مصر الكبرى

12:54 مساءً EET

قانون العزل يفرض رئيسا إخوانيا على المصريين

 
يبدو أن الإخوان المسلمين بدءوا يشعرون بإبتعاد الجماهير عنهم, فأرادوا ضمان الفوز في إنتخابات الرئاسة بالتزكية عن طريق استبعاد منافسيهم من الترشح. فقد قرر مجلس الشعب الذي تسيطر عليه الجماعة في 12 أبريل, تعديل قانون ممارسة الحقوق السياسية للمواطنين, عن طريق إضافة بند على المادة 3 ينص على حرمان كل من شغل مركزا هاما في الدولة خلال العشر سنوات السابقة على سقوط مبارك من الترشح للرئاسة. وراحت جماعة  الإخوان تهدد علانية بإتخاذ إجراءات حاسمة داخل البرلمان الذي تسيطر عليه وفي الشارع, من أجل استعادة سيطرتها على تطور الأحداث. ولما كان قانون العزل السياسي يخالف القواعد الدستورية التي تنص على المساواة بين المواطنين, فقد طالب بعض الفقهاء الدستوريين بعدم تصديق المجلس العسكري عليه, وإحالته إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فيه.
   ورغم إنقسام القوى السياسية من الأحزاب القديمة وجمعيات شباب الثورة والإخوان المسلمين وجماعات السلفية, إلا أن الصراع الحقيقي يجري بين تيارين اثنين فقط: تيار الإخوان المسلمين الذي يري ضرورة إقامة نظام ديني يعيد الخلافة الإسلامية في مصر, وتيار ليبرالي يعمل على إعادة مسيرة ثورة 1919, وبناء نظام مدني يقوم على أساس تبادل السلطة. ولما كانت الإنتخابات البرلمانيية قد أعطت التيار الإسلامي أغلبية تفوق 70 % , فإن إنتخاب رئيس للجمهورية يمثل ذات التيار سوف يحدد مستقبل النظام القادم في مصر, وبدلا من الجمهورية الثانية يبدا عصر  جديد للخلافة في مصر.   
   فقد تقدم 23 مواطنا للترشح للرئاسة بينهم ست مرشحين فقط لديهم فرصة النجاح في هذه الإنتخابات, ينتمون إلى فصيلين محددين. فثلاثة من المرشحين عملوا مع الرئيس السابق: عمرو موسى الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية والذي كان وزيرا للخارجية في عهد مبارك, وأحمد شفيق الذي كان قائدا لسلاح الطيران ثم عين وزيرا للطيران ورئيسا للوزراء لحوالي خمس أسابيع في عهد مبارك, وعمر سليمان الذي كان رئيسا للمخابرات العامة, وشغل منصب نائب الرئيس لبضعة ايام قبل تنحي مبارك عن الرئاسة.  وهناك ثلاثة مرشحين يمثلون للإخوان: خيرت الشاطر نائب المرشد العام للجماعة, ومحمد مرسي رئيس حزب الحرية والعدالة, وعبد المنعم أبو الفتوح الذي رشح نفسه من خارج الجماعة.
   إلا أن الخصم الذي لم يكن يتوقعه الإخوان كان هو اللواء عمر سليمان الذي فاجأ الجميع – ليس فقط بترشحه – بل كذلك بحصوله على تأييد كبير في الشارع المصري.  جاء هذا في وقت بدأ فيه الجماعة  تشعر بأن الناخب المصري قد تغير مزاجه بشكل مفاجئ, ولم يعد ينظر لها على أنها تعبر عن طموحاتهم في تحقيق آمالهم السياسية بعد الثورة. ورغم أن الإخوان لديهم ثلاثة مرشحين يتنافسون على كرسي الرئاسة, فهم يخشون أن يؤدي تغير المزاج الشعبي إلى فوز عمر سليمان.
   فقد بينت استطلاعات الرأي الأخيرة شعور الكثيرين بالإنزعاج من محاولة الإخوان السيطرة على وضع الدستور وكل السلطات في الدولة المصرية, وفرض نظام شمولي جديد بدلا من نظام الحزب الوطني الذي أسقطوه. وصار الناخبون يرون في عمر سليمان رئيسا يستطيع إعادة الأمن والطمأنينة إلى البلاد, وإعادة العلاقات الطبيعية بين مصر والدول العربية من ناحية, وبين مصر والولايات المتحدة من ناحية أخرى. ومحاولة منهم لإستبعاد عمر سليمان من حلبة السباق على الرئاسة, قرر برلمان الإخوان إصدار قانون يمنع ترشح كل من عمل مع الرئيس السابق حسني مبارك في السنوات الأخيرة للانتخابات الرئاسية. وعندما  أدركوا أن القواعد القانونية السارية في مصر لن تسمح لهم بالتخلص من سليمان بهذه السهولة, قرر الإخوان النزول إلى الشارع وحدهم, في تحد صريح – ليس فقط للمجلس العسكري الذي يشرف على المرحلة الإنتقالية – بل كذلك لشباب الثورة الذين رفضوا النزول معهم, ولجميع القوى السياسبة الوطنية التي تفضل تطبيق القانون وترغب في إعطاء الفرصة للناخبين أنفسهم لاختيار من يرونه صالحا لحكم البلاد في المرحلة القادمة.
   ويبدو أن الجماهير المصرية بدأت تدرك أنها أخطأت في منح أصواتها لجماعة الإخوان في انتخابات البرلمان, وتريد الآن اختيار رجل تثق في قدرته على إعادة الحياة الطبيعية إلى البلاد ومنع إحتكار الإخوان للسلطة. لهذا قررت الجماعة استخدام كل الطرق – القانونيو وغير القانونية – في سبيل السيطرة على رئاسة الجمهورية, حتى لو أدى ذلك إلى وضعهم في موقف مضاد لرغبة الجماهير والقوى الشعبية. فهل يتمكن الإخوان من الإنقلاب على ثورة 25 يناير وفرض سيطرهم بالقوة على شعب مصر؟

التعليقات