحة الوطنية , وكما قال محمد أمين .. دع الصندوق يقول كلمته "
إنتهي إعلان شفيق , ليبدأ الهجوم علي أمين .. خاصة وأن المتابعين لكتابات "أمين" الصحفية , يجدون أنه كان المعارض دائماً للنظام السابق المتمثل الآن في شخص الفريق " شفيق " . فكيف للكاتب الصحفي المعارض الذي أعلن تأييده لحمدين صباحي في الجولة الأولي إنتصاراً للثورة , أن يأتي اليوم لدعم شفيق مرشح النظام القديم ضد مرسي مرشح النظام الجديد !
ثم بدأت الأسئلة المنطقية .. هل باع أمين الثورة ؟ هل خان أمين دماء الشهداء ؟ تُري كيف حصل أمين علي الملايين ؟ أحملهم في شنطة سامسونايت أم بتحويلِ بنكي ؟ أهو بنك إسلامي طاهر أم بنك ربويّ عاهر ؟!هل يركب أمين الآن جاجوار أم لمبارجيني ؟ وما حكم الشرع في اللمبرجيني ؟!هل يشرب أمين سيجاراً فاخراً ؟ وهل هو ملفوف علي أفخاذ العذاري ؟ ثم من أدراه أنهن حقاً كانوا عذاري ؟!
كل تلك الأسئلة المحورية والعميقة أخذ يتناولها مشاهدي الإعلان وتجلي ذلك عبر تعليقاتهم علي مواقع التواصل الإجتماعي .. ولكن دعونا نتسائل أولا , هل تم إعلان الفريق شفيق بموافقة من أمين ؟ أم أنه إستخدام مشروع لكلمات كاتب تدعو الناس للمصالحة الوطنية وإحترام آراء الصناديق ؟
ثم أنه بافتراض حتمية موافقة " أمين " علي إستخدام كلماته في الإعلان , فأعتقد أننا بصدد الحديث عن موافقة " دا سيلفا " أيضا !
فهل مثلا أخذ الفريق " شفيق " ضوءاً أخضراً من دا سيلفا لإستغلال إسمه وصورته وتجربته عبر إعلان تلفزيوني ؟
أعتقد أنه لا أحد في حملات مرشحي الرئاسة أجمعين يعلم من يأتي ب " دا سيلفا " .. وحتي وإن عُثر عليه فسيحتاج إلي سنوات طوال لشرح المشهد الإنتخابي الحلزوني الذي نمر به , والاهم هو كيفية الشرح التعريفي لكلمة " فلول " عبر اللغة البرتغالية .. وهو الأمر الذي يجعل الحملة تبحث أي طريقة أخري غير دا سيلفا للتعبير عن صلاحية شفيق للمرحلة المقبلة !
ثم السؤال الآن .. هل وافق علاء الأسواني وحمدي قنديل ومحمود سعد وغيرهم من الإعلاميين والشخصيات العامة علي إستخدام صورهم وأقوالهم في الدعاية لمرشح الإخوان عبر المواقع الرسمية لحزب الحرية والعدالة ؟ بالطبع لا أيضاً .. بل إن بعضهم قد قام بنفي هذه الأقوال شكلا وموضوعاً , وهو ما يفتح تساؤلاً عن حكم الشرع في الدعاية الكاذبة لجماعة الإسلام هو الحل .. أم أن الأمر يندرج تحت بند الضرورات التي تبيح المحظورات !
ثم نتسائل أيضا .. هل تمت محادثات بين " الفريق شفيق" والفنان الشاب " حمزة نمرة " قبل استعانة شفيق بكلمات أغنياته للتقرب من الشباب عبر مؤتمره الصحفي المنصرم ؟ أعتقد أن ذلك من غير الوارد علي الإطلاق , لأن " نمرة " قد قابل تصريحات " الفريق شفيق " باستخفاف شديد وتهكم وسخرية لاذعة عبر حسابه الشخصي علي تويتر .. ومن المؤكد لو أن الفريق شفيق قد علم رد " نمرة " مسبقاً , ماكان ليتفوّه بلفظ لا عن مطربي الجيل ولا عن أغاني الجيل !
