عرب وعالم
سلطنة عُمان تتخذ حزمة من السياسات والإجراءات الاقتصادية لمواجهة تداعيات انخفاض أسعار النفط
أحدثت الانخفاضات المستمرة لأسعار النفط العالمية نتيجة تراجع الطلب عليه، هزة عنيفة وصدمة قوية لمعظم اقتصاديات الدول المنتجة والمصدرة للنفط وعلى رأسها بالطبع دول مجلس التعاون الخليجي وإن تفاوتت الـتأثيرات السلبية حسب نسبة إنتاج وتصدير النفط في كل دوله على حده.
وقد أدى التراجع المستمر لأسعار النفط إلى ظهور عجزاً مالياً في الميزانيات الجديدة لدول مجلس التعاون الخليجي، وإن تفاوتت نسبة العجز في ميزانية كل دوله، حسب اعتماد اقتصادها على تصدير النفط.
ومع توقعات خبراء الاقتصاد باستمرار تواضع النمو العالمي بالذات خلال النصف الأول من العام المقبل (1-2%)، وأن الاقتصاد الأمريكي سيستغرق وقتاً لكي يحقق ثباتاً في مسيرة النمو، وكذلك الحال بالنسبة للاقتصاديات الأوروبية، وأن معدل نمو الاقتصاد الصيني سيظل بحدود 8% ، وأن هناك خطرا متزايدا بشأن الركود في منطقة اليورو. فإن التداعيات الاقتصادية السلبية ستكون ذات أثر بالغ على اقتصاديات دول الخليج.
وكانت سلطنة عُمان من أوائل الدول الخليجية التي اتخذت مجموعة السياسات والإجراءات الاقتصادية لتفادي التداعيات السلبية المستمرة لانخفاض الأسعار العالمية للنفط.
فقد أقر مجلس الوزراء عدداً من الإجراءات لمواجهة تأثيرات انخفاض أسعار النفط بما يكفل استدامة الأوضاع المالية للدولة؛ وأهمها: تخفيض الإنفاق الحكومي، وتنمية الإيرادات غير النفطية من خلال رفع معدلات الضريبة على أرباح الشركات، ومراجعة ورفع الرسوم على بعض الخدمات الحكومية، وتعديل أسعار المنتجات النفطية بما يتوافق مع الأسعار العالمية لتلك المنتجات ابتداءً من منتصف يناير 2016م.
وتزامنت هذه الإجراءات مع إقرار مشروع الخطة الخمسية التاسعة (2016-2020م) والتي تضمنت خمسة قطاعات رئيسية للتنويع الاقتصادي هي الصناعة التحويلية والتعدين والسياحة والثروة السمكية والنقل واللوجستيات، ويعد هذا الأخير من القطاعات التي وجدت اهتماما اكبر في السنوات الأخيرة لزيادة استفادة البلاد من موقعها الاستراتيجي ومن المنتظر ان يجد هذا القطاع دعما قويا بعد تنفيذ مشروع خط السكة الحديدية وتحقيق التكامل بين منظومة الموانئ في السلطنة، ونجحت قطاعات مثل السياحة في تحقيق نقلة جيدة في القطاع بناء على مؤشرات فعلية لقياس الاداء منها أعداد السائحين وحركة السفر ومنشآت السياحة ومساهمة القطاع في الناتج المحلي وتصل المساهمة المباشرة لقطاع السياحة في الناتج المحلي الاجمالي للسلطنة حاليا 2% وترتفع إلى الضعف عند حساب مساهمة القطاع المباشرة وغير المباشرة للقطاع في الناتج المحلي.
وتهدف الخطة إلى تمكين السلطنة من الاستفادة من الثروات التعدينية المتاحة بكفاءة ومن خلال تشجيع القطاع الخاص على تنمية وتطوير هذا القطاع وزيادة نسبة مساهمة القطاع والشركات الوطنية العاملة في هذا النشاط الاقتصادي لتصل إلى 35 % مع نهاية فترة الخطة التاسعة مقابل نحو20 %في الوقت الحالي.
كما تهدف الخطة إلى تعزيز دور القطاعات الاقتصادية غير النفطية في الاقتصاد العُماني وتنفيذ ومتابعة وتقييم جميع المشاريع الاستثمارية في القطاعات الاقتصادية غير النفطية مع مراجعة القوانين والتشريعات والإجراءات بمشاركة جميع الأطراف المعنية بما يحقق أهداف التنمية الشاملة والمستدامة؛ ضمن الرؤية المستقبلية للاقتصاد العماني 2040.
وأكد محللون وخبراء أن السياسات الفعالة لتحقيق التنويع الاقتصادي يمكنها التغلب على التحديات التي فرضها تراجع أسعار النفط، وأشاروا إلى أن القطاعات الواعدة التي يتمثل ركائز للخطة الخمسية التاسعة تحتاج إلى ضخ استثمارات كبيرة وتوجيه الإنفاق الاستثماري الحكومي واستثمارات القطاع الخاص إليها حتى تتحول إلى رافد حقيقي للاقتصاد، كما ان التشريعات والقوانين ومنظومة الإجراءات التي تحكم هذه القطاعات بحاجة إلى مراجعة شاملة وتطوير حتى لا تكون عائقا يحد من جهود القطاعين العام والخاص لتطوير القطاعات التي تخدم التنويع الاقتصادي.
وفي هذا السياق أشاد البنك الدولي بالإجراءات الاقتصادية للسلطنة في التعليم والصحة والتنوعِ الاقتصادي، مؤكداً أن مراجعة سياسات الإنفاق العام التي اتبعتها السلطنة يعتبر أمراً مهماً يؤدي بدوره إلى إفساح المجال للسياسات التي من شأنها تحفيز التنويع الاقتصادي واستدامة التنمية وتنمية القطاع الخاص وتوفير الفرص الوظيفية. كما أكد البنك الدولي أن مساندة التعليم والصحة والتنوع الاقتصادي يسهم في رفع رفاء المجتمع بشكل أعلى وهو أمر تعمل عليه السلطنة بكل كفاءة واقتدار.