مصر الكبرى
500 مليار دولار منهوبة من مصر وخارج البلاد
عقارات جمال مبارك وأموال بطرس غالي تحت مهجر الحقيقة
لندن – يسري حسين
تحتمي مجموعة من رجال الأعمال المصريين الفارين بأموال مصر بطبيعة وظروف الحياة البريطانية ، في ظل تراخي الحكومات التي جاءت بعد الثورة نتيجة فشلها في توجيه اتهامات أو صدور أحكام قضائية تُلزم الفارين بإعادة الأموال التي تم نهبها من مصر عبر سنوات حكم مبارك . خصوصاً في الحقبة الأخيرة ومنذ عام 1991 على وجه التحديد .
يقول الخبير الاقتصادي المصري عبد الخالق فاروق ، أن حجم الثروة التي تراكمت في يد الدائرة المحيطة بمبارك من رجال الأعمال ، تقدر منذ عام 1991 بحوالي 500 مليار دولار تم تهريبها إلى الخارج كلها .
ويعطي الخبير الاقتصادي مؤشرات على اتهاماته بأن المهندس أحمد عز أمين تنظيم الحزب الحاكم السابق حقق خلال فترة وجيزة من ظهور نجمه على مسرح رجال الأعمال المصري ، حوالي 15 مليار دولار . وهذا رقم خرافي لا يتم تحقيقه حتى داخل الامبراطوريات الرأسمالية العريقة في أوروبا والولايات المتحدة .
وقد تحركت الحكومة المصرية في عهد رئيس الوزراء الأسبق عصام شرف لدى بعض الدول الأجنبية مثل بريطانيا وسويسرا فجمدت الأخيرة بعض الأرصدة في البنوك السويسرية ، كما قامت بريطانيا بتجميد مبلغ 45 مليون جنيه استرليني فقط في بنوكها .
ولا تزال المبالغ الضخمة من حصيلة 500 مليار دولار ضائعة في بنوك أوروبية نتيجة تقاعص الحكومة وعدم ضغطها على حكومات في أوروبا لتجميد رصيد الأموال التي تم تهريبها من قِبل رجال أعمال مصريين إليها .
وهناك شكوك بأن بريطانيا بها الجزء الأكبر من هذه الثروة ، لأنها كانت خلال عهد مبارك العاصمة الأكثر جذباً لرجال أعمال كانوا يتحركون فيها ولديهم استثمارات قوية في سوق الأموال البريطاني .
ما يعزز هذا الاتجاه أن جمال مبارك مؤسس سلطة رجال الاعمال في مصر ، كان يقيم في لندن ويعمل بأحد بنوكها ومن خلال هذا الموقع كون ثروته الخيالية بشراء العقارات والدخول في صفقات والمساهمة في صناديق مالية وتحقيق الأرباح من مشاركة لرجال أعمال مصريين داخل مشروعات لهم في أوروبا أو أخرى بمصر .
ولا تزال أملاك جمال مبارك في لندن كما هي لغياب أي تحرك مصري للاستحواذ عليها كما فعل الليبيون الذين تمكنوا خلال الفترة الأخيرة من الحصول على عقارات اشتراها سيف الإسلام القذافي نجل العقيد الراحل بأموال الشعب الليبي .
وقد تعاونت الأجهزة البريطانية مع المطالب الليبية لأنها كانت محددة ومدرجة في كشوف موثقة بالبيانات عن ثروة سيف الإسلام وأبناء القذافي في لندن ، بينما الوضع بالنسبة للقضية المصرية غامض وملتبس نتيجة تراخي الحكومة في الضغط على البريطانيين الذين يؤكدون استعدادهم للتحرك لو بدأت الحكومة المصرية نفسها بالعمل في هذا الاتجاه لاسترداد أموال مصر المنهوبة في الخارج .
وما يعزز طرح الأسئلة تحول العاصمة البريطانية إلى تجمع يضم رجال الأعمال الفارين من البلاد بجانب رموز السلطة السابقة التي انتهت بسقوط مبارك .
ويتحرك في < لندن > بحرية شديدة وزير المالية الأسبق يوسف بطرس غالي الصادر ضده حكم بالحبس في مصر يقترب من الثلاثين عاماً . لكن < غالي > لا يزال حراً وطليقاً يتمتع بأمواله التي هربها بالتأكيد إلى لندن وجاء إليها ليحرسها بوجوده في العاصمة البريطانية .
تشير تقارير أن < غالي > يعمل للرجوع إلى مصر واسترداد أمواله وعقاراته الموجودة في القاهرة ، وما يشجعه هو الحديث عن مصالحة مع الفارين بأموال مصر وإنهاء التقاضي ضدهم ضمن سياسة < عفا الله عمّا سلف > .
وبدلاً من مطاردة الحكومة المصرية للاموال المهربة يتحدث البعض داخل الوزارة الحالية والمجلس العسكري عن إحتمالات قوية بفتح باب المصالحة ، وبهذا يمكن عودة غالي ورشيد محمد رشيد وآخرين يقيمون في بريطانيا ويتمتعون بالأموال الطائلة التي تحت أيديهم .
يفكر هؤلاء خلال تجمعهم بالعاصمة البريطانية لتشكيل مجموعة ضغط إضافية على الحكومة المصرية . هناك اتجاه لمحطة تليفزيونية ولإصدار صحيفة يتولاها إعلامي مصري معروف موجود بدوره في بريطانيا .