إذن فنحن أمام ثلاثة إحتمالات لا رابع لهما ..
الأول : هو أن القائمين علي الحملة الإنتخابية للفريق شفيق قد إستعانوا بكلمات محمد أمين كشخصية عامة وأقوالها هي ملك للجميع , وبما أن شعار حملة الفريق شفيق هو " مصر للجميع " , فلا بأس من استخدام كلمات الرجل من منطلق إن " زيتنا في دقيقنا " !
الثاني : هو أن أمين قد شاهد الإعلان شأنه شأننا , وأنه إن لم يقبل الأمر فهو لا يرفضه تماماً , خاصة مع الإنتماء الليبرالي للكاتب محمد أمين الذي طالما طالب بخطورة خلط الدين بالسياسة ..
الثالث : هو أن الإعلان جاء بترتيب بين أحمد شفيق والكاتب محمد أمين , وهو عن قناعة تامة بأن الفريق شفيق هو الخيار الأمثل للخروج من الأزمة !
وهنا نتوقف لحظات ودقائق وساعات , لطرح عدة تساؤلات ..هل تأييد الفريق شفيق حقاً هو خيانة للثورة ودماء الشهداء ؟ وهل تسليم السلطة للإخوان هو نصر للثورة وللثوار ؟!
دعونا نفكر سوياً دون أحكام مسبقة , وتشنجات وعصبية قد تأخذ كثيراً من تعقلنا , لنتخذ إختيارات وقرارات قد نندم عليها وقت لا ينفع الندم ..
فإذا استرجعنا الأحداث أثناء مرحلة الثمانية عشر يوماً التي سبقت تنحي مبارك , سنجد من إتجاهات الإخوان في التعامل مع الموقف الإجابة الشافية الوافية علي كل تلك التساؤلات .. فبعد موقعة الجمل التي طالما تم إستخدامها مؤخراً من قبل الإخوان للترويج ضد شفيق رئيس الوزراء آن ذلك .. بدعوي تورطه بشكل أو بآخر في الجريمة , وأن يده لا تخلو من دماء الشهداء .. فنجد الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح القيادي في جماعة الإخوان المسلمين آن ذاك قد أعلن في مداخلة هاتفية علي قناة الجزيرة بعد موقعة الجمل بأيام وقُبيل تنحي مبارك .. أن جماعة الإخوان تري ضروري تنحي الرئيس , وأنها ترحب بأن يقود المرحلة الإنتقالية شخصية وطنية مثل الفريق أحمد شفيق أو اللواء عمر سليمان !
تُري .. ألم تكن حينها أيديهما ملوثة بدماء الشهداء , أم أننا إكتشفنا تلك الحقيقة المفجعة بعد فتح باب الترشح للإنتخابات الرئاسية !
تُري حين ذهب " محمد مرسي " القيادي في الجماعة للقاء عمر سليمان للتفاوض بشأن الأحداث بعد موقعة الجمل وقت أن رفضت جميع قوي الميدان الحوار شكلاً وموضوعاً , هل إرتدي قفازاً في يده أم أنه إستخدم الديتول للتطهر من دماء الشهداء بعد اللقاء ؟
الواقع أن المتابع الجيد لجميع صراعات ومعارك الإخوان , سيجد دائماً نفس ذات الأسلوب الهجومي والإستراتيجية التخوينية مع إختلاف مسمياتها وفق طبيعة المنافس ..
فلو أن الإعادة بين مرشح الجماعة وعمرو موسي , لكان موقف جامعة الدول العربية من حصار غزة هو المحك والقياس في إختيار الرئيس القادم .. ولو أن الإعادة مرشح الجماعة والبرادعي , لكان الحديث عن حرب العراق قطعاً سيتصدر مشهد إنتخابات الرئاسة المصرية .. ولو أن الإعادة بين مرشح الجماعة وأحد المنتمين لأحزاب الكتلة المصرية , لكانت الرسومات الكارتونية لنجيب ساويرس هي حديث الساعة وكل ساعة !
