مصر الكبرى
“قلم وصاية” : ابطال الكوميكس .. ونجومية الشارع
من المعتاد ان تبدأ قصص مثيرة كثيرة بسلسلة من الأحداث الكبيرة، لا يعلم المشاهد سبب جمعهم كدة فى اول القصة – حتة واحدة – و لا ما علاقة تلك اللقطات بعنوان الفيلم!
و فى عالم السينما انت محكوم بمدى زمنى قدره ساعتين او ثلاث، اما فى الواقع فالوقت مفتوح و الاجزاء التالية، غير محدودة!و الجميع فى بلدنا – كافلام الجريمة – مشتبه فيهم و يزيد عليهم ان الجميع اصبح محققا!
كثيرين يريدون كرسى المخرج و يدعون انهم اصحاب القصة الاصلية!
كثيرون يرفضون دور البطل الثانى..كثيرون كبروا عن ادوارهم و يريدون القفز من البطولة المشتركة إلى البطولة المطلقة بينما الابطال المطلقين فى عالم الاضواء، يرفضون ان يزاحمهم احدا!
و بجانب كل العجائب، لدينا حالة استباق جنونية، على القفز على منصة الميدان و الصياح فى الميكروفون مع اظهار نبرة البكاء (قال يعنى صوتك خانك! علشان تقدر تظهر – بمعلمة- "حرقتك" على الحق و الخير و الجمال! يا عدوى!) و بعدين تذيع اللقطات دى بعد كدة على المشاهد اثناء مواسم الانتخابات! يااااض يا مؤمن!
ملايين من هم دون سن الخامسة و العشرون، هايموتوا يلاقوا انفسهم فى مؤتمر صحفى و يشبعوا فيه تصريحات و تصوير! لاجل ما يوعوا شعبهم البسيط – شوف ازاى- و معظم هولاء حالته تصعب على عمرو مصطفى و احمد ازبايضار انفسهم!
هناك حوالى 50 مليون مصرى مثلا، محروقون من بعض المتلصقين كذبا للثورة هولاء و كمان من نجوم الاعلام – و خصوصا الرياضى – اللى بيتمصلحوا على قفاهم! و الملايين دول هايموتوا انهم يلسعوا "الدبان الثورى" ده عشرة خماناشار تمناشار قلم سخن على قفاهم كدة فى السريع!لاجل كمية الانتباه و التركيز اللى واخدينها يا جدع! (هى برضه نفسنة..خد بالك!) و لا مدافع النصائح – يا معلم – اللى تجدها تندفع من فمهم لترجم المشاهد بنصائح مدرسية من اللى بتقولها للعيال قبل ما يروحوا المدرسة الصبح! كلام بيقفز لأسفل يا ريس! هولاء الاعلاميين اول ناس محتاجون لتوعية! اعلاميين محتاجين يتعلم عليهم!
نصف اللى عاوزين يوعوا الناس من شبابنا الاعزاء (اللى بيعادوا الثورة من جواهم بس مخبيين) محتاجين هما انفسهم يتوعوا، خصوصا اللى بيلطعوا كتاباتهم فى مدونات باسمهم الثلاثى دول!
البطل علشان ينفع بطل "سونيمائى" موكول له حل تقريبا جميع امراض الفيلم و لا يستقيم ان يكون هو نفسه مريضا يا عم الحاج! الا ان الفرق بين ما يريده المؤلف و ما يعرفه البطل كبير، و ده بقى يا ريس هو ما اقصده!
احنا كشعب اصبح عندنا هوس بالبطولة العلنية..من اللى فيها تكريم مادى و معنوى و فيها معجبات..و اللى فيها حوارات صحفية مع جنس الاعلاميين دول! (قريبا هانعتبرهم كائن جديد!)
و هنا يبرز سؤال مستفز "طحن" و هو: هل لابد ان تقترن البطولة بالتكريم؟ يعنى هل تعمل العمل البطولى و انت تعلم انه لن يجئ ابدا هذا اليوم و يكشف عن اسمك و يتعمل عنك مسلسل 3 اجزاء؟
اعتقد نعم..و لكن هل هذا ما يحدث الان؟
اعتقد لا!
الا ان هناك ايضا البطل الذى يقوم بمجازفة استعراضية (كفنانى السيرك) هدفها الريئسى التصفيق و الاستحسان!
الابطال يكثرون جدا اكثر من سعة استيعاب ذاكرة المشاهد! و يملأون الارض و الفضاء باحاديثهم و صورهم، و يجئ من بعدهم آخرون فى زمن قصير جدا..ليزايدوا على الاولانيين دووول بأفعال اكثر تهورا و شذوذا، ليقوم هولاء و اولئك بافعال رمزية اخرى لتحولها الة الاعلام الجهنمية إلى حلقات (كوميكس) معدلة من الرجل الوطواط و الرجل العنكبوت و قريبا..الرجال اكس!
المسألة اصبحت كأن يتحول بطل الشاشة الفضية إلى بطل من لحم و دم و يعامل على انه فعلا هذا "الفسل" بالموسيقى التأثيرية اياها و بالقطعات بتاعة المخرج اياها و بالبوستر بتاع المعلن اياه!
هذا ما اقصده! النجومية يا معلم! هل هى تراث شخصى و لا "تنطيط" على الجيران مثلا؟
اليس منطقيا ان تجد احدا مثلى يريد ان يهيل التراب على جوعك و نهمك الرخيص للشهرة و النجومية؟ لماذا تريد قبض ثمن البطولة بشكل مباشر؟ ثم لماذا الثمن..النجومية؟!
هل كنت تقوم بالبطولة حتى و هى لن تكيل بالمال؟ اتفعلها و ان اصبحت كالعلم الذى لا يكيل "الا بالباذنجان" عندنا؟
اما تأملت قصة شهيد عملية "الطريق إلى ايلات" (الذى جسد دوره الفنان الراحل محمود عبد الله) مثلا؟ هل تريد ان تقول لى انه كان مجبرا؟
اكاد اسمع مليون عنترى يقول بصوت جهورى: طبعا! ده واجب! دى لوجه الله و الوطن!! اكاد اتخيل مليون "شملول" يقولون هذا ان سمعوا هذه "الاتهامات" منى! ☺
ربما احببت ان يقال عنى بطل! و لكن ما قيمتها ماحدش هايفتكرنى!؟!
هنالك ذلك النوع من الفراشات فى بلدنا الذى يسعى وراء لهب شمعة البطولة و النجومية حتى و ان احترق فى ستين داهية ان شاء الله!!
ان ما يحدث حولنا يتنافى حتى مع ما ذكرته الكوميكس! صدقنى! هولاء كانوا يخفون حقيقتهم طوال الوقت! يوجد ابطال و يعيشون فى الظل! من غير بدلة السوبر هيرو! هولاء يفعلون كل شئ مجانا لوجه الله و وطنهم و ربما لم يعلم اولادهم شيئا قبل وفاتهم! و ربما عانى اولادهم الامرين فى حياتهم بعدهم من جراء الاهمال و التجاهل..الا ان هولاء فعلا كانوا ابطالا..و ليسوا نجوما..البطولة فى حد ذاتها مشبعة لفاعلها..هى نجومية لا تساويها اى نجومية سيقرضها لك – و لو مؤقتا ايضا- الاعلام و الفن!