رجال الأعمال في لندن لديهم كل شئ : الأموال والعقارات والإعلام بالإضافة إلى تسهيلات من السفارة المصرية بلندن المقربة منهم ولعلاقات وثيقة مع وزير التجارة الأسبق رشيد محمد رشيد الذي يقيم بين بريطانيا ودولة قطر .
كان السفير المصري حاتم سيف النصر في وداع واستقبال رشيد خلال تنقلاته من لندن والدوحة . وهو لديه علاقات قوية بمجموعة رجال الأعمال التي تفكر في ترتيب أوضاعها بلندن لتشكل مجموعة ضغط تناصر سجناء طرة والرئيس المخلوع مبارك وتمهد الأرض لعودة ميمونة في ظل أجواء الانفتاح عليهم والتي بدأت بحديث المصالحة .
يتعجب د. حسام عيسى الذي يطالب بعودة أموال مصر المنهوبة من الخارج ، بشأن ما يُطرح من أجواء المصالحة ، فكيف في رأيه يتم تصالح مع من أفسدوا الحياة السياسية ونهبوا أموال المصريين .
إن حجم 500 مليار دولار ليس هيناً ويكفي لإعادة تشغيل مصر بالكامل وبث روح العمل لو تم استرداد هذه الأموال الغائبة في بنوك أجنبية منها بريطانية . لكن ما يردده حسام عيسى ود. محمد محسوب عميد كلية حقوق المنوفية ، لا يشغل بال مجموعة < لندن > التي بدأت تسترد أنفاسها وتخطط لمرحلة مقبلة ولديها عشرات الأوراق لإعادة بعث نشاطها ونفوذها على أمل عودتها إلى مصر واستعادة مكانتها مرة أخرى وخروج أحمد عز من السجن مع جمال مبارك وشقيقه علاء بجانب المخلوع أيضاً .
هناك استراتيجية تقودها مجموعة لندن التي تتحرك بنشاط في العاصمة البريطانية ولديها الأموال الضخمة التي تملكها وهي غير مجمدة ولا معرضة لتهديد ما .
هناك قناعة بأن برلمان الكتاتني لن يفعل شيئاً تجاه هذه الأموال ، لأنه مشغول بقضية الحجاب واللحى وإلغاء تعليم اللغة الإنجليزية وإصدار تشريعات بشأن النساء وعودتهن إلى بيوتهن وطرق وظائفهن المحرمة عليهن لاختلاطهن فيها مع الرجال الأشرار .
مجموعة لندن تخطط ومعها المال والعقارات والإعلام لمرحلة جديدة لشن الهجوم المضاد واستخدام ورقة المصالحة للتأكيد بأنها لم ترتكب شيئاً تحاسب عليه أمام محكمة الجنايات ، وإنه يمكن تسوية مخالفات مالية مخدودة بدفع بعض الأموال البسيطة وغلق الملف وإعادة الحزب الوطني مرة أخرى وأمينه العام أحمد عز للمساهمة في الحياة الديمقراطية في ظل حزب العدالة والحرية والآخر النور السلفي .
مصر مقدمة على عصر جديد في رأي مجموعة لندن وهم لا يمكن لهم الابتعاد عن ما يحدث في البلاد إذ سيعود رأس المال للتجاوب والنشاط ، وإن كان على قواعد إسلامية على طريقة أحمد الريان وغيره من رموز مرحلة توظيف الأموال .
وهناك خطط متعددة لمجموعة لندن ، لكن أهمها الاحتفاظ بأموالهم المهربة تحت سيطرتهم . والحكومة البريطانية تقول إنها غير مسؤولة عن هذا الوضع ، فلم تطلب مصر رسمياً أي شيء بالنسبة لهؤلاء الناس ، بل أن السفارة المصرية في لندن تتعامل معه بإحترام وتقدير وبشكل رسمي للغاية .
أكد هذه الحقائق وزير شؤون الشرق الأوسط بالخارجية البريطانية ألستر بيرت حيث نفى وجود أي طلب مصري رسمي بشأن أموال غالي وغيره من مسؤولين مصريين سابقين لديهم أموالهم وعقاراتهم في البلاد مثل جمال مبارك وشقيقه علاء بالإضافة إلى مليارات مودعة بإسم عشرات الأفراد الذين نهبوا هذه الأموال وهربوا بها إلى لندن حيث تستقر في أمان كامل وفي ظل حماية القانون .
حكاية رجال الأعمال المصريين الفارين إلى لندن طويلة وشيقة وتدل على < الوكسة > الكبيرة ، إذ بعد مرور سنة على الثورة لا تزال الأموال المهربة آمنة وأصحابها انتقلوا من مرحلة الكمون والاختفاء والانزواء إلى التحرك تحت ضوء الحياة البريطانية الجميلة .
يتحرك يوسف بطرس غالي في لندن كما يريد فالقانون البريطاني يحميه ، لأن الحكومة المصرية لم تفكر حتى الآن في التحرك لتوجيه اتهامات أو لاسترداد الأموال التي هربها إلى العاصمة البريطانية . وغالي ليس وحده فهناك العشرات والقصة طويلة والأسرار كثيرة ، لكن المهم اننا فتحنا الملف لقراءة أوراقه المثيرة لمطاردة أموال المصريين المهربة والتي يقال انها حوالي 500 مليار دولار تم اخراجها من قِبل رجال أعمال وأنصار الرئيس المخلوع