بالأمس كان صراع الإخوان مع التنصيريين وأعداء الإسلام , واليوم صراعهم مع الفلول الملوثين بدماء الشهداء , وغداً سيكون الصراع مع اليساريين الملاحدة !
ومن هنا نستوضح إستغلال الجماعة لقضايا الوطن وفق متطلبات المرحلة , دون إيمان حقيقي بما يُعلنون ويُظهرون ..
ثم إن الحديث عن حتمية تصويت الثوار لمرسي بدعوي أنه كان رفيق ميدان في الثورة , لهو أمر يستحق التفكير المتعمق لطبيعة المشهد ..
فالواقع أن الإنتخابات البرلمانية والرئاسية أثبتت أننا أمام ثلاث فصائل رئيسية في مصر :
1 _ الإسلاميين .. المتمثلين في الإخوان المسلمين وحزب النور السلفي وبعض الأحزاب الأخري مع مريدين ومؤيدين بالملايين ..
2 _ التيارات الثورية المدنية .. المتمثلة في التيارات الليبرالية واليسارية الإشتراكية مع بعض التنظيمات الشبابية , وفصيل من الأقباط الذي يري أملاً في الجمهورية الثانية ..
3 _ النظام القديم .. وهم الساسة من رجال الحزب الوطني والنظام السابق ومن خلفهم رجال الأعمال المنتمين للحزب , مع كثير من أفراد وعائلات الطبقة المتوسطة , وفصيل من الأقباط المحافظون الذين يخشون وصول الإسلاميين ولا يثقون في قدرة التيارات الثورية المدنية ..
والمؤكد أن كل من الثلاثة فصائل له مشروعه الخاص الذي لا يوافقه عليه الفصيلين الآخرين بطبيعة الحال ..
وبالتالي فقد كان وقوف الإسلاميين إلي جوار التيارات الثورية منطقياً لإسقاط الفصيل الثالث , كما الحال لو كان الأمر يخص إسقاط نظام الإسلاميين .. لكانت التيارات الثورية بطبيعة الأمر ستكون جنباً إلي جنب جوار رموز النظام القديم .. رغم إختلاف أهداف كل منهما بالتأكيد !
وبالتالي فالإسلاميين من المفترض ألا ينتظرون من التيارات الثورية سوي الشكر والعرفان علي فترات التحالف بينهما في مرحلة إسقاط النظام القديم , لكنهم لا يملكون أن يحصلوا منهم علي إلتزام بالتأييد نظراً لإختلاف الأهداف والرؤي المستقبلية لكل منهما .
فالإسلاميين نزلوا إلي التحرير من أجل مشروع يؤمنون به , والتيارات الثورية الأخري كان لها مشروعاً أبعد ما يكون عن مشروع الإسلاميين ..
وبالتالي فالحديث عن عدم تأييد التيارات الثورية للإخوان بأنها خيانة الثورة غير وارداً .. وإلا فإنه مستقبلاً إذا إفترضنا القيام بثورة ضد الإسلاميين ويشارك بها رموز النظام السابق بجوار التيارات الثورية , يكون علي التيارات الثورية الإلتزام بإعادة النظام القديم وإلا يكون ذلك خيانة للثورة الإفتراضية !
ونعود إلي " أمين " .. بعد كل تلك الحقائق المثبتة التي لا تقبل الحريف أو التجريف .. هل مازلت مصراً علي أن محمد أمين وغيره من الكتاب والمفكرين الرافضين لتأييد مرشح الجماعة , أنهم قد باعوا الثورة ودماء الشهداء ؟!
دعوة للتفكير وعدم المكابرة .. دعوة لإعمال العقل !