كتاب 11
مشاعر ..يعنى إنسان
الإنسان كتلة من المشاعر ,تحركه تفاعلاته مع المواقف التى تمر به ويتأثر بها , قد تكون تلك المشاعر معبرة عن الفرح والسعادة , وقد تكون حزينة كئيبة , قد تكون معبرة عن الحب وإمتلاك قلب مُحب أو صديق مخلص, وقد تكون كره وضغينة وخيانة ,قد تكون رحمة وقد تكون قسوة وسواد , حالات كثيرة قد تسيطر على الإنسان ,تغير من نمط حياته اليومية ومسارها, ومدى تقبله للآخرين,فالمشاعر والأحاسيس هى إنعكاس لصورة الأحداث والأشخاص على نفوس البشر.
وكما إستطعنا تقسيم المشاعر الإنسانية لعدة أنواع, فيمكننا أن نقسم البشر ايضاً الى نوعين : أحدهما يتميز بالرقة والعُذوبة والمشاعر الفياضة , والآخر يتميز بالصلابة وتحجر المشاعر,ولكن هذا التقسيم لايعنى بالطبع ان الإنسان يولد وبداخله هذه الصفات , ولكنها نتاج لما يتعرض له هذا الشخص من ظروف حياتية ,فما قد يتعرض له الإنسان فى حياته قد يكون له تاثيراً مباشراً على تكوينه النفسى .
وقد يفصح الإنسان عن مشاعره تجاه الأحداث والمواقف التى تمر به ,فيكون أكثر نشاطاً وحيوية وتفاعلاً مع الآخرين ,وقد يلتزم الصمت ويكبت مشاعره ويقمعها,وهذا يمثل ضغطاً نفسياً قاتلاً عليه,ومع تكرار عدم التفاعل مع الغير والتزام الصمت, يضعف تفاعله من الآخرين حتى يصاب بتبلد الأحاسيس وجفاف المشاعر وقسوة القلب ,لذا من المحبذ أن يعبر الإنسان للآخرين عن مشاعره الإيجابية أو السلبية تجاههم,حتى ينشط أداؤه العاطفى ويقوى علاقته بالآخرين فكما قال رسولنا الكريم صل الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين (إذا أحب أحدكم صاحبه أو أخاه فليعلمه,فإنه ابقى فى الألفة واثبت فى المودة) .
فالمشاعر والأحاسيس هى المترجم الروحى لأى مشهد تراه أو موقف تتعرض له أو كلمة تسمعها ,هى الرحمة والمودة ,والطيبة والصدق والإخلاص,هى الوفاء والتسامح,وهى أيضاً الكراهية والحقد,الغل والحسد,الخيانة والقسوة,ولكن كيف نتعايش مع كل تلك المتناقضات,وكيف نتعامل مع الآخرين ,هل نبادلهم الحب بالحب , والكره بالكره, هل نبدأ بالهجوم أم نتروى ونفترض حسن النية فى الطرف الآخر حتى يثبت العكس, وإذا لم يحدث ماتوقعناه,وتعرضنا للضرر والخذلان ,هل نعاملهم بنفس المعاملة أم يكون لنا موقف آخر؟ وكيف نعرف العدو من الصديق, والمحب من المخادع؟
ومن واقع تجاربى فى الحياة يجب أن نكون حريصين فى التعامل مع الآخرين لانعطى بلا حدود, ولانمنح ثقتنا لآى أحد , لانكون مسرفين فى عرض مشاعرنا على الآخرين,وان افتراض حسن النية يكون بعقلانية فلا نلغى العقل ولا نلغى القلب ولكن يكون القرار نابعاً من الإثنين ,وحين نتأكد من نية الشخص الذى نتعامل معه يكون رد الفعل .
أما فيما يخص كيفية التعرف على العدو من الصديق والمحب من المخادع فدعونى أوضح أن العدو هو من يعاديك فى السر والعلانية ,ويحاول تسليط الاضواء على أخطائك أمام الناس,والإقتصاص منك ومحاولة إذلالك وإهانتك ,والتقليل من شأنك ,ويجد فى ذلك متعة كبيرة, والصديق هو الصادق معك المصدق لك ,الذى يحبك بكل مزاياك وعيوبك ويحاول أن يرد غيبتك ,يقف معك فى لحظاتك الصعبة قبل الهادئة السعيدة , أما المحب فهو لايرى فيك سوى كل جميل,يراك صادقاً ولو كنت كاذباً,يراك طيباً ولو كنت قاسياً عنيفاً , يتمنى لك الخير ويقدمه لك,يرضيك حتى لو على حساب نفسه, والمخادع اللهم إحفظنا جميعاً منه,فهو أغبى مخلوقات الله,إنسان يهوى جرح القلوب,والغدر بمن منحه ثقته,لايهمه أحد سوى نفسه,يفرح لمهانتك ,عاشق لفن التمثيل, هوايته إختلاق سيناريوهات للإيقاع بك,وأخيراً شئنا أم ابينا (إنك لاتهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء).